عربي دولي

السودان: تنسيقية المهنيين والنقابات تندد بمحاولات إعادة «نقابات النظام السابق» وتعتبرها انتكاسة لمكتسبات الثورة

السودان: تنسيقية المهنيين والنقابات تندد بمحاولات إعادة «نقابات النظام السابق» وتعتبرها انتكاسة لمكتسبات الثورة

ميعاد مبارك

شددت التنسيقية على ضرورة احترام إرادة القواعد النقابية في اختيار ممثليهم، معتبرة أن إعادة تمكين نقابات النظام السابق يُعد مساسًا مباشرًا بمصداقية النقابات كمؤسسات مدافعة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال.

الخرطوم ـ   أعربت تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية عن رفضها القاطع لما وصفته بمحاولات «إعادة تدوير النقابات التابعة لنظام الرئيس السابق عمر البشير»، واعتبرت تلك الخطوة انتكاسة خطيرة لمسار ثورة ديسمبر 2018، ومساسًا جوهريًا باستقلالية العمل النقابي وحقوق العاملين.

وكان مسجل عام تنظيمات العمل قد أصدر قرارا أنهى بموجبه الدورة الانتخابية لجميع المكاتب التنفيذية للتنظيمات النقابية، وتحويلها إلى لجان تمهيدية بموجب شهادة تصدر عن المسجل، فيما اعتبرته الأجسام المهنية مصادرة لاستقلالية الحركة النقابية في البلاد.
وقال مقرر مجلس تنسيقية المهنيين والنقابات، وليد النور، إن القرارات الأخيرة الصادرة عن مسجل عام تنظيمات العمل في مدينة بورتسودان، والتي تقضي بإعادة تكوين نقابات عبر لجان تمهيدية دون الرجوع إلى القواعد النقابية، تمثل «تدخلاً سافرًا من السلطة التنفيذية في الشأن النقابي، وتعيد إنتاج المنظومة القمعية والفساد الإداري الذي ارتبط بنقابات العهد السابق».
وأضاف النور: «إن استقلالية العمل النقابي تمثل أحد أبرز مكتسبات ثورة ديسمبر، ولن نقبل تحت أي ذريعة قانونية أو إدارية بالعودة إلى الوراء. النقابات يجب أن تكون مستقلة وديمقراطية وتستمد شرعيتها من إرادة العاملين، لا من قرارات فوقية تصدرها جهة حكومية».
وحسب بيان صادر عن تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية، وهي أحد مكونات تحالف «صمود»، فإن اجتماعًا طارئًا انعقد بمشاركة ممثلي التنظيمات النقابية المنضوية تحت لواء التنسيقية، للرد على تطورات قرارات المسجل العام. وأكد المشاركون في الاجتماع أن ما يحدث هو محاولة لإعادة شرعنة كيانات كانت جزءًا من آلية «القمع النقابي، وتفتقر إلى أي مشروعية مهنية أو قانونية».
وانتهى الاجتماع إلى إعلان رفض قاطع لأي إجراءات تهدف إلى إعادة تشكيل النقابات بدون استناد إلى انتخابات نزيهة أو اتفاقات جماعية، معتبرًا أن ذلك يمثل خرقًا مباشرًا لاتفاقية العمل الدولية رقم (87) بشأن حرية التنظيم النقابي، والتي صادق عليها السودان، ما يجعلها ملزمة قانونًا ضمن التشريعات الوطنية.
ومن جانبها، نددت مجموعة «محامو الطوارئ» بالقرارات الصادرة عن مسجل عام تنظيمات العمل، واعتبرتها خطوة تهدف إلى تقويض حرية التنظيم النقابي، من خلال إعادة تمكين الهياكل المرتبطة بالنظام السابق. وأشارت إلى أن هذه الممارسات تُعد انتهاكًا صريحًا للحقوق الدستورية، وتتناقض مع التزامات السودان بموجب المواثيق الدولية.
وأكدت المجموعة أن ما يحدث لا يقتصر على انتهاكات إدارية، بل يشمل حملة ممنهجة من الفصل التعسفي والاعتقالات والملاحقات الجنائية ضد نقابيين، على خلفية آرائهم السياسية أو مواقفهم من الحرب الدائرة. وأوضحت أن تهمًا خطيرة مثل «تقويض النظام الدستوري» و«الإضرار بالأمن القومي» تُستخدم كأدوات لإسكات الأصوات المستقلة وتصفية النشاط النقابي الحر.

العمل النقابي بين القوانين المحلية
والمعايير الدولية

وحسب محامو الطوارئ، فإن التدخل في شؤون النقابات يمثل خرقًا واضحًا للمادة 40 من الوثيقة الدستورية لسنة 2019، والتي تنص على حرية تكوين التنظيمات. كما يتعارض مع اتفاقيتي العمل الدولية رقم 87 و98 بشأن الحرية النقابية والحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، واللتين تحظران بشكل صريح أي تدخل حكومي في شؤون العمل النقابي.
كما أشارت إلى أن هذه الإجراءات تتعارض مع مشروع قانون النقابات لسنة 2021، الذي أعدته وزارة العدل خلال الفترة الانتقالية، وتمت إجازته من مجلس الوزراء، قبل أن يجمد بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021. وأكدت أن العودة إلى قانون النقابات لسنة 2010، الذي تجاوزه الزمن والتشريعات الحديثة، يشكل تراجعًا خطيرًا عن الالتزامات الدستورية والدولية.
ودعت تنسيقية المهنيين والنقابات كافة التنظيمات المهنية إلى اتخاذ خطوات جماعية ومنسقة للتصدي لهذه المحاولات، بما يشمل المسارات القانونية والنقابية والإعلامية. وأكدت على ضرورة تقديم طعون قضائية ضد قرارات المسجل العام، على المستويين المحلي والإقليمي، وتفعيل الحملات التوعوية والإعلامية لشرح أبعاد هذه الإجراءات للجمهور.
كما شددت التنسيقية على ضرورة احترام إرادة القواعد النقابية في اختيار ممثليهم، ورفض أي وصاية إدارية أو سياسية تُفرض من خارج الأطر الديمقراطية، معتبرة أن إعادة تمكين نقابات النظام السابق يُعد مساسًا مباشرًا بمصداقية النقابات كمؤسسات مدافعة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال.
في السياق ذاته، أصدرت لجنة المعلمين السودانيين بيانًا أكدت فيه رفضها الكامل لأي تدخل حكومي في الشأن النقابي، مشددة على أن حرية تكوين النقابات ليست منحة بل حق أصيل مكفول بالقانون. وأكدت اللجنة أن النقابات يجب أن تنشأ بإرادة القواعد وتمثلها بصدق، وأن أي محاولة لإعادة تدوير نقابات النظام السابق أو فرض إدارات معينة دون انتخابات، ستواجه بالرفض الكامل.
وأصدر تجمع ضباط الصحة السودانيين بيانًا بدوره، أعرب فيه عن قلقه العميق إزاء «المحاولات الماكرة لإعادة تشكيل نقابات كانت أذرعًا أمنية للنظام السابق»، معتبرًا أن تلك الكيانات لعبت دورًا سلبيًا في قمع الحريات وإقصاء الكفاءات المهنية.
وقال البيان إن العاملين في القطاع الصحي كانوا في مقدمة الصفوف إبان ثورة ديسمبر 2018، وساهموا بدور محوري في الدفاع عن حقوق المواطنين، وبالتالي لن يسمحوا بإعادة إنتاج أدوات القمع تحت مسمى النقابات.
ودعا كافة العاملين في القطاع الصحي إلى التكاتف والتصدي لهذه الخطوات، بما يشمل اللجوء إلى الإضرابات وتنظيم احتجاجات سلمية، حفاظًا على حقهم المشروع في تنظيم نقابي حر وديمقراطي.
وأعلنت تنسيقية المهنيين والنقابات عن تضامنها الكامل مع جميع الكيانات المهنية المستقلة التي تواجه محاولات التصفية أو الاستبدال القسري، ودعت إلى تشكيل جبهة قانونية موحدة لتوثيق الانتهاكات والدفاع عن النقابيين المستهدفين، وتقديم الملفات إلى الجهات الحقوقية الدولية.
ودعت إلى تدخل عاجل من منظمة العمل الدولية ومجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لوقف ما وصفته بـ«الاعتداء المنهجي على حرية التنظيم النقابي»، وطالبت بإجراءات مساءلة واضحة ضد الجهات التي تتورط في تلك الانتهاكات.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب