تحقيقات وتقارير

واشنطن تعلق شحنات أسلحة إلى كييف وماكرون يجري أول اتصال مع بوتين منذ 35 شهراً

واشنطن تعلق شحنات أسلحة إلى كييف وماكرون يجري أول اتصال مع بوتين منذ 35 شهراً

آدم جابر

باريس  خيّم كلّ من قرار الولايات المتحدة الأمريكية بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى المكالمتين الهاتفيتين المنفصلتين اللتين أجراهما الرئيس الأمريكي مع نظيريه الروسي والأوكراني، والاتصال اللافت الذي تم بين الرئيسين الفرنسي والروسي؛ خيّموا على تطورات الحرب الأوكرانية الروسية خلال هذا الأسبوع.
ففي خطوة أثارت حفيظة قلق الأوكرانيين، أعلن البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعلّق إرسال شحنات أسلحة هجومية ودفاعية، تشمل صواريخ تحملها طائرات أمريكية الصنع، بالإضافة إلى  صواريخ مضادة للصواريخ من طراز باتريوت، كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد وعدت كييف بها لمواجهة الهجمات الروسية.
فكييف سبق لها أن تلّقت بطاريات باتريوت وذخائر من الولايات المتحدة في هيئة مساعدات في عهد بايدن، الذي انتقده الرئيس دونالد ترامب لإرساله أسلحة إلى أوكرانيا بدون مقابل. ويُشكل قرار إدارة ترامب الجديد هذا، وفق مراقبين وخبراء عسكريين، ضربة لأوكرانيا، التي تواجه هجمات روسية بالصواريخ والمسيرات تعد من بين الأكبر على مدى فترة الحرب المتواصلة منذ ثلاثة أعوام.
وخلصت مراجعة البنتاغون إلى أن المخزونات من هذه الصواريخ باتت ضئيلة للغاية وبأنه لن يتم إرسال بعض الشحنات التي كانت مخصصة لأوكرانيا، حسب ما نقل موقع “بوليتيكو” الإخباري عن مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته. كما قال البيت الأبيض، على لسان آنا كيلي، نائبة المتحدثة باسمه، إن “القرار اتُّخذ لوضع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول، وذلك عقب مراجعة أجرتها وزارة الدفاع للمساعدات العسكرية التي تقدّمها بلادنا لدول أخرى حول العالم”.
لكنّ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، أوضحت أن قرار تعليق بعض شحنات الأسلحة “ليس وقفا لدعمنا لأوكرانيا أو لإمدادها بأسلحة”. في حين، قلل مسؤولون أمريكيون من أهمية إعلان البيت الأبيض تعليق إمداد أوكرانيا ببعض شحنات الأسلحة، لافتين إلى أن خيارات الرئيس دونالد ترامب ما زالت منصبّة على دعم كييف عسكريا.
وفي كييف، حذّرت الخارجية الأوكرانية، التي استدعت القائم بالأعمال الأمريكي للتشاور، من مغبة أن “أي تأخير” في تسليمها الأسلحة من قبل واشنطن “يشجّع” روسيا على مواصلة مهاجمتها. وأقّرت مصادر عسكرية في كييف أن المواجهة مع الروس ستكون أصعب في غياب الذخيرة الأمريكية، التي تعتمد عليها أوكرانيا بشكل كبير.
في المقابل، رحّبت روسيا، التي دعت البلدان الغربية مرارا للتوقف عن إرسال الأسلحة إلى كييف، بالقرار الأمريكي، معتبرة أن خفض الدعم العسكري لأوكرانيا من شأنه ان يقرب نهاية الحرب.

