مقالات

ثوابت ومبادئ العملية السياسية بعد الحرب بقلم: محمد الأمين أبو زيد

بقلم: محمد الأمين أبو زيد -السودان -صحيفة الهدف

ثوابت ومبادئ العملية السياسية بعد الحرب
بقلم: محمد الأمين أبو زيد
لقد أكدت الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل على أن عملية الانتقال السياسي التي تأسست بعد الثلاثين من يونيو 2019 كانت معطوبة، وكانت تحمل بذور فنائها داخلها، بدءاً من الإتفاق الدستورى عبر الوثيقة الحاكمة للفترة الانتقالية ومروراً بالممارسات السياسية للمكون العسكري، وانتهاءً بما تم فى انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي مثل منحنى الاستهداف للثورة وعودة النظام القديم.
إن الحرب القائمة الآن تمثل مرحلة من مراحل الصراع التي تستهدف نزع الثورة من صدور الجماهير، وهي نتيجة طبيعية لحالة الصراع والضعف والهشاشة التى اكتنفت الواقع السياسي بمجمل أطرافه مدنية وعسكرية.
إن القوى السياسية والمدنية ليست بمنأى عن هذا الواقع وتعقيداته وقد مثلت صراعاتها وعدم قدرتها على الإمساك باللحظة التاريخية للتغيير ومتطلباته الثغرة التي نفذ منها العسكر والفلول لضرب الثورة بدءا من الانقلاب وصولا للحرب.
أيما تكون نتيجة الحرب ولكي تكون القوى السياسية والمدنية التي فجرت الحرب حاضرة في المشهد السياسي ومشكلة لمعطياته يلزمها التوحد حول مبادئ عامة
تشكل دليل نظري وعملي للعملية السياسية بعد نهاية الحرب، وتأسيس فترة انتقالية معافاة من أخطاء الماضي القريب وتتمثل في:
1- بناء جبهة مدنية واسعة لوقف الحرب وإجبار طرفيها على الامتثال لرغبة الشعب، في التوصل لاتفاق بوقف دائم للقتال.
2- الالتزام الصارم بخروج طرفي الحرب من العملية السياسية ومن أي دور مستقبلي في تشكيل الفترة الانتقالية.
3- الاتفاق على وثيقة وطنية جامعة تمثل أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة والإصلاح المؤسسى لهياكل الدولة.
4-الاتفاق على تفكيك النظام القديم في مؤسسات الدولة وتصفية مرتكزاته السياسية والاقتصادية والأمنية.
5-التوافق على بناء مؤسسة عسكرية ملتزمة بالمهنية والاحترافية بعيدا عن الأدلجة والتسييس ودمج وتسريح كافة الحركات المسلحة، وصولا لجيش وطني بعقيدة وطنية.
6- الاتفاق على برنامج للإعمار والإصلاح الاقتصادي، متفق عليه طيلة الفترة الانتقالية.
7- الاتفاق على دستور انتقالي ديمقراطي مؤسس على مبادئ الحريات العامة وحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية.
8- المحاسبة على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت أثناء الحرب وتشكيل محاكم خاصة لذلك..
9- تعويض المتضررين من الحرب بإنشاء صندوق خاص وتحميل طرفي الحرب المسؤولية في ذلك.
10- ابتدار نظام متكامل للعدالة الانتقالية يؤمن عدم الافلات من العقوبة ورد المظالم.
11- الالتزام الصارم بإنهاء كافة مظاهر عسكرة الحياة السياسية.
12- نبذ مظاهر القبلية والجهوية والطائفية في العمل السياسي.
13- التأكيد على سمات التنوع والتعدد وإدارته لصالح وحدة شعبنا وتماسك نسيجه الاجتماعي.
14- العمل على عقد مؤتمر دستوري يعالج قضايا نظام الحكم والهوية وعلاقة الدين بالدولة والتوزيع العادل للموارد والموارد.
15- التوافق على قانون ديمقراطي للإنتخابات يراعي سمات التطور الاجتماعي للبلاد، والتوازن الديمغرافي.
جوهر هذا الصراع والذي هو صراع سياسي حول السلطة والثروة بين جنرالين نزغين لا يهمهما شعب ولا وطن…
الجيش منذ العام 1990جيش عقائدي بامتياز، لا يتم التنسيب إليه إلا بموافقة التنظيم الإخواني الحاكم…
الدعم السريع مليشيا تأسست من قبل المؤتمر الوطني وهو في السلطة لتوازنات معلومة أمنية وسياسية واجتماعية، ونمت وترعرعت برعاية الجيش نفسه، فهو يتحمل المسؤولية كاملة مع النظام السابق عن تطورها.
في الحرب الدائرة الآن الطرفان غير مؤهلين أخلاقيا وسياسيا ووطنيا للحديث باسم الشعب، ويجب ألا تكون لديهما أي فرصة في تقرير مصير البلاد.
الموقف الوطني الشجاع هو يجب أن يكون ضد الطرفين، وضد اطماعهما وبالنتيجة ضد الحرب واستمرارها وعبثيتها.
الطرفان قاما بانتهاكات جسيمة ضد الوطن والمواطن سابقا وحاليا.
يجب أن نفهم إننا عندما قلنا إن الثورة والتغيير صراع متطاول، وحلقات مترابطة تختلف في العناوين وتلتقي في الأهداف، هذا الصراع قد تقتضي الظروف تجميده أو تجميد بعض مراحله، وقد تأتي اللحظة التاريخية التي تبتهله دفعة واحدة، كما هي الآن، وحينها على الشعب وقواه استثمارها بشكل جيد.. الآن الفرصة متاحة أمام القوى السياسية والمدنية لكي تتقدم من خلال وحدتها حول وقف الحرب وإدانة ومحاسبة طرفيها، لكي تستعيد المسار الديمقراطي الانتقالي وأهداف الثورة..
إن عودة الحياة إلى شرايين المجتمع والدولة في السودان بعد الدمار الشامل الذي حدث، تحتاج لمجهود كبير يجب أن تبذله القوى السياسية والمدنية في كل القضايا لتحافظ على سودان موحد وتنهض به من ركام الخيبات وصراعات العسكر وحلفائهم الحاليين والمستقبليين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب