ثقافة وفنون
قصة قصيرة : سفر منتصف الليل (7)

قصة قصيرة : سفر منتصف الليل (7)
بقلم : رحال امانوز .
الفصل : السابع .
وكأنني ذهبت في رحلة عبر الزمن . من الماضي السحيق . إلى الحاضر المعاش . غادرت الازقة الضيقة . إلى الشوارع الفسيحة . تركت المدينة العتيقة خلف ظهري . وانطلقت نحو المدينة الجديدة . باحثا عن مطعم لتناول وجبة الغذاء . لمحت محلا لبيع الوجبات السريعة . اخترت مكانا على الرصيف . اقبل علي النادل مرحبا . اخترت وجبتي : سلطة خضر ولحم مفروم مشوي . وضع بجانبها قنينة كبيرة من الماء البارد . يستحيل العيش في مدينة وجدة صيفا . دون مكيف هواء . ودون وماء بارد . هما الوسيلتان الوحيدتان للتغلب على الحرارة المفرطة . بجانبي كان يجلس شاب . عرفت انه صاحب المطعم . تجاذبنا أطراف الحديث . حكى لي عن مدينة وجدة وعادات أهلها . اخبرني انه كثير التجوال . وأنه سبق له زيارة مدينة الدارالبيضاء . وأنه عمل بها فترة من الزمن . قال لي : الدارالبيضاء الله يعمرها دار . العمل فيها متوفر . والفرص فيها مواتية للعيش . قال لي هو يرسل زفرة أسى . منذ قرار إغلاق الحدود . بين المغرب والجزائر . قل الرواج التجاري .و انقطعت أواصر صلة الرحم . بين الأسر والعائلات . تابعت طريقي راجعا إلى محطة القطار . بدأت الشمس تميل نحو الغروب . وبدأت درجة الحرارة . تخف رويدا رويدا . واحتلت الحدائق و الساحات العامة . من طرف النسوة والأطفال . بينما استحوذ الشباب والكهول . على مقاعد أرصفة المقاهي . بعض اليافعين أطلقوا العنان لدراجاتهم . العادية والنارية والكهربائية . جلست في مقهى المحطة . شربت كأس حليب بقهوة . فكرت في شراء وجبة العشاء . هناك دكاكين قليلة لا تشفي الغليل . ليس هناك سوى بسكويت وشكلاط ومشروبات باردة . لم يبق لدي متسع من الوقت . للذهاب لتناول العشاء . في احد المطاعم البعيدة عن المحطة . القطار سينطلق بعد لحظات . اخذت مكاني بالمقعد رقم 37 . بالعربة رقم 23 بالدرجة الثانية . انطلق القطار واستسلمت للنوم . اخرجني من سباتي صوت اجش . لمراقب التذاكر الذي قرب جهازه من تذكرتي . ارسل الجهاز رنينا حادا . عدت لاحلامي الوردية . عندما أغفو من نومي . اسمع صوتا نسويا يخبر بالمحطة الحالية . القي بنظراتي إلى النافذة . لا اصادف سوى سواد الليل البهيم . وبعض الانوار البعيدة . أذناي فقط تلتقط بعض الأصوات: شخير … رنين هاتف … سعال … همسات … ضحكات مكتومة … انبلج الصبح عند وصولنا القنيطرة . استفقت من نومي . وتابعت من نافذتي مسار القطار . وهو يمر بسلا والرباط . حتى وصوله محطة الدار البيضاء _ المسافرين .
مدينة ابن جرير . المغرب . 2025