تصريحات أولمرت : اعتراف من قلب المؤسسة الإسرائيلية بجرائم الحرب

تصريحات أولمرت : اعتراف من قلب المؤسسة الإسرائيلية بجرائم الحرب
بقلم رئيس التحرير
تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، لم تكن عابرة ولا يمكن تجاهلها في هذا التوقيت الحرج. اتهامه العلني لحكومة نتنياهو بأنها لا تريد إنهاء الحرب على غزة، ولا تسعى لإعادة المخطوفين الإسرائيليين، ووصْفه لما يرتكبه المستوطنون في الضفة الغربية بـ”جرائم حرب وإرهاب” بدعم حكومي مباشر، تشكّل صفعة من داخل النظام السياسي الإسرائيلي تكشف عمق الأزمة الأخلاقية والاستراتيجية التي تعيشها إسرائيل.
انكشاف المشروع الإسرائيلي من الداخل
أولمرت، وهو من قاد إسرائيل في حربها على لبنان عام 2006، يملك الخبرة والمعرفة بدوائر صنع القرار. واليوم، يقدم شهادة سياسية دامغة بأن الحرب الحالية تُدار من أجل مكاسب سياسية ضيقة، وليس بهدف استعادة الأسرى أو ضمان الأمن. تصريحاته تؤكد أن التطرف لم يعد ظاهرة مجتمعية فقط، بل أصبح سياسة رسمية ممنهجة تشجع الإرهاب الاستيطاني في الضفة الغربية.
إرهاب المستوطنين… بدعم وزاري
الأخطر في ما كشفه أولمرت، هو الإدانة العلنية للتحريض الذي تمارسه قيادات حكومية ومسؤولو مجالس المستوطنات، وهو ما يدفع بالمستوطنين نحو ارتكاب أعمال عنف ممنهجة ضد الفلسطينيين، تُصنّف قانونًا على أنها جرائم حرب. هذه الاعترافات لا تبرّئ المؤسسة، بل تدينها أمام المجتمع الدولي، وتمنح الشرعية للمطالب الفلسطينية بإحالة قادة الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية.
المشهد يعيد إلى الأذهان الانقسامات الحادة التي عصفت بإسرائيل في مفاصل تاريخية مهمة، أبرزها:
موقف رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، الذي قُتل لأنه تجرأ على الحديث عن “الاستحالة الأمنية للاحتلال”، وقرر أن لا مفر من السلام مع الفلسطينيين.
وتجربة أولمرت نفسه في أعقاب حرب لبنان الثانية، حين واجه ضغوطًا داخلية أجبرته على الاستقالة نتيجة إخفاقه السياسي والعسكري.
واليوم، تتكرر الأخطاء نفسها، لكن بثمن أكبر، بينما يتمسك نتنياهو بالسلطة، حتى وإن كانت إسرائيل تدفع ثمنًا باهظًا من دماء المدنيين، وانهيار صورتها دوليًا.
فرصة تاريخية أمام المجتمع الدولي
إن تصريحات أولمرت، ومعه عدد من الجنرالات والسياسيين الإسرائيليين، ليست مجرد خلافات داخلية، بل اعترافات تؤكد أن دولة الاحتلال تُدار وفق نهج التطرف، وأن المستوطنات باتت مركز إنتاج للعنف المدعوم رسميًا. هذه التصريحات يجب أن تُوظف أمام مجلس الأمن والمحافل القضائية الدولية، ويجب ترجمتها إلى مساءلة قانونية، لا مجرّد بيانات شجب.
تحريك المسار السياسي فورًا
بات من الملحّ تحريك المسار السياسي على أساس قرارات الشرعية الدولية، بما يشمل:
الاعتراف الفوري والرسمي من المجتمع الدولي بـ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 حزيران 1967،وعاصمتها القدس الشرقية،
وإنهاء الاحتلال بجميع أشكاله العسكرية والاستيطانية.
إن استمرار الاحتلال والسياسات الإسرائيلية الحالية يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي. وتجاهل هذه المعطيات سيقود إلى مزيد من الفوضى والانفجار في المنطقة.
لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته، وأن يتعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وحقوق إنسان، لا مجرد ملف في أدراج السياسة الدولية.