ترامب: بوتين يريد مواصلة القتل

وسط القلق الأوكراني حيال تعليق إرسال شحنات أسلحة هجومية ودفاعية أمريكية، أجرى الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب مكالمة هاتفية، يوم الجمعة، مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تحدث عن “محادثة معمقة”، موضّحًا أنهما اتفقا خلالها على “تعزيز حماية” الأجواء الأوكرانية. كما ناقشا مسألة الإنتاج الدفاعي المشترك، وكذلك المشتريات والاستثمارات المشتركة.
ووصف مساعد الرئيس الأوكراني أندريه يرماك المحادثة بأنها “كانت غنية وبالغة الأهمية”. وذكر موقع “أكسيوس” نقلا عن مصادر أن ترامب أبلغ زيلينسكي خلال هذه المكالمة الهاتفية، التي استمرت نحو أربعين دقيقة، أنه سيتحقق من الأسلحة الأمريكية التي كان من المقرر إرسالها إلى أوكرانيا، إن وجدت.
وأتت هذه المكالمة الهاتفية، غداة تلك التي أجرها الرئيس الأمريكي، يوم الخميس، مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، بشأن تعزيز الدفاعات الجوية لأوكرانيا، والتي أعلنت برلين بعدها أنها تدرس شراء أنظمة باتريوت للدفاعات الجوية من الولايات المتحدة لصالح أوكرانيا، بعد تعليق إرسال شحنات أسلحة معينة إلى كييف، التي باستمرار حاجتها إلى تحسين دفاعها الجوي بما في ذلك زيادة منظومات باتريوت، لكنها واجهت صعوبة في الحصول عليها.
تزامناً مع مكالمته الهاتفية مع المستشار الألماني التي جرت يوم الخميس، أجرى الرئيس الأمريكي أيضا في اليوم نفسه مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أقّر بعدها أنه لم ينجح في إحراز “أي تقدم” بشأن مساعي وقف إطلاق النار في أوكرانيا، قائلاً إنه “ليس سعيداً” باستمرار الحرب. كما عبر عن “استيائه”، قائلا إن بوتين يريد فقط “مواصلة قتل أشخاص”.
وأتى توصيف ترامب هذا السّلبي للمكالمة الهاتفية مع بوتين، خلافاً لعادة الرئيس الأمريكي الذي دأب على إطلاق تصريحات إيجابية عن مكالماته الهاتفية السابقة مع الرئيس الروسي، منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي. الرئيس الروسي، من جانبه، شدد على أن روسيا “لن تتخلى” عن أهدافها في الحرب مع أوكرانيا، وفق الكرملين، الذي قال مستشاره الدبلوماسي يوري أوشاكوف إن بوتين أبلغ ترامب أنّ “روسيا ستحقق الأهداف التي حددتها، أي القضاء على الأسباب العميقة المعروفة جدا والتي أدت إلى الوضع الراهن”.

ماكرون يحضّ بوتين على وقف إطلاق النار

بين هذا وذاك، تمثلت الخطوة الدبلوماسية اللافتة هذا الأسبوع في المكالمة الهاتفية التي تمت يوم الثلاثاء بين الرئيسين الفرنسي والروسي، والتي تعدّ الأولى من نوعها بينهما منذ أيلول/سبتمبر 2022. وهي فرصة حثّ خلالها إيمانويل ماكرون فلاديمير بوتين على الموافقة على وقف لإطلاق النار في أوكرانيا “في أقرب مهلة ممكنة”، وعلى إطلاق مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا للتوصّل إلى تسوية دائمة ومتينة للنزاع، مُشددا على “دعم فرنسا الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها”، وفق ما أورد قصر الإليزيه.
من جهته، أكدّ الكرملين أن بوتين حمّل خلال المكالمة الدول الغربية مسؤولية النزاع في أوكرانيا، معتبرا أنها “تجاهلت لفترة طويلة مصالح روسيا الأمنية” و”أوجدت موطئ قدم معاديا لروسيا في أوكرانيا”. كما شدد الرئيس الروسي على أن أيَّ اتفاق سلام يجب أن يكون “شاملا وطويل الأمد”، وأن يلحظ القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية، وأن يستند إلى حقائق ميدانية جديدة.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد حاول خلال سلسلة مكالمات هاتفية أجراها في العام 2022 تحذير نظيره الروسي بوتين من غزو أوكرانيا وزار موسكو في مطلع ذاك العام. وواصل ماكرون ذلك حتى بعد بدء الهجوم الروسي إلى أن توقفت المحادثات بعد اتصال أخير بينهما جرى في أيلول/سبتمبر عام 2022. وخلال العام الماضي شدّد الرئيس الفرنسي لهجته حيال روسيا معتبرا أن نهجها التوسعي يشكل خطرا على أوروبا بأكملها، ولم يستبعد نشر قوات على الأرض في أوكرانيا.

-«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب