مقالات

حرب في الشرق الأوسط: عشاء أخير… تدقيق في المواعيد وغياب للمغاربة

حرب في الشرق الأوسط: عشاء أخير… تدقيق في المواعيد وغياب للمغاربة

غادة بوشحيط

قرنان ونصف القرن مرت على تأسيس أقوى جيش في العالم، يصادف يوم التأسيس لـ«محاسن الصدف» يوم ميلاد أغرب رئيس عرفه أقوى بلد في العالم، «الرجل البرتقالة»، ولأنه أقوى بلد في العالم فالاستخبار حول مستقبل الكرة الأرضية يتم على الـ«سوشيال ميديا». على الأقل تلك قناعة من تحول «العشاء الأخير» لديهم لمؤشر غير قابل للدحض على دخول وشيك للولايات المتحدة الأمريكية مواجهة مسلحة. بين تأكيد وتفنيد وكثير من المعلومات المضللة، تحول اجتماع «سلطعون وستيك» مع «ماك أند تشيز» في طبق واحد إلى مؤشر أقوى من مؤشرات البورصة.
مقاطع مصورة بعضها قديم، وأخرى أكثر جدة، كثير منها بمناسبة الاحتفال بـ«14 يونيو/جوان» عيد الجيش، الذي عرف عزوفا جماهيريا، و«تعمية» إعلامية في البلد، أكدت لجحافل رواد مواقع التواصل اقتراب حرب جديدة بما لا يدع مجالا للشك، في عهد الحاكم الذي يحلم بـ«نوبل للسلام»!
«عرافة 2.0» شعبية سرعان ما «ثبتت» من خلال الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية لإيران ليل 22 من هذا الشهر. ضربات تفتح باب التأويل والتكهن وحتى التفاعل على وسائط التواصل، خاصة في المغرب الكبير.

دققوا في المواعيد

لو سئل الجزائري عن أهم مواعيده السنوية سيذكر الأعياد الدينية، وشيئا من الوطنية والبكالوريا. شعبية الامتحان الذي يضمن التحاق اليافعين (وغير اليافعين) بالجامعة من أهم أوقات السنة. الحقيقة أن للامتحان شأنا عظيما يكلل سنوات من الجهد والاجتهاد ويعلن الانتقال نحو مرحلة جديدة من حياة الجزائري. ارتبطت منذ أكثر من عقد بما تحول لطقس جزائري خالص: «قطع الانترنت» منعا للغش وضمانا لامتحانات نزيهة. «أسبوع الباك» لم يكن عاديا هذه السنة إذ صادف انطلاق المواجهات في الشرق الأوسط. اتساع رقعة المعارك في المنطقة القريبة البعيدة تحولت إلى مادة لمطالب عابرة للقارات أحيانا والتندر مرات.
«رجاء أطلقوا الصواريخ ليلا أو في الصباح الباكر، ورانا بكالوريا وقطع للشبكة» كانت أكثر المطالب التي سيطرت على الأيام الأولى قبل أن يتأكد الجزائريون من تحول جوهري في تاريخ إجراء الامتحانات «ما بعد التكنولوجيات الحديثة»، إذ عرفت امتحانات السنة تغطية كافية بالشبكة، وقطعا محليا عن مراكز إجراء الامتحانات فقط. هكذا تمكن الجزائريون من متابعة فصول الحرب البعيدة، مع كثير من السخرية.
إن كان ما فعل في غزة مبررا للتشفي بكل ما يلحق «الكيان»، ومادة للتهليل الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي فهو لا يمنع نزعات طائفية تطفو بين الحين والآخر. هكذا تحول كل «يا علي» على الصفحات الإيرانية الناطقة بالعربية – التي تضاعفت أعداد متابعيها من المنطقة العربية كافة والجزائر تحديدا- لمادة «للزعاف» (الغضب بالجزائرية): «ليس وقت كفر»، «دعونا نشجعكم في هدوء»، «لا تدفعونا للانقلاب عليكم»، كانت شيئا من تعليقات كثيرة أقرب إلى التفاعل مع «ماتشات كرة قدم» من متابعة فصول حرب تعد خسائر وكثيرا من الأرواح.

أين المغاربة؟

منذ أيام قليلة انطلقت النسخة الجديدة من مهرجان موازين العالمي في المغرب، مقسومة حفلاته على مدينتي سلا والرباط. البرنامج وإن بدا أقل وهجا من نسخات ماضية عرفت أسماء عالمية لامعة، مكتفيا بنجوم عالميين «درجة ثانية» كـ»50 سانت»، إلا أنه عرف حضورا عربيا مميزا لأسماء مصرية ولبنانية كبيرة على رأسها شيرين عبد الوهاب، وائل جسار نانسي عجرم، كارمن سليمان، بل حتى روبي التي تسببت في انقسام كبير بين المتابعين.
وجد البعض في حفل الفنانة المصرية خروجا عن المألوف، وضربا لطبيعة المهرجان الذي يجمع عائلات، آخرون اتهموا صاحبة «ليه بيداري كده» بـ«نشر الفساد»، و»المسخرة»، «لماذا لم يلبسوها قفطانا؟» تساءل آخرون. تفاعل الحاضرون من الرجال مع أغاني المغنية أثار موجة جدل واسعة «يبدو أنهم يحفظون أغانيها أكثر مما تفعل النساء»، «هي صوت مراهقتنا» ردت طائفة. استذكر كثر ما يحدث في الشرق الأوسط من موت، البعض استدعى مأساة غزة، بكى كثر القتلى من «إخوان» إسرائيليين، أما البعض فحزن لما أصاب الإيرانيين.
لم تكن «روبي» ولا غيرها ما أثار سخطا واسعا، بل ما اعتبره نشطاء وصحافيون تهميشا للمغاربة في بلدهم، تنظيما وتغطية وحضورا. تداولت الكثير من الصفحات المغربية ما اعتبروه تفضيلا للصحافي الأجنبي على الصحافي المغربي وأسبقيته في تغطية مختلف فعاليات المهرجان، الذي بالمناسبة يعقد فعالياته بالتوازي مع مهرجان لا يقل أهمية في مدينة الصويرة وهو مهرجان «موسيقى الكناوة»، الذي يحج إليه كثر من عشاق الموسيقى الافريقية والروحية والتي تنتشر في عدة بلدان مغاربية وافريقية تحت تسميات مختلفة كالديوان ولقناوي وغيرها.
هكذا عبر كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة عن سخطهم من التسهيلات الكثيرة التي يحظى بها صحافيون عرب وأجانب مقابل المنع والتقليل من شأن الصحافي المغربي ابن البلد، الذي وجب أن يكون ذا أولوية. الحضور الفني المغربي بدوره كان مادة للنقاش والجدل الواسع، إذ اعتبر كثر غياب أسماء مغربية كبيرة هذه السنة تحديدا ضربة للفن المغربي، واعتبروا الأصوات الحاضرة غير كافية. «لماذا نهمش أبناء البلد؟»، «فيما هم أحسن من فنانينا؟»! «أليس هذا تقليلا من شأننا أمام العالم؟»، «إنه مهرجاننا، لما نفتح أذرعنا للعالم ونغفل عن ابن البلد؟».
كانت هذه شيئا من تعليقات كثيرة لا تزال تشغل الصفحات المغربية وتوجه أصابع الاتهام نحو أشخاص بأعينهم، هم سبب هذه الانتكاسة للحضور المغربي كما يرون.

كاتبة من الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب