الصحافه

دبابات معطوبة وعزوف عن التجنيد وحظر سلاح وخلافات تتجدد: عن أي نصر يتحدثون؟

دبابات معطوبة وعزوف عن التجنيد وحظر سلاح وخلافات تتجدد: عن أي نصر يتحدثون؟

الإشارات المتراكمة غير جيدة. بعد أسبوع على رد حماس إيجاباً على اقتراح دول الوساطة بشأن صفقة تبادل جزئية، تمهيداً لصفقة شاملة تنهي الحرب في قطاع غزة، تستمر إسرائيل في مط الوقت. هذا رغم معرفة واضحة بشأن وضع العشرين مخطوفاً الذين ما زالوا محتجزين في أنفاق غزة، إضافة إلى الثلاثين جثة في أيدي حماس. هناك تقارير عن نية استئناف المفاوضات، هذه المرة في مكان جديد. يبدو أن لا أحد مستعجلاً هنا، خصوصاً في هذا الشأن.
الإعداد لعملية السيطرة على مدينة غزة مستمر كالعادة، والرئيس الأمريكي ترامب يواصل دعمه لنتنياهو. في نهاية الأسبوع، أطلق ترامب تقديراً حول موت بعض المخطوفين. إسرائيل نفت ذلك بشدة. الادعاء بأن العملية العسكرية ستنجح، سواء بإخضاع حماس أو إجبارها بطريقة سحرية على التنازل في اللحظة الأخيرة عن المخطوفين وإعادتهم على قيد الحياة، لا يتساوق مع كل ما شاهدناه حتى الآن.
ثمة للضغط العسكري، لكن حماس لم تتنازل ذات مرة. ومن يصمم على حدوث هذا الأمر، يذكر بالملكة البيضاء في “أليس في بلاد العجائب”، التي تدرب نفسها على تصديق ستة أمور غير محتملة قبل وجبة الفطور.
نتنياهو في هذه الأثناء غير راض عن الاسم الرمادي الذي اختاره الجيش الإسرائيلي بشكل متعمد للعملية، وهو “عربات جدعون 2”. رئيس الحكومة، كما قيل، يفضل اسم “القبضة الحديدية”، ربما بسبب رائحة الفاشية التي تنبعث منه. في الأستوديوهات يحارب ضباط الاحتياط على الفضل بشأن تخطيط العملية، التي لم تبدأ بعد، رغم أن سابقتها لم تثمر الكثير. في المقابل، المجتمع الدولي كله، باستثناء الأمريكيين، يدين نوايا إسرائيل، وهناك خبراء قانون يحذرون من أن تدمير مدينة كبيرة سيعرض المشاركين في العملية إلى خطر قانوني شخصي في أرجاء العالم. لكن هذا لا يزعج وزير الدفاع يسرائيل كاتس، فلا يهم أحداً منهم الحصول على مكانه في الصف الأول في لاهاي، لكن المهم أن غزة تظهر بشكل مختلف بعد العملية، مثل بيت حانون التي دمرت كلياً.
الاستعدادات العسكرية تتواصل، لكن ليس بالوتيرة التي يريدها الوزراء. في “أخبار 12” نشر أن الوزير سموتريتش تطاول في جلسة الكابنيت الأسبوع الماضي على رئيس الأركان أيال زامير، عندما تجرأ الأخير على القول بأن الجيش الإسرائيلي لا يعرف كيفية حساب الوقت الذي سيستغرقه إخلاء مدينة غزة من السكان بالقوة. الحديث يدور عن حوالي مليون نسمة، ويقدر الجيش أن 30 في المئة تقريباً سيرفضون الإخلاء في كل السيناريوهات، على الأقل إلى حين دخول القوات. ولكن سموتريتش وبخ رئيس الأركان من قبل وقال: “أعطيناك تعليمات للقيام بعملية قصيرة، وعليك محاصرتهم. من لا يوافق على الإخلاء فلا تعطه مياهاً ولا كهرباء، وليموتوا جوعاً أو يستسلموا. هذا ما نريده/ وأنت تستطيع فعل ذلك”. يجب القول بوضوح إن سموتريتش يدفع الجيش لارتكاب جرائم حرب، ونتنياهو يصمت.
عشرات آلاف أوامر التجنيد أرسلت لرجال الاحتياط من 2 أيلول؛ لخلق وهم لسنة دراسية، وكأنها ستفتتح كالعادة. جزء من ألوية الاحتياط يتحدث عن توقعات متفائلة، 70 في المئة من الامتثال لهذه الأوامر. وتأمل ألوية أخرى بأن يصل الامتثال إلى 50 في المئة. في كل الحالات، تمرين الفرز مألوف بالفعل، ومعدل الحضور لا يشمل الكثير من الجنود الذين يبلغون قادتهم عن عدم قدومهم، وأنه لا فائدة من إرسال أمر تجنيد لهم. معدل الحضور يعتمد أيضاً على اكتمال البيانات، حيث تقوم بعض الوحدات بذلك من خلال كادر بنفس حجم الكتيبة. هؤلاء جنود احتياط “ملحقون” يتنقلون من وحدة إلى أخرى منذ سنتين تقريباً، وقد تنازلوا عن حياتهم المدنية من أجل الحرب لأسباب مختلفة – بدءاً بالتماهي الأيديولوجي مع أهداف الحرب، ومروراً بمصدر رزق بديل عن مكان العمل الذي فقده في الحياة المدنية، وانتهاء بالذين ما زالوا عالقين عاطفياً بـ 7 أكتوبر ولا يستطيعون التخلص منه (هذا أمر مفهوم بالتأكيد).
وضع المعدات المصفحة ليس أفضل من وضع الجنود أنفسهم. فقد اضطرت طواقم التسليح إلى ارتجال حلول في الميدان وعلاج الوضع الشاذ لوقت سفر الدبابات وناقلات الجنود المصفحة من أجل مواصلة، رغم ذلك، استخدام معدات هي في قتال مستمر منذ 22 شهراً. مؤخراً، ظهرت مشكلة جديدة،وهي أن حظر السلاح الذي فرضته ألمانيا قد يؤثر على استبدال محركات دبابات المركاباه. في هذه الأثناء، إلى حين إيجاد حل، فإن هناك دبابات معطلة، وقدرة العملية البرية في غزة قد تمس بها.
إن تردد رئيس الأركان يرتبط أيضاً بالخوف على حياة المخطوفين. المعلومات التي لدى الجيش الإسرائيلي جزئية، وثمة صعوبة في متابعة استعدادات حماس ومكان المخطوفين في الفوضى الكبيرة السائدة في القطاع. لا نية لزامير لتعريض حياة المخطوفين للخطر، لذلك سيتم اتخاذ الكثير من وسائل الحذر بخصوص تقدم القوات. وهناك اعتبار آخر يتعلق بالرغبة في تقليل عدد الإصابات في أوساط الجنود. مؤخراً، اتبعت في القطاع وسائل حيطة وحذر جديدة في تمشيط المباني، التي يبدو أنها كانت مجدية. جزء من التوصيات وصل من الميدان ومن القوات المقاتلة نفسها، استناداً إلى دروس استخلصت من أحداث سابقة.
إن ضغط المستوى السياسي على الجيش لتحقيق نتائج، ومحاولة دفعه لخطوات إشكالية بين سكان مكتظين، تزيد التوتر داخل الجيش الإسرائيلي. بالأساس، يجب الانتباه لما سيحدث بين قيادة المنطقة الجنوبية وسلاح الجو على خلفية اختلافات سابقة في المواقف، وإزاء خوف سلاح الجو من الظهور كمن لا يقدم ما يكفي من المساعدة للمقاتلين على الأرض.
تسونامي في الطريق
إذا قام الجيش في القطاع بالرد بالمثل على ضغط السياسيين، فليس هذا هو الوضع في الضفة الغربية، حيث يسجل سموتريتش النصر المطلق – في حين أن نتنياهو وكاتس وحتى هيئة الأركان يشاهدون ذلك من الجانب. في الأسبوع الماضي، أعلن وزير المالية (الوزير الثاني في وزارة الدفاع) عن المصادقة على خطط بناء في منطقة إي1 شرقي القدس، وتفاخر بأن الأمر يتعلق بـ “مسمار آخر في نعش الدولة الفلسطينية”.
المشكلة أن الجيش انتقل أيضاً للتحدث باللهجة ذاتها، لا لأن القوات تغض النظر عن عنف ممنهج يمارسه المستوطنون ضد القرى الفلسطينية، بل ثمة خطوات عقابية جديدة تُتخذ الآن. في الأسبوع الماضي، أطلق فلسطيني النار على مواطنين إسرائيليين قرب بؤرة “عيدي عاد” وأصاب أحدهم إصابة بالغة. رداً على ذلك، اقتلع الجيش الإسرائيلي آلاف أشجار الزيتون في قرية المغيّر القريبة. وقال قائد المنطقة الوسطى آفي بلوط: “كل قرية يجب أن تعرف بأنه إذا قام أي فرد منها بأي عملية، فكل القرية ستدفع ثمناًباهظاً وستشهد حصاراً وحظر تجول”. حسب قوله، أن اقتلاع الأشجار استهدف إلحاق الخوف “لدى الجميع، ليس في هذه القرية فقط، بل كل قرية تحاول رفع يدها على السكان (اليهود)”. هذه هي لغة سموتريتش، ونسمعها الآن على لسان الضابط الكبير في الجيش الإسرائيلي في الضفة.
هذه الخطوات حيث في الخلفية استعدادات لهجوم ينطوي على أضرار كثيرة في غزة، ستضمن تسونامي من انتقاد دولي موجه لإسرائيل. وتحدث قبل وقت قليل من انعقاد الجمعية العمومية السنوي للأمم المتحدة الذي سيجري في نهاية أيلول. بشكل عام، يظهر الشهر القادم كشهر متوتر وصاخب. في لبنان، ثمة مواجهة تقترب بين الحكومة والجيش و”حزب الله”، الذي يرفض التنازل عن سلاحه. أما إيران فتواصل صدامها مع الغرب إزاء خرق الاتفاق النووي والعقوبات التي قد تفرض عليها، حيث في الخلفية هجوم إسرائيلي – أمريكي على المنشآت النووية في حزيران الماضي، أمس (الأحد) هاجم سلاح الجو اليمن، كجزء من تبادل اللكمات مع الحوثيين. الجديد في نهاية الأسبوع، هو سقوط صاروخ يحمل رأساً متفجراً متشظياً، قد يزيد عصبية شركات الطيران الأجنبية إزاء إطلاق النار المتواصل على مطار بن غوريون. في حين أن لا شيء يوقف الدوامة في الساحة الفلسطينية غير صفقة تبادل.
عاموس هرئيل
هآرتس 25/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب