مقالات

تغيير شكل الحل لا يغير من طبيعة المشكلة: وتبقى إسرائيل هي المشكلة وزوال الاحتلال هو الحل.  بقلم الدكتور  رياض العيسمي

بقلم الدكتور  رياض العيسمي

تغيير شكل الحل لا يغير من طبيعة المشكلة: وتبقى إسرائيل هي المشكلة وزوال الاحتلال هو الحل.
 بقلم الدكتور  رياض العيسمي
عنوان هذه المقالة هو مركب من عنواني مقالتين مختلفتين لي، متوافقتين بالمغزى ومتناغمين بالمضمون. احداهما مقالة سياسة تحليلية، وكانت بعنوان: وتبقى إسرائيل هي المشكلة وزوال الاحتلال هو الحل، نشرت باللغة العربية في صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن عام ٢٠١٤. والثانية كانت دراسة علمية-بحثية اجتماعية اقتصادية وسياسية بعنوان: التغيير من طريقة الحل لا يغير من طبيعة المشكلة.. نشرت عام ٢٠١٥ باللغة الإنكليزية في مجلة Human Performance (الإنجاز الإنساني) العلمية العالمية الصادرة في نيويورك. ركزت هذه الدراسة على تعاطي الحكومات الأمريكية المتعاقبة مع مشكلة اعتماد الفقراء في الولايات المتحدة على الدولة، ومنذ تاسيس برنامج دعم القفراء الحكومي‏ (The Welfare System) في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي إبان الكساد الاقتصادي العظيم. وشرحت فيها تفاصيل وأسباب الإخفاقات المتتالية التي منيت بها الحكومات الأمريكية المتعاقبة في التعامل مع جوهر هذه المشكلة. فبدلا من أن يتم التعامل مع مشكلة تزايد عدد الفقراء في الولايات المتحدة في حينها على انها مشكلة اجتماعية واقتصادية مؤقتة فرضتها الظروف التي أنتجها الكساد الاقتصادي، وان وعلى انها مشكلة زايدت من اتساع الفجوة المتشكلة من نقص الخبرة وضعف في الأداء تراكمت عند شريحة واسعة في المجتمع الامريكي تعدت خطوط معدلات الدخل بين الطبقتين الفقيرة والمتوسطة بسبب التغير في الاحتياجات والمهارات المطلوبة في سوق العمل وثبات معدلات أجور العمل، عمدت الحكومات المتعاقبة في الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الوقت و إلى يومنا هذا، علي تسييس هذه المشكلة الانسانية وسحبها من الواقع الاجتماعي والإنساني العام إلى دائرة التجاذبات الانتخابية الضيقة بين الحزبين الحاكمين الديمقراطي والجمهوري. ومع مرور الزمن تطورت هذه المشكلة لتصبح قضية ولاء سياسي ورأي عام. دخلت في التركيبة النفسية والاجتماعية للشرائح المجتمعية الأمريكية التي تنضوي تحت لواء الحزبين الحاكمين. وبهذا اصبح الحزب الديمقراطي ومناصريه بشكل عام، وخاصة الليبراليون منهم، هم مع تبني دعم الدولة اللا محدود لنظام دعم الفقراء. هذا في الوقت الذي يتبنى الحزب الجمهوري ومناصريه، وخاصة المحافظين منهم، تقليص هذه المساعدات وتقنينها. ولدرجة بأن الرئيس ترامب بات اليوم يبحث عن طريقة لإلغاء هذه المساعدات بالكامل، وخاصة للمهاجرين الجدد وذلك لأنه، ومنذ تأسيس نظام دعم الفقراء في الولايات المتحدة قبل حوالي تسعين عاما، تحاول الحكومات الأمريكية المتعاقبة، بغض النظر عن الحزب الحاكم، كل فترة بمعدل عشر سنوات، أن تغير من طريفة الحل لهذه المشكة التي باتت تلقي بظلالها على كاهل الدولة والمجتمع، ولاعتبارات منها متوافقة ومنها متناقضة. ولكن لم تفكر أي منها يوما في التعامل مع جوهر المشكلة. وهذا ينطبق إلى حد بعيد على مشكلة وجود إسرائيل في الشرق الأوسط، التي فرضتها الولايات المتحدة عام ١٩٤٨ لأسباب سياسية بعد الحرب العالمية الثانية. والتي اصبحت اليوم عبئا اقتصاديا وسياسيا ثقيلا عليها، كما هي مشكلة استمرار دعم الفقراء دون خلق حوافز انسانية لهم للعمل. وفي كلا الحالتين، هي كلمة حق يراد بها باطل. فكما في محاولات إصلاح نظام الدعم الحكومي للفقراء كل عشرة أعوام، تقدم إلولايات المتحدة الدعم لإسرائيل وتخوض حروبا بالأصالة او الإنابة عنها، وبمعدل كل عشر سنوات حربا جديدة، بدءا بحرب عام ١٩٤٨ عندما نشأت دولة إسرائيل في المنطقة وإلى غاية اللحظة. ومع هذا لم ولن تستطع الولايات المتحدة تثبيت دولة إسرائيل في المنطقة. فهي، ومهما حاولت، لن تستطيع افرض الاحتلال الاستيطاني وتعويم اسرائيل كدولة دينية في المنطقة. فمنهج الاحتلال الاستيطاني والدول الدينية منهج قديم انتهى من العالم أحمع، وتجاوزه منطق العصر. كما وان الحكومة الاسرائيلية اليمنية التي تحكم اليوم بقيادة نتنياهو تحاول جر الولايات المتحدة والعالم ضد منطق داروين للتطور والتكيف: “استمرار الحياة هو ليس للأقوى، وانما للأكثر قدرة على التكيف مع المحيط”. فبدلا من ان تحاول حكومة إسرائيل تغيير واقع إسرائيل لتتأقلم مع محيطها، تحاول تغيير محيطها ليتأقلم مع واقعها. وهذا لن يحصل أبدا. وذلك لأنه مجاف لمنطق العصر. و كما لا تستطيع الولايات المتحدة مساعدة كل الفقراء كل الوقت وبنفس الطريقة، لا تستطيع ان تستمر بدعم اسرائيل تحت كل الطروف مدى الدهر. وكما يقول الفيلسوف الاقتصادي ماتيوس: “إن استمرار دعم الفقراء دون ايجاد حلول تلغي الاسباب التي أدت فقرهم، هو مصدر بؤس دائم لهم”. ولهذا التغيير من طريقة الحل لا يلغي من جوهر المشكلة: وبهذا تبقى اسرائيل هي المشكلة وزوال الاحتلال هو الحل.
واختم بقول أنشتاين: “قمة الغباء تكرار نفس الحل لنفس المشكلة وتوقع نتائج مختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب