سرية سيّدنا محمد بن مسلمة، وعظمة سيّدنا ثمامة بن أثال نور اليقين 32

سرية سيّدنا محمد بن مسلمة، وعظمة سيّدنا ثمامة بن أثال
نور اليقين 32 – معمر حبار
السّنة السّادسة: سرية: 175:
قال الكاتب: "ولعشر خلون من محرّم السنة السادسة أرسل عليه السّلام محمد بن
مسلمة في ثلاثين راكبا لشن الغارة على بني بكر بن كلاب. فسار إليهم حتى دهمهم
فقتل منهم عشرة وهرب باقيهم، فاستاقت السرية النعم والشياه وعادوا راجعين إلى
المدينة". 175
أقول: "النعم والشياه" في بدايات بناء الدولة الفتية. كانت من المغانم الكبيرة العظيمة.
التي لا يستهان بها من فرط الفقر، والجوع، والحاجة التي مسّت المجتمع الإسلامي
الفتي. خاصّة وأنّهم طردوا من ديارهم في مكّة وحرموا من كلّ شيء ولم يحملوا
معهم شيئا.
إطلاق سراح سيّدنا ثمامة بن أثال الحنفي الذي رفض اعتناق الإسلام:
قال: "وقد التقوا وهم عائدون بثمامة بن أثال الحنفي من عظماء بني حنيفة فأسروه
وهم لا يعرفونه، فلما أتوا به رسول الله أطلق إساره بعد ثلاث أبى فيها الانقياد
للإسلام بعد أن عرض عليه".
أقول: عدو، وأسير، ويرفض اعتناق الإسلام بعدما عرض عليه. وفي الأخير يطلق
سراحه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وهذه من عظمة الإسلام الذي لا يكره
صديقا، ولا عدوا على الدخول في الإسلام. وهي التي دفعت عظماء الغرب وعامتهم
لاعتناق الإسلام. وهم الذين تربوا في مجتمع حاقد مبغض لله تعالى، ولسيّدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلّم، والحضارة الإسلامية.
ما يدلّ أيضا أنّ الأمّة الإسلامية لا تقاتل بالعدد -رغم أهميته-. إنّما تبني، وتواجه
بعقيدة راسخة. ولذلك لا تسعى لفرض الإسلام قصد جلب أعداد لصفّها. إنّما يكفيها
القليل بإرادته، وحريته، وعقيدته.
إسلام سيّدنا ثمامة بن أثال الحنفي دون إكراه:
قال: "ولما رأى ثمامة هذه المعاملة رأى من العبث أن يتبع هواه ويترك دينا عماده
المكارم وخاطب الرسول بقوله: (يا محمد والله ما كان على الأرض من وجه أبغض
إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه كلها إليّ…). فسر عليه السلام كثيرا
بإسلامه لأن من ورائه قوما يطيعونه". 176
أقول: سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. رجل دولة، وأقام دولة، وسلّم دولة.
وينظر بعيدا جدّ. وفرد واحد يعتنق الإسلام بإرادته، ويتبعه قومه. أفضل بكثير من
أمّة تدخل الإسلام مكرهة ثمّ تتحوّل إلى عدو يحارب الإسلام، والمسلمين. وسيّدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فرح فرحا شديدا بإسلام سيّدنا ثمامة بن أثال. "لأن
من ورائه قوما يطيعونه".
هكذا تقام الدول، وتسود الحضارات، وتعلو القيم. خاصّة وأنّ الدولة الفتية في مدينة
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. كانت بحاجة لنصير حرّ ينصرها، وحليف
صادق يقف معها.
سرية سيّدنا محمد بن مسلمة، وعظمة سيّدنا ثمامة بن أثال نور اليقين 32 – معمر
حبار
2 | 1
سيّدنا ثمامة بن أثال يستعمل ورقة الحبوب ضدّ قريش:
قال: "ولما رجع ثمامة إلى بلاده مر بمكة وأظهر فيها إسلامه فأرادت قريش إيذاءه
فذكروا احتياجهم لحبوب اليمامة التي منها ثمامة فتركوه. ولم يروا بدا من الاستغاثة
برسول الله. وأرسل عليه السلام لثمامة أن يعيد عليهم ما كان يأتيهم من أقوات اليمامة
ففعل". 176
أقول: تصرّف سيّدنا ثمامة بن أثال وهو حديث عهد بالإسلام بمنطق الدولة. ومنع
قريش من القمح. وظلّ على موقفه حتّى جاءته التّعليمات من سيّدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلّم. ما يعني أنّ الإسلام ربح قوّة لدعمه، ومواجهة الأعداء بما يملك من
سلاح القمح. وهذه هي الإضافة المرجوة والتي سعى إليها سيّدنا رسول الله صلى الله
عليه وسلّم. وعظمة كلّ مسلم بما يملك ويستخدمه لنصرة الإسلام، والمسلمين ولو كان
قليل ويبدو صغيرا للوهلة الأولى.
واضح جدّا أنّ الحصار الذي ضربه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. على طرق
القوافل التي تسلكها قريش قد أتى أكله. وأمست قريس تستغيث بسيّدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلّم. ليأذن لحليفه الجديد من اليمامة أن يمدّهم بالقمح. وهو مادة كانت -وما
تزال- لا يمكن لأيّة دولة. ومهما عظم شأنها أن تستغني عنها.
الأربعاء 4 صفر 1447هـ، الموافق لـ 30 جويلية 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر