مقالات
معنى مفهوم “المجتمع التركيبي”في الأنثروبولوجيا -المجتمع العربي السوري أنموذجاً- بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

معنى مفهوم “المجتمع التركيبي”في الأنثروبولوجيا -المجتمع العربي السوري أنموذجاً-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
ليس من السهولة بمكان،الحديث والكتابة في كثير من المفاهيم والمصطلحات،في مجتمع مثل المجتمع العربي السوري،عاش نصف قرن في نظام كان يسعى جاهداً لتفكيك بنية الثقافة إلى ثقافات طائفية مذهبية،ظنّا منه أنها تشكل له حماية عسكرية أمنية،
وترافق ذلك مع إضعاف مقصود،لبنية التنوع الثقافي،الذي كان يشكل علامة من علامات الشخصية الاجتماعية العربية السورية ،،ومن ثم تفكيك هذا التنوع،بأساليب وآليات سياسية وأمنية واقتصادية،منها على سبيل المثال لا الحصر، خلق حالة أمنية،تمكنه من الاقتراب من رجل دين،ورئيس طائفة ومذهب،ووجيه قبيلة وعشيرة،ومختار بلدة وقرية،ونجحت سياسة النظام،في مرافقة ذلك الاقتراب،بالعطاء المالي،أو بمنصب إداري أو سياسي،وعضوية في مجلس الشعب…إلخ والمعروف أن إضعاف التنوع الثقافي،يفتح الباب أمام نزعات وعصبيات جهوية وعشائرية وفصائلية ومذهبية،وهذه النزعات تتعايش في ظل سلطة أمنية،متوحشة في إجراءاتها،مصحوبة مع ثقافة الخوف والكراهية،التي عرفتها الحياة السورية،خلال مرحلة نظام عائلة الأسد. والإشارة إلى هذه المخاوف،تجنباً للدخول في جدال حول معنى المفاهيم والمصطلحات،ومن توجه منهجي أنثروبولوجي
نقول إنّ ما نريده من مفهوم التركيبي،جاء لغوياً من كلمة(ركّبه):جعله يركب.و-الشيء:ألّفّهُ من مواد مختلفة.يقال:
ركب الدواء.و-ضمّه إلى غيره ،فصار شيئا واحداً في المنظر.يقال :ركًّبَ الفُصًُ في الخاتم [….](تراكب)الشيء:رّكبّ
بعضه ببعْضاً،أو تراكم (تّرّكّبّ):تّأّلّفَ وتّكوّنّ-المعجم الوجيز- مجمع اللغة العربية-القاهرة-ص275)
ويفهم من هذا الذي أتينا به من اللغة العربيه،أنّ مانقصده بالقول:إنّ المحتمع العربي السوري مجتمع تركيبي بثقافته،ومادام ذلك،فبنيته الاجتماعية السكانية بنية تركيبية تكاملية تآلفية،وهذه البنية السكانية التركيبية تكاملية في الانتماء والولاء للمواطنة،التي تعني الحقوق والواجبات،للمواطن العربي السوري،وما يترافق معها ويتداخل من حريات ومسؤوليات والتزامات،نراها مدونة في العقد الاجتماعي،الذي يشكل مرجعاً وسنداً وحقا لكل مواطن يحمل المواطنة السورية،وقولنا في المجتمع العربي السوري،مجتمعاً مركباً،فإنّ هذا التركيب تكاملي تآلفي بحكم ثقافته المتنوعة المركبة المتآلفة.وإذا أخذنا بقول شيخنا الأنثروبولوجي ابن خلدون؛الإنسان ابن عوائده ومن تبعه ووالاه في المعرفة،إن العوائد الثقافية تكون الشخصية الاجتماعية،وتحدد معالمها وسماتها،فهذا حال المجتمع العربي السوري،مع ثقافته التّركيبيةالتكاملية في كل تنوعاتها الثقافيّة الجهوية والمهنية والمذهبية والإثنية،وهذا التنوع الثقافي ،يجعل الشخصيّة العربية السورية شخصية خلاقة،قوية في المواطنة والوطنية ،المحكومة،وقوية في الانتماء والولاء القومي العربي ،الذي أضفى عليها. خصيصة قلب العروبة النابض .
والخلاصة فإن معنى مفهوم المجتمع العربي السوري التركيبي يراد به تركيباً تكوينيا تكاملياً،وهذا حال الأمم جميعاً،فالمجتمع الفرنسي محتمعاً تركيبياً تكاملياً تآلفيا،بفعل ثقافته المتنوعة المتكاملة المتآلفة،ففيها الفرنسي الأوروبي،والعربي المسلم والمسيحي،واليهودي والأرمني والغجري،وهكذا الحال باقي الأمم وقد فصل علماء الجغرافيا والأنثروبولوجيا في مفهوم المجتمع التركيبي التكاملي التآلفي،وهم يدرسون الشخصية الاجتماعيّة الثقافية،وفي مقدمتهم المفكر العربي المصري الدكتور جمال حمدان،الذي أبدع القول في عبقرية الشخصية العربية المصرية،التركيبيّة التكوينيّة التكاملية.
قال لي صديقي لم تكثر القول في عروبة سوريا؟أنا لا أقصد العروبة الاثنية العرقية الحنسية،وإنّما أقصد بها العروبة الثقافية،المسكونة بتنوعها الثقافي، وفي عروبة جغرافية
الوطن العربي،التي استنطقها التاريخ على لسان الشاعرالذي قال :بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان….والبقية عائشة في شخصية أحرار الأمة العربية،واعدة ومتواعدة
مع قدرها بإنها صاحبة رسالة ودور حضاري إنساني.وأنموذجهاالعربي في غزَةَ طوفان الأقصى..وفي هذا الأنموذج تتكامل عروبة الحغرافيا مع تاريخها العربي،بما سطر أبطاله من عهود في البطولة.
د-عزالدين حسن الدياب