تحقيقات وتقارير

أسبوع رمال حزبية متحركة في الأردن: ملء فراغ الإسلاميين والاستعداد لـ«مراجعة التحديث»

أسبوع رمال حزبية متحركة في الأردن: ملء فراغ الإسلاميين والاستعداد لـ«مراجعة التحديث»

بسام البدارين

حراكات أحزاب الوسط ظاهرة ملفتة للنظر. والثابت أنها تسبق انعقاد دورة البرلمان وانتخابات رئاسته كما تعقب قرار حظر جمعية الإخوان المسلمين وما يمكن أن يتبعها لاحقا من تداعيات واستحقاقات.

عمان توفرت لدى غالبية أحزاب الوسط الأردنية معطيات واضح أنها تدفعها لسباق مع الزمن قبل الوصول إلى مرحلة جديدة قد تبدأ مع انعقاد دورة البرلمان المقبلة تحت عنوان مراجعة مسار التحديث السياسي في البلاد.
لكن في الأثناء المرجح أن أحزاب الجبهة الوسطية شغوفة في ذات الوقت بمحاولة إظهار قدرتها على ملء الفراغ ما دامت قرارات حظر نشاطات الجمعية الأهم في التيار الإسلامي مسترسلة أو على الأقل يفترض المفترضون أنها ستؤدي في المحصلة إلى إعادة إنتاج المشهد الحزبي والسياسي المحلي، مع نفوذ أقل للحركة الإسلامية إذا ما نجح أصلا حزب جبهة العمل الإسلامي بتخطي الكمائن والعقبات المقبلة.
حراك التيارات الوسطية أصبح من العناوين العريضة طوال الأسبوع الماضي، حيث عمليات فك وتركيب واندماج وتآلف تعززت وتحصل على موطئ قدم متقدم في سياق استجابات لا تزال غامضة لظرف أو تحول ما يعترض عليه قائمون على تنشيط الحياة الحزبية إذا ما وصل مبكرا لعتبة تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب.
فهمت «القدس العربي» مبكرا من الناشط الحزبي البارز جميل النمري استغرابه من طرح مقترحات لتعديل على قانونين أساسيين في التحديث السياسي مبكرا وقبل نضوج التجربة. لكن هذه الاعتراضات قد لا تؤخذ في الحساب إذا ما تطور وزحف السيناريو القائل بأن الفراغ الناتج لاحقا عن إضعاف التيار الإسلامي أو تقليص حضوره الشعبي والبرلماني والحزبي والاجتماعي، هو الأساس في تحركات تطوير عملية التحديث، مع أن المحلل السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة يحذر مجددا من خطوات عشوائية قد تلحق ضررا بقيم التحديث إذا ما سمح بنمو التيار الذي يفترض امكانية تحقيق منجزات عميقة باستهداف الحركة الإسلامية غير المبرر.
ورغم وجود نقاش على مستويات هادئة بشأن ملف انعكاس الوقفة التأملية بخصوص مسار التحديث على خريطة العمل الحزبي، إلا أن الهدوء ينتقل إلى الصخب أحيانا بعد بروز طموحات عند الأحزاب الوسطية بوراثة حضور ونفوذ التيار الإسلامي في عملية لا أحد يستطيع توفير ضمانات لنجاحها.
الأهم أن معادلة حزبية فيها تيار إسلامي أضعف بدأت تحكم مطامع وطموحات النشطاء الوسطيين، خلافا لأن الاستنتاج القائل بأن التحديث سيتم تصويبه أو تحديثه قدم بدوره مساهمة فعالة في ظهور رمال متحركة نسبيا تحت أرجل قادة ورموز الأحزاب الوسطية من الباحثين عن تجربة وهوية ولاحقا عن فرصة.
لذلك تحصل تطورات غامضة أحيانا ومكشوفة أحيانا أخرى.
والأسبوع الماضي شهد تحركات لتلك الرمال في بعض الأحزاب الوسطية وحزب عزم مثلا، وهو حزب وسطي ناشط أعلن الأربعاء حل مكتبه السياسي والدعوة إلى اختيار أو انتخاب مكتب سياسي جديد للتعامل مع ما أسماه الحزب بالتطورات المستقبلية.
قبل ذلك أعلن عن ائتلاف برلماني بين حزبي عزم والوطني الإسلامي، وهما حزبان وسطيان قدرا مبكرا وقبل انعقاد الدورة أن الائتلاف البرلماني بينهما يمثل مصلحة ثنائية بدون أن يحدد قادة الحزبين ما إذا كان توحيد كتلتيهما البرلمانيتين هو جزء أشمل باتجاه الاندماج لاحقا بحزب واحد.
يعني ذلك تحت قبة البرلمان، أن الحزب الوطني الإسلامي الذي يعلن تباينه مع التيار الإسلامي الأم ينسحب في الوحدة التشريعية من شراكة مع حزب إرادة الوسطي وينضم إلى حزب عزم.
تلك خطوة ترفع من أسهم حزب عزم بالتأكيد، لكنها أعقبت الإعلان خارج البرلمان عن حالة دمج مهمة بين حزبي إرادة وتقدم لم تتضمن الحديث عن توحيد كتلتيهما البرلمانيتين في المقابل.
في الأثناء ينضم إلى المسرح الوسطي بخطوات نشطة جدا حزب المحافظين الجديد تحت التأسيس ويعلن اهتمامه بالدفاع عن الهوية الوطنية الأردنية، الأمر الذي يجعله تجربة مهمة في التنافس والزحام على جبهة الوسط والبيروقراط والألوان الوطنية حتى وإن كان على حساب حزب الميثاق الوسطي الذي لم يعد يعرف الجمهور عنه الكثير، فيما تظهر في أحزاب أخرى هنا وهناك استقالات جماعية أحيانا.
لا يفهم المراقبون بعد أسرار وألغاز غياب حزب الميثاق ثقيل الوزن عن المشهد الإعلامي والبرلماني، وإن كانت بعض كتل البرلمان الحزبية أصبحت أضعف وأكثر رشاقة أحيانا بعدما تركها نواب صعدوا على أكتاف أحزاب الوسط ثم تخلوا عنها في مظهر يقر به غالبية قادة الأحزاب الوسطية.
قبل ذلك شطبت الهيئة المستقلة حزبين وسطيين من السجلات، فيما وصلت تجربة التيارات المدنية بعد طول شقاق ونزاع داخلي إلى شكل مستقر نسبيا لم تظهر بعد ملامحه العميقة.
حراكات أحزاب الوسط الأسبوع الماضي ظاهرة ملفتة للنظر. والثابت أنها تسبق انعقاد دورة البرلمان وانتخابات رئاسته، كما تعقب قرار الحظر الشهير لجمعية الإخوان المسلمين وما يتبعها أو يمكن أن يتبعها لاحقا من تداعيات واستحقاقات.
الرمال تتحرك تحت أرجل الأحزاب المحلية الأردنية ولا أحد يمكنه توقع شكل وهوية الخريطة المقبلة.

ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب