فلسطين

جنرال إسرائيلي: سوريا نسخة جديدة من الصومال.. “الجولاني” مجرد واجهة كاذبة.. وانفجار وشيك في دول سايكس-بيكو

جنرال إسرائيلي: سوريا نسخة جديدة من الصومال.. “الجولاني” مجرد واجهة كاذبة.. وانفجار وشيك في دول سايكس-بيكو

الناصرة-  يؤكد الجنرال الإسرائيلي البارز في الاحتياط يسرائيل زيف أن إسرائيل ترتكب كل الأخطاء الممكنة في تعاملها مع المحيط العربي والإسلامي، ويتوقع انفجارًا جديدًا للربيع العربي، معتبرًا أن جميع دول سايكس– بيكو ليست في الحقيقة سوى براكين خامدة تنتظر لحظة الانفجار.

ويقول زيف، في مقال مطوّل نشره موقع القناة 12 العبرية، إن ما يحدث في سوريا هذه الأيام يُعَدّ مثالاً حيًّا وواضحًا للحالة الأساسية، ليس فقط داخل سوريا التي تتأرجح بين الفوضى والهدوء المشوب بالتوتر بين ليلة وضحاها، بل أيضًا في معظم دول المنطقة، حيث الاستقرار هشّ وعرضة للتحوّل خلال يوم واحد. معتبرًا أن واقع سوريا الراهن يكشف أنها لم تعد دولة بمفهومها التقليدي، إنما أصبحت كيانًا مفككًا يتكوّن من تجمعات طائفية وعرقية، يمكن أن يتحوّل في لحظة إلى مسرح لمجازر جماعية وصراعات إثنية، يُقتل فيها الآلاف.

يسرائيل زيف: واقع سوريا الراهن يكشف أنها لم تعد دولة بمفهومها التقليدي، إنما أصبحت كيانًا مفككًا يتكوّن من تجمعات طائفية وعرقية، يمكن أن يتحوّل في لحظة إلى مسرح لمجازر

ويزعم الجنرال الإسرائيلي أن “الجولاني” ليس أكثر من واجهة زائفة، فوراء كلماته المعسولة لا يوجد شيء؛ لا “سورية جديدة”، ولا تعايش مشترك، ولا دولة أصلًا.

ويرى أن السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان قد خدع العالم عمدًا، وأن استعراضه أمام إدارة ترامب لم يكن سوى ستار يخفي وراءه “القاتل” الجديد القادم من دمشق، أم أنه ببساطة عاجز وغير قادر على السيطرة على أي شيء.

ويمضي في حملته على الشرع: “غالبًا، هذا السؤال لم يعد ذا أهمية كبيرة، إذ إن النتيجة واحدة في الحالتين: سواء أكان الجولاني هو المسؤول شخصيًّا عن عمليات التصفية الجهادية، أم كان مجرد شخصية بلا نفوذ، فإن الواقع على الأرض لا يتغيّر؛ سوريا اليوم أصبحت نسخة من الصومال بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

وربما الأمل الوحيد المتبقي لاستقرارها هو قيام توازُن قوى حقيقي بين أقلياتها لتنشأ فيها عقيدة عسكرية جديدة وجيش جديد يحمل مشروعًا وطنيًّا جامعًا”.

ويعتبر زيف أن الموقف الفاتر لإسرائيل في دعم الدروز يُعَدّ خيانة لأشقائنا، كما خذلنا من قبل جيش جنوب لبنان وتخلّينا عن المسيحيين.

ويضيف: “هذا التخلي سيبقى وصمة عار في سجل الدولة الإسرائيلية، وسيتسبب بتمزق عميق في علاقتها بأبناء الطائفة الدرزية الذين ظلّوا أوفياء للدولة بصورة مُطلقة وبلا شروط”.

براكين خامدة

ويمضي الجنرال الإسرائيلي في مزاعمه بالقول إن شأن سوريا هو شأن باقي الدول التي تتكوّن من تجمع أقليات يغلب فيها الطابع الإثني- الديني على الانتماء الوطني والمبادئ الدستورية؛ لا يمكن لها أن تستمر في الوجود من دون نظام ديكتاتوري مركزي قوي وقادر على فرض هيبته، وأي تغيير حقيقي يتطلب إعادة تربية ثقافة مشتركة صوغها، وهذه عملية تستغرق أجيالًا.

ويتوقع الجنرال الإسرائيلي انفجارًا جديدًا للربيع العربي: “جميع دول سايكس- بيكو ليست في الحقيقة سوى براكين خامدة تنتظر لحظة الانفجار. وعند كل نقطة ضعف، تنفجر الحمم الداخلية وتُطيح بالحكم”.

ويتابع محذرًا: “السلاح في هذه الدول لا ينقص أبدًا، وكل عملية تطهير عرقي أو داخلي ما هي إلاّ بداية لانقلاب، ينتهي عادةً بتوجيه الغضب نحو عدو خارجي يُعَدّ العداء له أمرًا شعبيًّا، كإسرائيل. في دول تُغطّى أرضها دائمًا بالوقود الجاهز للاشتعال، لا يجوز ارتكاب الأخطاء للحظة واحدة”.

ومع ذلك، يقول إن إسرائيل لم تُفوّت أي فرصة سياسية أو عسكرية لارتكاب الأخطاء مع دول الجوار؛ فسياستها الأمنية ضيقة جدًا ومبنية على اعتبارات تكتيكية صغرى، ولطالما قامت بعكس ما يجب فعله، وما زالت تكرّر الأخطاء ذاتها حتى اليوم”.

تجاهل نتنياهو للأردن

ضمن المقارنات، يزعم زيف أنه في لبنان وغزة، حيث كان واضحًا للعيان كيف ينمو “الوحش الأصولي” ليصبح تهديدًا “إرهابيًّا” هائلًا، تمسّكت إسرائيل بسياسة “الهدوء في مقابل الهدوء” التي وضعها نتنياهو، وهو ما أتاح لهذه التنظيمات أن تتضخم وتتحوّل إلى تهديد وجودي حقيقي.

ويقول أيضًا إنه مع ذلك، لم تتحرك إسرائيل لمنع الخطر إلاّ بعد أن انفجر في وجهها.

وفي الأماكن التي لا يزال في الإمكان فيها تعزيز الاستقرار ومنع الانهيار وتجنّب صعود التنظيمات المتطرفة التي يمكن أن تجرّنا إلى حرب، فإن الحكومة تتصرف بالعكس، إذ تنتهج سياسة غير مسؤولة تُضعف السلطة المركزية بدلًا من أن تدعمها؛ فالأردن، على سبيل المثال، الدولة ذات الأهمية الأمنية القصوى لإسرائيل، يقوم نتنياهو بكل ما في وسعه لتجاهل ملكها، وبعدها سنجد أنفسنا نستيقظ ذات صباح ونهرع إلى صرف المليارات لبناء جدار حدودي، رأينا بأم أعيننا كيف لم يساعدنا في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويعتقد أن الخطأ نفسه يُعاد ارتكابه الآن مع السلطة الفلسطينية؛ فمهما تكن مكروهة أو فاسدة، فإن وجودها وبسْط نفوذها على عدد كبير من المناطق والسكان يشكّل مساهمة حاسمة في أمن إسرائيل، ويوفّر عليها نشر آلاف الجنود.

ويستمر في انتقاداته: “لكن بدلًا من تقويتها، كما أوصت بذلك الأجهزة الأمنية كلها، فإن نظام نتنياهو يواصل إضعافها بهدف تحويل كل الضفة الغربية إلى غزة جديدة، لا نستطيع فك رموزها”.

“نُلاحق البعوض بدلًا من تجفيف المستنقع”

ويرى أن القصف العسكري المستمر على سبع جبهات، في الظاهر، ما هو إلاّ محاولة للتكفير عن سياسة خاطئة امتدت لأكثر من عقد ونصف العقد، سمحت بظهور هذا العدد الكبير من الأعداء اللادولاتيين الذين أصبحوا يشكلون تهديدًا وجوديًّا على إسرائيل.

لافتًا إلى أن الذين استفادوا من هذا الوضع ورسموا خريطة الشرق الأوسط الإستراتيجية هم الإيرانيون، الذين بنوا لأنفسهم صورة قوة إقليمية ذات تأثير، بينما كانت إسرائيل منشغلة ببناء الأسوار بدلًا من بناء التحالفات.

ويقول إن استمرار الحرب في غزة بدوافع سياسية فقط يُفكّك البنية الهشة أصلًا للقطاع، ويُبعد أي إمكان لإعادة إعمار حقيقية، أمّا الشعارات القائلة إن الحرب تُضْعِف “حماس”، فهي محض كذب.

ويتابع منبهًا، متكاتفًا مع مراقبين إسرائيليين آخرين: “في الواقع، فإن الحرب أطالت أمد المعركة، وقلبت ساعة الرمل لمصلحة “حماس”، التي باتت تتمتع اليوم باعتراف إعلامي ومعنوي كبير كقوة تعجز إسرائيل عن هزيمتها على مدار نحو عامين. وبدلًا من تقويضها، فإن اتهامات نتنياهو لـ “حماس” بأنها تُفشل صفقة التبادل لا تفعل سوى تقوية مكانتها أكثر”.

ويتساءل: كيف يمكن تفسير أن إسرائيل تقول، منذ عامين، إنها تُضعف “حماس”، وفي النهاية تعجز عن إنجاز صفقة، بينما “حماس” تُشدد مواقفها؟

يزعم الجنرال الإسرائيلي أن “الجولاني” ليس أكثر من واجهة زائفة، فوراء كلماته المعسولة لا يوجد شيء؛ لا “سورية جديدة”، ولا تعايش مشترك، ولا دولة أصلًا

ماذا يعني ذلك في ما يخصنا؟ أن الحرب على “حماس” فشلت؟

عن ذلك يضيف: “مستوى اليأس داخل غزة يتصاعد يومًا بعد يوم، ويدفع السكان مجددًا نحو الخيار الوحيد المتاح: العودة إلى أحضان “حماس”.

حقيقة أن إسرائيل، لدوافع سياسية بحتة، ترفض تغيير حكم “حماس” وتصر على استمرار العمليات العسكرية غير المبررة، ومن دون أهداف واضحة، هي أشبه بمطاردة البعوض بدلًا من تجفيف المستنقع. وحتى الآن، فإن محاولة الضغط على الحركة لإطلاق سراح 20 رهينة حيّة كلّفتنا 33 جنديًّا قتيلًا، وما زلنا نغرق أكثر في الوحل”.

ويخلص إلى القول: “يمكن القول إن نتنياهو، الذي دعم لأعوام تقوية “حماس” من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية، عاد إلى السياسة نفسها تمامًا، لكن من باب آخر؛ فوجود “حماس” بات شرطًا لوجود الائتلاف الحاكم في إسرائيل، إزالتها من المعادلة تساوي تفكيك الحكومة. لذلك، ورغم فظاعة هذا الواقع، فإنه يتوجّب على الحرب أن تستمر. وعلى باقي الجبهات أيضًا، فإن سياسة “مزيد من القوة العسكرية” لا تُنهك العدو بقدر ما تُنهك جنودنا، ومن دون أي بوصلة إستراتيجية أو سياسية، فإن النتيجة ستكون الفشل في بناء منظومات مستقرة، ناهيك بإنشاء تحالفات إقليمية ضرورية لإعادة بناء سورية، أو لتقوية لبنان، أو لإعادة تنظيم السلطة الفلسطينية. نحن، أنفسنا، في حاجة ماسة إلى الخروج من دوّامة الحرب العنيفة المستمرة كي نعيد بناء قوتنا من جديد”.

انعدام الإستراتيجيا

كما يرى أن إسرائيل المستنزَفة هي في حاجة إلى إعادة تشغيل أكثر من أي وقت مضى؛ فهي مُطالبة ببناء اقتصادها، وترميم المجتمع المنقسم، ومكانتها الدولية التي دُمِّرت تقريبًا بالكامل.

أما الجيش نفسه فهو في حاجة إلى استراحة كي يُعيد تنظيم نفسه بعد عامين صعبين جدًا، ويُجدِّد قدراته، ويستخلص العبر، ويُجري تغييرات ضرورية، وللسماح لأفراد الاحتياط والجيش النظامي بالعودة قليلًا إلى أنفسهم بعد استنزاف هائل.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب