
وَعيُّ الفردِ
بقلم أ.د. خضر توفيق خضر -غزة
ثَمَّةَ من يُفكِّرُ ويتأمَّلُ الواقعَ المأساويَّ والمتردِّيَ المريرَ في بلادِنا جَرّاءَ حربِ الإبادةِ الحاليّةِ، والذي يحتاجُ إلى تغييرِ الحالِ الذي نحنُ فيه، وهذا يُحيلُنا إلى التأمُّلِ والتدقيقِ في قولِ العالِمِ والعبقريِّ الفيزيائيِّ ألبرت إينشتاين Albert Einstein، الذي يُعدُّ من أشهرِ علماءِ العصرِ الحديثِ: “لا نستطيعُ حلَّ المشاكلِ المستعصيةِ بنفسِ العقليةِ التي أوجدَتْها”. وهذا ينطبقُ على واقعِ الحالِ، ومُوجَّهٌ بالطبعِ، لِمَن يَعرضونَ ويطرحونَ أنفسَهم للحلِّ، ودَوماً كانوا وراءَ كلِّ هذه المشاكلِ.
ويُضيفُ إينشتاين: “فالجنونُ هو أن نفعلَ نفسَ الشيءِ مرّةً تِلوَ أخرى ونتوقّعَ نتائجَ مختلفةً.”
في هذه الحالةِ نحتاجُ هنا إلى تغييرِ طريقةِ ونمطِ التفكيرِ، حيث إنّ العقليةَ التي تسبَّبتْ وأوجدَتْ المشاكلَ وقادتِ البلادَ إلى المجهولِ، غالباً ما تكونُ مُقيَّدةً بالجمودِ المعرفيِّ واستخدمَتْ نفسَ الأدواتِ التي جُرِّبَتْ سلفاً وأثبتَتْ فشلَها وأدَّتْ إلى الكارثةِ. وهذا يتطلّبُ منهجاً جديداً وطرائقَ متنوّعةً للتغييرِ أو الحلِّ.
لا يمكنُ حلُّ المشاكلِ والتغلّبُ عليها بنفسِ العقليةِ التي صنعتْها ولا بنفسِ الوعيِ الذي أوجدَها. فمحاولةُ الحلِّ والبناءِ بنفسِ أنماطِ التفكيرِ القديمةِ، عقيمةٌ وبلا جدوى وتؤدّي إلى تكرارِ نفسِ النتائجِ وعدمِ القدرةِ على إيجادِ حلولٍ فعّالةٍ ذاتِ قيمةٍ. فإذا ما استطعنا التغلّبَ والمضيَّ قُدُماً في تجاوزِ الصعابِ والوصولِ إلى ما نريدُه، يلزمُنا أن نبدأَ بتطويرِ وعيِ الفردِ وبناءِ المجتمعِ بأعلى وأرقى مستوى جديدٍ من التفكيرِ الخلّاقِ والإبداعيِّ والعقلانيِّ، الذي يقودُنا إلى رؤيةٍ جديدةٍ واضحةِ المعالمِ والأهدافِ تُفضي إلى تهيئةٍ وحلولٍ للمشاكلِ والأزماتِ من زوايا مختلفةٍ ومتطوّرةٍ ومبتكرةٍ وخلّاقةٍ.
لذا مَن يُريدُ تغييرَ الواقعِ والحالِ للفردِ والمجتمعِ، عليه أن يُفكِّرَ مليّاً ويقومَ بتغييرِ اللاعبين الفاشلين، ويُلغي نمطَ العقليةِ المتخلّفةِ، وتبديلِ الأدواتِ المُجرَّبةِ.. وإلّا سيبقى الحالُ على ما هو عليه مُحزِناً أسيراً للتخلّفِ والفشلِ، وتزدادُ أحوالُ البلادِ سوءاً، وهذا ما لا يُحمَدُ عُقباه، ولا يُوصِلُ إلى حلٍّ، ولا يرضاه عاقلٌ.
أ.د. خضر توفيق خضر
26، آب،2025