مقالات
الاخوان المسلمون في السودان: من الصلوات الى الصولات وديناميكية التدمير بقلم: أحمد محمود أحمد/ كاليفورنيا
بقلم: أحمد محمود أحمد/ كاليفورنيا
الاخوان المسلمون في السودان: من الصلوات الى الصولات وديناميكية التدمير
بقلم: أحمد محمود أحمد/ كاليفورنيا
مدخل تاريخي
عندما أنشأ حسن البنا زعيم تنظيم الاخوان المسلمين هذه الجماعة والتي خربت جميع الأوطان التي تواجدت فيها، فقد طرح أولا فكرة الدعوة، أي أن الحركة تشتغل على دعوة المسلمين للدين ومكان دعوتها المساجد والأماكن العامة وهي ليست بتنظيم سياسي .. وقد انتقد المفكر المصري يوسف زيدان مفهوم الدعوة مؤكدا أن مفهوم الدعوة لا يصح في ديار الإسلام، قائلا بأنك لا تدعو من هو مسلم أصلا للإسلام، إنما الصحيح هو الوعظ وسط المسلمين .. ولأن الاخوان المسلمين ومنذ الانطلاقة الأولى وضعوا أنفسهم في الحيز الأعلى وتعاملوا مع الآخرين باعتبارهم خارج خيمة الإسلام، فأنهم بذلك قد أسسوا لفكرة الجزر المنعزلة و من ثم تقسيم المجتمع نفسه الى اخوان مسلمين وآخرين يقعون في المنطقة الرمادية ويتطلب ذلك هدايتهم .. النقطة الجوهرية التي يحاول مناقشتها هذا المقال هي فكرة المسجد والسجادة التي قال بها الاخوان المسلمون ابتداء، اي فكرة الصلوات لينتقلوا لاحقا من فكرة الصلوات الي الصولات والجولات، ولهذا كان أول تكوين بدأوا به هو فرق الجوالة والتي تحولت لاحقا الى التنظيم السري الذي مارس القتل الشنيع لاحقا ضد الخصوم في مصر وتحولت فكرة الصلوات والمساجد الى دار المرشد وهو المكان الذي استبدل السبحة بالساطور ومن هنا بدأت الكارثة … إذاً ماذا عن التنظيم في السودان؟ هذه قصة اخرى نحاول تحليلها..
السودان والتدمير الممنهج
يقول أحد المنتمين لتنظيم الاخوان المسلمين في السودان وهو عوض سيد علي قرشوم ان (الحركة الإسلامية في السودان قد كانت وفي بدايتها الأولى محصورة في المساجد تؤدي دور الوعظ والإرشاد وفي حلقات مسجديه تهدف الى إعادة الإسلام الى أصوله الأولى، وأن هذا الدور كان ينتهي في المساجد ولا يتعداها الى مناحي الحياة) .. هذه هي الفكرة الأولى فكرة الصلوات والمساجد كما ابتدرها أخوان مصر والتي هي ليست هدفا في حد ذاته، إنما تتبدى هنا عقلية التكتيك التي تسعى الى التمكين ثم الانطلاق نحو الهدف المنشود وهو هنا السيطرة على الدولة والامساك بالسلطة، وضمن ما هو معلن فالإمساك بالسلطة يهدف الى تطبيق شرع الله او هكذا يتصورون ويخدعون الناس باسم الدين .. الخطير في هذا الأمر وعلى مستوى السودان ليس فشل هذا المشروع في الوصول الى أهدافه، إنما ما صاحب هذا المشروع من تدمير ممنهج في واقع الحياة السودانية حتى أطلقنا على هذه الحالة ديناميكية التدمير .. لماذا حدث ويحدث هذا؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن نذهب عميقا في التاريخ الاسلامي نفسه حيث ظهرت فيه بعض الفرق كان منهجها التدمير، وخير من مثًل هذا الاتجاه فرقة عرفت في التاريخ بالقرامطة (نسبة لمؤسسها حمدان قرمط) والذين لم يدمروا الكعبة فحسب وأخذوا معهم الحجر الاسود، بل قتلوا المسلمين داخل المسجد الحرام، وهنا نحن نتحدث عن عقل يؤمن بفكرة التدمير وهذا العقل يرتبط بمنهج وهو منهج الأنا المتضخمة والتي لا ترى الآخرين نتيجة لفكرة الذات المعصومة والمتعالية .. وهذا العقل هو عقل الشذرات الذي لا يلتئم الا عند دائرة العنف والتدمير .. ولهذا ما نلاحظه في التجربة السودانية أن الاخوان المسلمين وما أن قوي عودهم وتحديدا في مرحلة الستينات انتهجوا مبدأ القرامطة وقاموا بممارسة عنف البادية واستهدفوا الطلاب والطالبات بالعصي والسكاكين في عصر بدأ فيه شرط الحوار العقلاني في المجال السياسي مهما، وقاموا بإرهاب الأحزاب وحلوا الحزب الشيوعي، وافسدوا التجربة الديمقراطية .. وتواصل هذا النهج في زمن جعفر نميري اذ قاموا بانتهاك حرمات الناس تحت مسمى القوانين الاسلامية وقطعوا أيدي البسطاء، والأخطر في الأمر أنهم وعبر تلك القوانين قد أججوا الصراع بين الشمال والجنوب وهو ما أدى لاحقا لانفصال الجنوب .. ولقد وصلوا الى مرحلة البشاعة عندما استلموا السلطة في السودان، اذ تم تدمير دولة بأكملها عبر الفساد وتصفية الخدمة المدنية وقتل الخصوم والتشنيع بهم وتفكيك الحياة الاجتماعية عبر ضرب القيم .. وعندما تم اسقاطهم عبر ثورة ديسمبر المجيدة لم يتركوا وراءهم الا دولة خربة تتماهى مع كل دول التخلف في العصور الغابرة .. ولأن السلطة حالة مرضية لهذا التنظيم، يحاولون الآن العودة عبر التدمير الكلي من خلال هذه الحرب التي أشعلوها عبر المكونات التي قاموا بصناعتها وهي الدعم السريع وعناصرهم داخل الجيش .. ولا يهم في هذه الحالة أن يبقى السودان أو لا يبقى، فالأهم عندهم خلخلة كل البنيات ومن ثم سيادة الاضطراب والخوف وسط الناس وهو المجال الذي يخلق الفوضى وفي الفوضى هم يتحركون وبالتالي وضمن غياب الرؤية وضبابيتها فإن الشعار الديني يجد طريقه للناس وهذا هو المجال الذي يسيطرون فيه بعد تصفية الخصوم في واقع هذه الفوضى، ولهذا دعا شيخهم عبد الحي يوسف لقتل قيادات القوى السياسية علنا تماشيا مع ذلك المنهج التدميري .. هذا الواقع والذي نتحدث عنه عبر تجربة هذا التنظيم يقابله واقع الصدمة الذي تحدثه الرأسمالية في المجتمعات الفقيرة وخلق الفوضى كما اسمتها كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة حتى تستطيع الدولة الرأسمالية انفاذ مشاريعها، وهنا يلتقي الاخوان المسلمين مع هذه الرأسمالية وفي منهج الصدمة والفوضى المرتبطين بالتدمير من أجل انفاذ المشاريع التي لا تخدم الا أهدافهم .. هذا الواقع يجعلنا نقول أن تنظيم الاخوان تنظيم امبريالي، اذ تعمل الامبريالية عبر الرأسمالية لسيادة المنهج الاقتصادي في العالم وعبر الفوضى الخلاقة، ويعمل تنظيم الاخوان المسلمين على سيادة الغيبيات عبر التدمير الممنهج من أجل احكام السيطرة التي تحقق رغائب التنظيم وهذا هو ديدن القوى العابرة للأوطان..
___