عربي دولي

مقاربة ترامب بين حرب الأيام الستة وحرب الـ12 يوما تتجاهل حقيقة استمرار الحرب وعدم الاستقرار بالمنطقة

مقاربة ترامب بين حرب الأيام الستة وحرب الـ12 يوما تتجاهل حقيقة استمرار الحرب وعدم الاستقرار بالمنطقة

قال المعلق جدعون رخمان في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” إن اسم “حرب الـ 12 يوما” يحمل وقعا خاصا في إطلاقه على النزاع بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، فهو توقيع على حرب سابقة سميت بالأيام التي استغرقتها. ولكن الرئيس دونالد ترامب أراد من هذا الاسم، أولا وضع حد نهائي للقتال، وثانيا، يريد أن يجعل من الحرب التي استمرت 12 يوما مناسبة لإعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، تماما كما حدث بعد حرب الأيام الستة عام 1967 بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا.

وتساءل رخمان إن كان أي من هذين الادعاءين سيصمد أمام اختبار الوقت؟

ففي غضون ساعات من إعلان ترامب وقف إطلاق النار، اتهمت إسرائيل إيران بانتهاكه – وتوعدت برد قوي. ورد ترامب بدوره بتعليمات للطرفين وإن كانت مبهرة بالشتائم. ويعلق الكاتب أن المرحلة الحالية قد تكون مجرد تبادل للضربات الأخيرة بعد دق جرس الجولة النهائية وأن القتال الأسوأ قد انتهى بالفعل.

 وفي إطار آخر، ربما بدا كلام الرئيس ترامب عن بداية “السلام” مجرد تمنيات، مما يؤكد على حقيقة عدم سيطرة الولايات المتحدة على الأحداث بالمنطقة. وعلى الرغم من هشاشة وقف إطلاق النار الواضحة، إلا أنه يشير إلى أن الصراع آخذ في الانحسار.

ربما بدا كلام الرئيس ترامب عن بداية “السلام” مجرد تمنيات، مما يؤكد على حقيقة عدم سيطرة الولايات المتحدة على الأحداث بالمنطقة

ومع ذلك، فمن المرجح أن يمثل ذلك توقفا مؤقتا للأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران، وليس بداية جديدة حاسمة كما يريد ترامب. ومن الواضح أن الجمهورية الإسلامية في إيران قد تضررت لكنها لا تزال قائمة.

 وبدلاً من تغيير نظرة القيادة الإيرانية للعالم، سيؤكد الصراع افتراضاتها الأساسية – بأن إسرائيل وإيران عدوان خطيران للغاية. ونتيجة لذلك، ستبحث القيادة الإيرانية الآن عن سبل لإعادة بناء قوتها العسكرية وشرعيتها المحلية. ويجادل ولي نصر، مؤلف كتاب “الاستراتيجية الكبرى لإيران”، بأن النظام “ليس في حالة ذهنية تسمح له بالقول: لا نستطيع التعامل مع التهديد الإسرائيلي، بل دعونا نصنع السلام معه”.

وقال إن محاولات الجمهورية إعادة بناء برنامج إيران النووي والصاروخي الباليستي وشبكة وكلائها الإقليميين، ستكون صعبة للغاية، لكنها ربما ليست مستحيلة. ولدى إيران الآن كل الحوافز للبحث عن طرق جديدة للرد على إسرائيل. ويرى نصر أن “أكبر نقطة ضعف للنظام حاليا هي الشعب”.

ومن المرجح أن تركز جهود إعادة بناء قاعدة دعم محلية على استحضار القومية الفارسية في مواجهة تهديد خارجي. ويعتقد الكاتب أنه بدون تغيير النظام في إيران أو حدوث تحول جذري في العقلية، سيكون انتصار إسرائيل الظاهري في حرب الـ 12 يوما غير مضمون. فقد أظهر الإسرائيليون قدرات عسكرية واستخباراتية استثنائية، إلا أنهم ظلوا معتمدين في نهاية المطاف على الولايات المتحدة للتدخل وإتمام المهمة.

ولأن إيران لم تهزم، فيجب على أمريكا وإسرائيل البحث عن بدائل جديدة تضمن السلام بالمنطقة.

 وفي أعقاب هجمات حماس في تشرين الأول/أكتوبر، أصبحت فكرة السلام قديمة في إسرائيل وعفا عليها الزمن. ذلك أن حكومة بنيامين نتنياهو ومن معه من الحلفاء المتطرفين يؤمنون بعقيدة الهيمنة الإقليمية، وقد رسخت الحرب الأخيرة هذه العقيدة.

ومع ذلك، ففي بلد لا يتجاوز سكانه العشرة ملايين، سيظل ما تم إنجازه هشا في منطقة يبلغ تعداد سكانها مئات الملايين من البشر.

ويشير الكاتب إلى أن ترامب عازم على تخليد اسمه كصانع سلام، وقد كرر كلامه في الآونة الأخيرة بأنه يستحق جائزة نوبل. فلطالما حاول المحيطون بترامب البناء على اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت في واشنطن خلال ولاية ترامب الأولى، والتي شهدت تطبيع إسرائيل علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان. لكن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وإيران، وهما دولتان خاضتا حربا انتهت قبل أيام ولا تزالان عدوتين لدودتين، سيكون أصعب بكثير. كما أن فريق ترامب يفتقر إلى المهارة والخبرة الدبلوماسية. فلا ماركو روبيو ولا ستيف ويتكوف، وزير الخارجية الأمريكي والمبعوث الخاص على التوالي، لديهما ملامح تجعلهما بمثابة هنري كيسنجر العصر الحديث.

وسيظل استدعاء ترامب لحرب الأيام الستة عام 1967 سلاحا ذا حدين، فبعد ستة أعوام كانت إسرائيل ومصر وسوريا في حرب جديدة، أي حرب 1973.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب