تحقيقات وتقارير

تجويع إسرائيلي وسوء تغذية.. الموت يتربص بـ15 طفلا في مستشفى في غزة

تجويع إسرائيلي وسوء تغذية.. الموت يتربص بـ15 طفلا في مستشفى في غزة

غزة: يتفقد الطبيب فواز الحسيني مرضاه من الأطفال في مستشفى “أصدقاء المريض” بمدينة غزة، الذين يعانون أوضاعا صحية متدهورة جراء “سوء التغذية” المتزامن مع غياب الإمدادات الغذائية والطبية جراء حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلي الممنهج.

قسم الأطفال في المستشفى يضم أكثر من 15 حالة مصابة بـ”سوء التغذية” بعضهم ارتفعت مؤشرات الإصابة لديهم لتصل إلى “الحاد”، وفق حديث الحسيني.

هؤلاء الأطفال، بحسب ما ذكره الحسيني اختصاصي طب الأطفال وأمراض سوء التغذية، يعانون أعراضا متشابهة كنقص الوزن وانتفاخ البطن وبروز عظام الجسم فضلا عن حالة هزال شديدة وتأخر في النمو.

تتفاقم تلك الأعراض عند بعض الأطفال لتسبب ضعفا في المناعة وفشلا في عمل بعض الأعضاء الحيوية في الجسم مسببة الوفاة، حسب الطبيب.

تتفاقم الأعراض عند بعض الأطفال لتسبب ضعفا في المناعة وفشلا في عمل بعض الأعضاء الحيوية في الجسم مسببة الوفاة

وأضاف أنه إلى جانب الحالات الـ15، فإن “أصدقاء المريض” يتابع مع مئات الأطفال المصابين بسوء التغذية خارج أسوار المستشفى.

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وبشكل متكرر، حذرت مؤسسات حقوقية فلسطينية وأممية من ارتفاع حالات الإصابة بسوء التغذية في القطاع مع مواصلة إسرائيل تشديد إغلاقها للمعابر منذ مارس/ آذار الماضي، ما تسبب في تفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات “كارثية”.

ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة (نحو 2.4 مليون نسمة) ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف طفل وسيدة سوء التغذية الحاد.

والجمعة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” من أن أطفال غزة يموتون بمعدل “غير مسبوق” وسط المجاعة وتدهور الأوضاع نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة.

ووفق أحدث معطيات وزارة الصحة بغزة، الثلاثاء، فإن عدد وفيات سياسة التجويع الإسرائيلية ارتفع منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 188 فلسطينيا بينهم 94 طفلا.

** “نعيش كارثة”

الحسيني قال إن مستشفى “أصدقاء المريض” يعاني أزمة خانقة بسبب كثرة حالات سوء التغذية الناجمة عن التشديد الإسرائيلي للحصار وحرب الإبادة الجماعية والتجويع.

وتابع: “نشهد واقعا لا مثيل له في ازدياد حالات سوء التغذية، هذه الحالات كنا نقرأ عنها فقط بالكتب، لكن اليوم نراها بأم العين”.

ووصف واقع الأطفال المصابين بسوء التغذية بـ”المأساوي والأليم” حيث تترافق هذه الحالات مع نقص في الموارد والمستلزمات الطبية.

وأكد أن المستشفى يتابع مع “مئات الحالات” المصابة بسوء التغذية في المنازل، فيما يبيت في القسم نحو 15 طفلا يخضعون لعلاج متواصل.

وشدد على صعوبة علاج تلك الحالات في ظل نقل الموارد، قائلا: “لا يوجد حليب أطفال ولا زبدة ولا مكملات غذائية”.

وأكمل الطبيب: “نعيش كارثة بمعنى الكلمة، الواقع أليم ولا يخفى على أحد”.

** مضاعفات خطيرة

وتطرق الحسيني إلى الحديث عن المضاعفات الخطيرة التي تصيب الأطفال جراء قلة الطعام والحليب وسوء التغذية.

وقال إن ما تردد مؤخرا عن “خلط الحليب مع (كثير) من المياه لإطعام الأطفال، يؤدي إلى تراكم الماء في الأطراف السفلية وانتفاخات في الجسد”.

وتلجأ الأمهات إلى ذلك من أجل إطعام أطفالهن وتغذيتهن وسط الشح الشديد في توفر الحليب داخل المستشفيات، وغلاء ثمنه إن توفر في السوق السوداء بغزة.

وشدد الحسيني على أن انقطاع الغذاء والطعام والمكملات الغذائية عن الأطفال المصابين بسوء التغذية، تسبب في تدهور حالتهم والإصابة “بسوء تغذية حاد”.

لمرات عديدة، حذرت وزارة الصحة بغزة من خطورة الشح الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية

ولمرات عديدة، حذرت وزارة الصحة بغزة من خطورة الشح الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية، مناشدة الجهات المعنية ضرورة إدخالها.

وأكد الحسيني أن سوء التغذية يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة على أجساد الأطفال، منها ضعف في المناعة وفشل في الكلى والكبد.

وبين حاجة قطاع غزة “الماسة إلى توفير الغذاء والمكملات الغذائية وحليب الأطفال ووقف حرب الإبادة الجماعية”.

وأفاد الطبيب الفلسطيني بأن “الواقع سيئ، والوضع الصحي (للأطفال) يزداد سوءا”.

** الطفل عصفور بوزن 4 كيلوغرامات

وفي “أصدقاء المريض” أيضا، تجلس والدة الطفل محمد عصفور، إلى جانب ابنها على سرير المرض وتنظر إلى جسده النحيل بحسرة.

فالطفل عصفور البالغ سنة و4 شهور، يزن جسده 4 كيلوغرامات فقط، بينما ينتفخ بطنه وتبرز أضلاعه.

ينظر الطفل بعينيه الغائرتين إلى والدته وكأنه يستجديها لإنقاذه من هذه المجاعة القاتلة التي أصابته بمضاعفات صحية تهدد حياته.

وتقول الوالدة، دون الإفصاح عن اسمها، إن طفلها محمد يعاني مضاعفات صحية جراء سوء التغذية وقلة الحليب.

وأضافت: “يعاني من تشنجات، كما أنه مصاب بالجفاف المرافق للإسهال الحاد”.

وأوضحت أن طفلها يصاب بحمى جراء ارتفاع شديد بدرجة الحرارة تصل إلى 40 ونصف درجة مئوية.

كما أن جسد طفلها الهزيل بات يرفض أنواع الطعام بينما يستجيب فقط للحليب النادر توفره أصلا.

وتابعت، أنه في كثير من الأحيان “لا يتوفر الحليب” وينام طفلها في جوع.

وأعربت عن أمنياتها في تحسن صحة طفلها قائلة إن قلبها لا يحتمل أن تراه بهذه الحال.

كما يُثقل نقص المستلزمات الصحية خاصة حفاضات الأطفال، معاناة “أم محمد”، وسط المضاعفات الصحية التي يواجهها طفلها، وفق قولها.

وأشارت إلى أنها تستبدل حفاضات الأطفال بقطع قماش غير مخصصة ولا آمنة، في وقت يعاني فيه طفلها من إسهال شديد جراء سوء التغذية.

وفي 24 يوليو/ تموز الماضي، حذرت منظمة “أوكسفام” للإغاثة الدولية في بيان، من أن الأمراض في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة وذلك بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية.

ورغم زعم إسرائيل منذ 27 يوليو الماضي، بالسماح بدخول عشرات من شاحنات المساعدات الإنسانية يوميا إلى قطاع غزة، الذي يحتاج إلى أكثر من 600 شاحنة يوميا كحد أدنى منقذ للحياة، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

يأتي ذلك في وقت تعاني فيه مستشفيات غزة نقصا حادا في الأدوية والمستلزمات، وانهيارا شبه كامل في قدراتها التشخيصية والعلاجية.

(الأناضول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب