هل احتفظت” إسرائيل ” لنفسها بحرية عملياتية في سماء إيران؟

هل احتفظت ” إسرائيل ” لنفسها بحرية عملياتية في سماء إيران؟
رغم دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ تثار تساؤلات حول إمكانية صموده، وتشدد تصريحات المسؤولين في تل أبيب على أن إسرائيل أبقت لنفسها هامشًا للعمل العسكري المستقبلي وحرية عملياتية لسلاح الجو في إيران منعا لاستئناف البرنامج النووي.
جاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الليلة الماضية ودخل حيّز التنفيذ صباح اليوم، الثلاثاء، بشكل مفاجئ وسريع؛ وبينما تسود شكوك حول مدى صموده، تبرز تساؤلات حيال ما إذا كانت إسرائيل قد احتفظت لنفسها بهامش حرية عملياتية يسمح لها باستئناف الهجمات الجوية على إيران “عند الحاجة”.
وبحسب ما أوردته هيئة البث العامة الإسرائيلية (“كان 11”)، فإن التفاهمات التي أفضت إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران “ليست مكتوبة”، ولا تتضمن سوى تفاهم عام على “وقف متبادل للنار”، دون التطرق إلى قضايا مركزية كالمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة أو مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن هذه التفاهمات “تفتح الباب أمام مسار تفاوضي بين طهران وواشنطن”، وشكك كذلك في كونها تمنح إسرائيل حرية العمل الكاملة ضد “تعاظم القدرات الإيرانية ما لم يكن هناك تقدم ملموس” في برنامجها النووي، “كما أنه من غير الواضح متى ستُعقد المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وما إذا كانت إيران مستعدة الآن للتنازل عما لم توافق عليه حتى الآن”.
بدوره، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في بيان مصور تحدث من خلاله للإسرائيليين، مساء الثلاثاء، إن إسرائيل لن تتردّد في تنفيذ هجمات إضافية إذا استؤنف العمل على البرنامج النووي الإيراني، في تهديد فسرته وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه تهديد مستقبلي لإيران.
في حين، قال مسؤول آخر إن إسرائيل “لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي أو بتطوير صواريخ باليستية تهددها”، مشددا على أنه “إذا تم رصد أي تحرك إيراني بهذا الاتجاه، فإن إسرائيل ستعمل على منعه بقوة”.
في الوقت ذاته، رجّحت تقديرات إسرائيلية أن إطلاق صواريخ من إيران بعد سريان وقف إطلاق النار صباح الثلاثاء نفذ دون موافقة القيادة العليا في طهران، إذ تم اعتراض صاروخين أُطلقا نحو إسرائيل دون تسجيل إصابات، ولفت إلى أن إسرائيل لم تكن تعتزم الرد على الصاروخ الذي أطلق مباشرة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
في سياق متصل، قال وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال جلسة للجنة الخارجية والأمن، مساء الثلاثاء، إن عددا من المسيّرات أُطلق من إيران باتجاه إسرائيل خلال اليوم بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، مضيفًا أن “جميعها أُسقطت”، وأن “الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الاكتفاء بعمليات الاعتراض وعدم الرد”، بحسب القناة 12.
وأضاف كاتس أن إيران “لم تعد تمتلك قدرة على إنتاج سلاح نووي”، مشيرًا إلى أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بإعداد “خطة إنفاذ” مشتركة مع الأميركيين، على غرار نموذج لبنان، ولكن “أوسع بكثير”، لردع أي محاولة إيرانية لاستئناف النشاط النووي أو تطوير الصواريخ.
من جهتها، أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن تدخل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أوقف في اللحظة الأخيرة هجومًا إسرائيليًا كان مقررا أن يستهدف ما بين 15 إلى 20 موقعًا في إيران. وذكرت أن الطائرات الحربية كانت في طريقها لتنفيذ الضربة، حين طلب ترامب “وقف العملية فورًا”، وذلك خلال اتصال مع نتنياهو، وصفه مصدر مطلع بأنه “غير فظ، لكنه حازم وواضح”.
وقالت القناة إن ترامب وجّه كلامه لنتنياهو قائلاً: “بيبي، لقد انتصرتم انتصارًا كبيرًا. خذ هذا الانتصار بكلتا يديك. هذه بداية ما سنقوم به، لكن دعنا لا نُقْدم على تبادل الضربات الآن، ولا نعرض وقف إطلاق النار للخطر”. وأوضحت القناة أن هذه المكالمة جرت في اللحظة ذاتها التي بدأ فيها ترامب بنشر سلسلة تغريدات علنية، في حين نقل نتنياهو تعليمات واضحة لكاتس، بوقف الهجوم فورًا.
في تلك الأثناء، وفق القناة، ظلّت الطائرات الإسرائيلية “تحوم في الأجواء وتشتري الوقت”، إلى أن تم اتخاذ قرار بتنفيذ “ضربة رمزية واحدة”، استهدفت رادارًا في شمال طهران، ومن ثم عادت الطائرات إلى قواعدها. وأكدت القناة أن القرار النهائي بالضربة الرمزية جاء “في اللحظة الأخيرة، وبحسب تعليمات مباشرة من وزير الأمن”.
من جهتها، أفادت القناة 13 بأن نتنياهو أبلغ وزراء الكابينيت خلال الليلة التي سبقت وقف إطلاق النار بأنه قرر التوصل إلى تفاهمات مع إيران، وسط اعتراض بعض الوزراء الذين دعوا إلى “إسقاط النظام الإيراني لا الاكتفاء بوقف القتال”. وذكرت القناة أن الوزير رون ديرمر يواصل التباحث مع واشنطن بشأن “صيغة سياسية لإنهاء المواجهة”، بينما يدرس نتنياهو زيارة مرتقبة إلى العاصمة الأميركية.
إلى ذلك، ذكرت قناة i24NEWS أن قطر تحاول “إحياء مفاوضات الملف النووي بين طهران وواشنطن”، مشيرة إلى أن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا سيناقشون مع ترامب، خلال قمة حلف شمال الأطلسي، ملف “سناب باك” المرتبط بآلية إعادة فرض العقوبات على إيران، والمتوقع أن تنتهي صلاحيته في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.