عندما يتهكم الشارع الأردني: ثلاثية الجامعات والبلديات والاستثمار أدت إلى بلبلة بين الوزراء

عندما يتهكم الشارع الأردني: ثلاثية الجامعات والبلديات والاستثمار أدت إلى بلبلة بين الوزراء
بسام البدارين
فرصة تجاوز البلبلة والحفاظ على بقاء الحكومة قد تتطلب بإلحاح ركوب موجة تعديل وزاري عميق لم يعد يشمل خمس حقائب فقط بعدما كان كذلك منذ أربعة أشهر.
عمان : المقايسة التي يعتمدها رئيس وزراء الأردن الدكتور جعفر حسان هي تلك التي تؤمن بعدم وجود أي مبرر لإجراء تعديل على الطاقم الوزاري قبل مرور عام كامل على الأقل لتفحص ما يسمى بأدوات التقييم المنطقي للأداء.
تقول الأوساط المقربة من حسان بذلك رغم عدم وجود أدوات قياس معلنة في تقييم الأداء أو منهجية قابلة للإنتاج والفعالية، في الوقت الذي يستمر فيه شعبيا وإعلاميا التعاطي مع ملف التعديل الوزاري باعتباره ليس أكثر من مناقلة بين المناصب هدفها استرخاء رئيس الحكومة بدون مناكفين أو معارضين خلافا لإطالة عمر الحكومة ذاتها.
قبل عدة أسابيع رفعت لافتة ممنوع العبور لإجراء تعديل وزاري مع أن رئيس الوزراء لم يكن متحمسا.
وبعد أسابيع قليلة يفترض أن تعبر الوزارة الحالية عتبة عامها الأول فيما العنوان اليتيم الذي اعتبر كبصمة في أداء الحكومة هو اتخاذ سلسلة إجراءات اقتصادية وضريبية وجمركية تحفيزية ساهمت في تحقيق بعض الشعبية للحكومة عند شرائح وقطاعات من المواطنين فيما المنهجية التي أصر عليها رئيس الوزراء هي تلك التي تؤمن بالعمل الميداني، لا بل بالجولات الميدانية التي لا يعرف الرأي العام عموما ما الذي تهدف إليه بصورة محددة مادام إصلاح أي أعطاب في الإدارة العامة يتطلب المزيد من المخصصات المالية.
مفهوم مسبقا بأن تركيز رئيس الوزراء على زيارات الميدان بصورة مبالغ فيها أزعج بعض الوزراء الذين يديرون مؤسسات ضخمة في ملف الخدمات العامة.
ومفهوم في المقابل بأن منهجية التركيز على العمل الميداني ليست أولوية لكل وزير، فالوظائف في الهيكل السياسي تحددها المواقع وكل وزير لديه مساعدون وأمناء عامون ومستشارون ومدراء يفترض بهم ممارسة ومزاولة الاشتباك في الميدان.
حتى الأسبوع الماضي رصد حسان في الميدان في مدينة المفرق شرقي البلاد من دون أدنى التفاتة لمن يشككون في الأسلوب والتقنية داخل وخارج الحكومة وبدون أي إشارة منه تظهر الاهتمام بالعواصف التي تثار خارج مجلس الوزراء بعنوان التعديل الوزاري الاضطراري.
كشفت حيثيات حصلت مؤخرا بأن تركيز بعض أفراد الطاقم الوزاري على المايكرفون والتحدث للجمهور قد يؤدي إلى مشكلات.
حصل ذلك ورصد على صعيد ملف حل المجالس البلدية الذي يبدو أن الحكومة أخفقت في إيصال محتواه ومضمونه للجمهور والشارع خصوصا في المفارقة التي تطرح سؤالا: لماذا تحضر الحكومة موظفين وتعينهم بدلا من منتخبين في المجالس البلدية فجأة وقبل نحو عام من انتخابات المجالس؟
طرح السؤال بكثافة ولا جواب عليه ثم برزت مداخلة وزارة الاستثمار التي كانت تتحدث عن الاستثمار في الأردن باعتباره فرصة للتواصل مع نطاق لدول قيمتها الاقتصادية تناهز 50 تريليون دولار.
لم يكن تصريح وزير الاستثمار واضحا مع أنه قيل في جلسة منبر متخصص خارج البلاد ونتج عن ذلك حزمة أسئلة وعاصفة تهكم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وزارتان على الأقل هما الاستثمار والإدارة المحلية أصبحتا تحت القصف الإعلامي وموجات التهكم الشعبية فجأة وتكفل وزير التعليم العالي بدوره فيما يمكن تسميته جرأة وصراحة من الصنف الذي يدفع بتحويل ملف الجامعات المحلية إلى قضية رأي عام ما يشرح ضمنا التقدير القائل بأن الوزير المختص هنا بعدما فجر قضية رأي عام باسم الجامعات أدرك مسبقا بأن البقاء في نقاش التحديات والمشكلات على صعيد التعليم العالي داخل غرف الحكومة المختصة قد لا يوفر سبيلا أمام التغيير والتصويب.
طبعا تلك كانت ضربة مجازفة من وزير التعليم العالي المخضرم الدكتور عزمي محافظة لكنها ضربة بهدف وطني خارج حسابات ما يوصف الآن بمافيا أو شبكة تجارة التعليم.
طبعا في القضايا الثلاث الجامعات والبلديات والاستثمار، احتكاك أو اصطدام مباشر في سلسلة من أهم قطاعات الخدمات العامة في البلاد الأمر الذي أظهر الحكومة خارج السرب والنص أحيانا في بعض المساحات.
التشويش في ملفات من هذا الصنف يترافق مع أولا ـ إصرار رئيس الوزراء على الأولوية الاقتصادية، وثانيا ـ مشاعر الزهو عند المطبخ الاقتصادي في الحكومة ببعض المنجزات.
تلك بالمدلول السياسي بلبلة ما داخل جسم الطاقم الوزاري وهي سياسيا بصورة مرجحة ليست من الصنف الذي يمكن تجاوزه وتجاهله بإظهار صبر إستراتيجي مما يرجح بأن فرصة تجاوز البلبلة وبالتالي الحفاظ على بقاء الحكومة قد تتطلب لاحقا وقريبا بإلحاح ركوب موجة تعديل وزاري عميق لم يعد يشمل خمس حقائب فقط بعدما كان كذلك منذ أربعة أشهر.
عمليا في مشهد التركيبة الوزارية تجاهل حسان قبل أشهر تعديلا وزاريا صغيرا لكنه قد يواجه بعد تفخيخ نقاشات البلديات والجامعات والاستثمار حاجة لتعديل وزاري أكبر وأضخم قد يغير ملامح الحكومة والتركيبة برمتها.
وهو أمر بات متوقعا في كل حال وقد يكون جذره مرتبطا بتشخيص عند رئيس الوزراء يقرأ أفضل الأحرف والأسطر في كتاب البقاء الطويل أو الأطول.
ـ «القدس العربي»