مقالات
لعبة الطائفية في سوريا إلى أين ؟ بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -دمشق -

لعبة الطائفية في سوريا إلى أين ؟
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -دمشق –
الحديث عن الطائفية،صار الشغل الشاغل،للمتورمين من التدين الأعمى،تورماً أسبابه ومحدداته،التثقيف الوحيد الجانب،وعقلية الثأر،المبنية على قيم القربى الدموية والعقائدية،والمنقادة بهواية الذات،وإعجاب مفرط بالأنا.
الطائفية ولاء وانتماء،وهوية ذاتية،مشروعة بقيمها وأفكارها ووجهات نظرها،والطائفية اختيار بالوراثة،وانتماء بقوة العصبية وفي الاختيارات المطروحة داخل الثقافة الشعبية ومن ثم الولاء لها في سياق عناصر ثقافية،يغلب عليها ولاء المناصرة والمغالبة.
والطائفيةفي حدودها المشروعة،والمأذونة بقبول المجتمع لها والاعتراف بها كتنوع ثقافي.له توجهاته المجتمعية في ممارسات وأنشطة فكرية وخلقية تلاقي قبولا ورضاء من المكونات الثقافية الأخرى،التي تشاركها الأرض والتاريخ والتراث وتتلاقى معها في الأهداف،والآمال والآلام،والمواطنة وعقدها
الاجتماعي،وما يتأتى منه وعنه من حقوق وواجبات،وسلامة مجتمعية،الكل شركاء فيها، في دولة مدنية، الأولوية فيها للكفاءات، اوّلاً واخيراً.
إذن الطائفية حق مكتسب وبالاختيار،والولاء للطائفية والانتماء لبنيانها ونظمها وتعاليمها واعتقاداتها تشكل أحد أهم المؤشرات في الولاء والانتماء للوطن وسلامة بنيانه الاجتماعي،وأمنه الثقافي والسياسي والاقتصادي والروحي ويظل ضمانة سلامة الًولاء والانتماء الطائفي،ارتباطه الًوثيق بالأمور الوطنية مجتمعه ،وعن سؤال متى تخرج الطائفية من ثوبها المجتمعي،وتتبرأ من التزاماتها الاجتماعية الوطنية،وتتفرد بتنوعها الثقافي،الذي يفكك وحدة التنوع الثقافي التركيبي،ويستخدم آلبات تفكيكية
لبنية الثقافة،من أجل إضعاف التنوع الثقافي،وزجه في جملة من التناقضات والصراعات،التي تحيل الوحدة الثقافية،إلى عناصر ثقافية تفكيكية متحاربة في الولاءات والانتماءات،وذاهبة نحوً التقسيم،وردود فعل طائفية غارقة في الكراهية وثقافة القتل والثأر والفرقة.
هذا الحديث عن طائفية مشروعة،وأخرى نقيضة،يحيلنا إلى سؤال لماذا سوريا الآن تتناول مكوناته الحديث عن الطائفية وصراعاتها وثقافتها،وتحولها في التنوع الثقافي السوري إلى مسألة إشكالية في طرحها،وما يتأتى منها وعنها من مخاوف تمس النسيج الوطني السوري،وتشكل له مقتلاً في بنيانه؟
لاشيء،ولاحدث وواقعة بنائية تتم في المجتمع السوري من فراغ،بل كل مايجري في الحياة السورية،وليد حراكه اليوميالاجتماعي والثقافي والسياسي..إلخ
لابد من العودة الى نصف قرن،من تاريخ سوريا الحاضر والراهن،ونتصفح اللعبة الطائفية التي استخدمها
الأسد ليتربع حكماً على عرش سوريا السياسي،ولعبته في الجيش والمخابرات،بدأت تستساغ في أوساطه والأوساط الحليفة والمضادة،وباختصار فإنّ اللعبة الطائفية الأسدية تحولت إلى لعبة جذبت إليها ضعاف النفوس،وهواة التبعية وأصحاب المراهنات ممن يركبون خيل الطائفية ويتسابقون نحو حزم الدولارات والاستعانة بالخارج لبلوغ مآربهم المريضة،كما فعل الأبن والأب في لعبة الطائفية،التي لا
مسوغ للدخول في تفاصيلها.
وفي أجواء اللعبة ثمة أبواب يدخل منها من يلعب بالطائفية ومن هذه الأبواب التدين الموغل في تدينه،إلى حد الخروج من الأحكام السليمة للتدين،والعقلية الدينية التي فتها العصر بعلومه وابتكاراته،العقلية التي تحرم القول بوصول الإنسآن إلى القمر،وهو يحط رحاله هناك ،وقلب صورة التسامح في الدين والعبادات،إلى صورة معاكسة ونقيضة للصورة الأصلية،وهؤلاء ممن يسمون بالتثقيف وحيد الجانب،والمبني على عداءات موروثة،ويدخلها ممن يراهن على الأجنبي وتحت تسويفات
وتسويغات مرفوضة جملة وتفصيلاً،وأصحاب النعرة والعصبية الجاهلية،وممن يتابع عن بعد أخبار الصراع فيأخذ ما يتناغم مع جهله وولاءاتهًً واختياراته الوراثية.القبلية.
متى نوقف اللعبة الطائفية في ربوع سوريا،نوقفها عندما نغلب الولاء للوطن،وعندما نغني التنوع الثقافي بالوحدة والقوة والولاء للوطن،وعندما ينهض التيار القومي العربي في سوريا إلى مستوى مهامه الوطنية،ويوقف الاجراءات المصنوعة بعقلية الانتقاء بكل خلفياته الثقافية المرفوضة في دولة مدنية عمودها الفقري المواطنة بكل مستحقاتها.وعندما نضع مايجري في غرّة من وحشية صهيونية،المشترك النضالي العربي،ونحوله إلى ولاء وانتماء أول لكل مواطن في سوريا
قلب العروبة النابض،وعندما تصبح وحدتنا الوطنية الدرس المستفاد بكل ما يجري فينا وحولنا .
د-عزالدين حسن الدياب.