الجفاف يفتح الباب أمام أزمة جديدة في وسط وجنوب العراق: تلوث مياه الشرب ومحطات تصفية تخرج عن الخ

الجفاف يفتح الباب أمام أزمة جديدة في وسط وجنوب العراق: تلوث مياه الشرب ومحطات تصفية تخرج عن الخ
مشرق ريسان
أكدت وزارة الموارد المائية، أن قلة الإطلاقات من دول المنبع وتأثير التغير المناخي، أديا إلى انخفاض الخزين المائي بشكل كبير، مشيرة إلى أن العام الحالي هو أكثر السنوات جفافاً.
بغداد ـ تنشغل الحكومات المحلية في محافظات وسط وجنوب البلاد، بمعالجة آثار شحّ المياه وارتباطها بأزمة جديدة تمثّلت بتلوث مياه الشرب، وخروج محطات عن الخدمة، في وقتٍ لا يزال فيه العراق من بين أكثر الدول عرضة لآثار التغير المناخي على مستوى العالم.
عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية ثائر الجبوري، أعلن خروج الكثير من محطات مياه الشرب عن الخدمة في محافظة بابل، المحاذية للعاصمة بغداد من جهة الجنوب.
وأفاد بأن «الكثير من مناطق العراق تعاني من شحة مياه الشرب، بعد خروج عدد من المحطات عن الخدمة بفعل التعمد التركي بعدم إطلاق المياه للعراق»، مبيناً أن «محافظة بابل تعاني من شح المياه، وكثير من محطاتها أصبحت عاجزة عن تأمين مياه الشرب، بسبب الجفاف الذي تعانيه أنهر المحافظة نتيجة قلة الإطلاقات المائية القادمة من تركيا».
وبين أن «الجانب التركي لديه مخزونات كبيرة جدا وهذه المخزونات بالامكان أن يتم من خلالها إطلاق حصة العراق بنسبة 7 في المئة منها لتأمين حصة عادلة من المياه. بالامكان ان ترفد أنهاره وتوقف أزمة الجفاف التي تعانيها أنهر العراق».
تصريح النائب العراقي جاء متزامناً مع انتشار أنباء تفيد بتعرض مياه الشرب في محافظة بابل إلى التلوث، جراء عدّة أسباب أبرزها الشحّة، الأمر الذي دفع الحكومة المحلية إلى التدخل ونفيها.
وذكرت مديرية ماء بابل في بيان صحافي، أن «كوادرنا مستنفرة كل جهودها البشرية والآلية لغرض تصفية الماء وتعقيمه، بالإضافة إلى فرق المراقبة من مكتب محافظ بابل ومختبرات المديرية ودوائر الصحة والبيئة مستمرة لمتابعة نوعية الماء».
وأضافت، أنه «بهذا الصدد نود أن نوضح بخصوص (بصمة صوتية) تحذر المواطنين من استخدام الماء وكذلك كتاب يحذر من وجود بكتريا معينة، بأن هذه التحذيرات تخص محافظة أخرى وليست بابل، ومستمرين بعملية تعقيم الماء بمادة الكلور لجميع المشاريع والمجمعات المنتشرة في عموم المحافظة».
من جانبه قال محافظ بابل: «وجهنا الأجهزة الأمنية والدائرة القانونية باتخاذ الإجراءات الرادعة بحق مروجي الشائعات المغرضة بشأن موضوع تلوث المياه، والتي تهدف إلى إثارة الهلع بين المواطنين»، مؤكدا ضرورة «اعتماد المعلومات حصراً من الجهات الرسمية المختصة». في كربلاء المجاورة لبابل، لم يكن الأمر أفضل، إذ شهدت المدينة تلوثاً في مياه الشرب، جراء إطلاقات مائية قادمة من سد حديثة على نهر الفرات.
المكتب الإعلامي للمحافظ، نصيف جاسم الخطابي، ذكر في بيان صحافي، أن المحافظ ترأس اجتماعاً موسعاً خُصص لمناقشة «الإشاعات» المتداولة حول تلوث مياه محطات الإسالة في بعض مناطق المحافظة، بحضور نائب رئيس مجلس المحافظة، ورؤساء لجان الخدمات والصحة، وقائد الشرطة، ومدراء الدوائر الخدمية المعنية بالماء والصحة والبيئة والموارد المائية.
وأوضحت الدوائر المختصة خلال الاجتماع، أن «المشكلة ناتجة عن الإطلاقات المائية من سد حديثة، والتي سببت تغييرات فيزيائية في مياه نهر الفرات من حيث اللون والطعم، وقد تم التواصل مع وزارة الموارد المائية لزيادة كمية الإطلاقات المائية لتحسين انسيابية تدفق المياه خلال الأيام المقبلة».
ورغم اعتبار المحافظ إن أنباء تلوث المياه «إشاعة»، أكدت دائرة صحة كربلاء أن نتائج الفحوصات المختبرية كشفت عن وجود «تلوث بكتيري بسيط في المياه، وهو أمر اعتيادي ولكنّه يستدعي اتخاذ الإجراءات الوقائية»، وباشرت دائرة الماء بمعالجة المشكلة فوراً عبر زيادة المواد المعقمة، ما أدى إلى عودة النتائج إلى المعدلات الطبيعية.
وكان زعيم التيار الصدري/ التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، قد دعا إلى إنقاذ مياه العراق من التلوث، وإبعاد هذا الملف عن «المهاترات والتسقيط السياسي».
وكتب الصدر في «تدوينة» له، إنها «مسألة إنسانية لا يمكن السكوت عنها، فبعد أزمة الكهرباء المتجذرة في العراق، ها هي المخاوف من أزمة تلوث المياه في العراق تتصاعد تدريجيا».
ووسم الصدر المنشور بـ«أنقذوا ماء العراق من التلوث»، داعيا إلى ترك «المهاترات السياسية جانبا»، والابتعاد عن «نشر الأكاذيب والتسقيط السياسي» فيما يتعلق بهذا الملف.
وفي النجف- معقل الصدر، أعلنت اللجنة العليا لإدارة ملف المياه في المحافظة تشكيل لجان مختصة لايجاد حلول لملف أزمة المياه وشحتها بالمحافظة، داعية إلى ضغط حكومي لإطلاق دفعات مائية جديدة.
وقال كرار محبوبة النائب الثاني للمحافظ، رئيس اللجنة، إن «اللجنة عقدت اجتماعا بمبنى المحافظة، قررت فيه التوجه إلى مخاطبة الجهات العليا في الحكومة المركزية لتكثيف الضغط لإطلاق دفعات مائية جديدة وتشكيل لجان مختصة بتخصصات متعددة لمتابعة ووضع معالجات وحلول لأزمة الشحة وتوفير الماء الصالح للاستخدام، وتشديد العقوبات والغرامات على كل من يتسبب بهدر المياه، مع تقديم التسهيلات المجانية للمزارعين لانشاء آبار سطحية عوضاً عن السقي التقليدي».
وأشار محبوبة في تصريحات صحافية إلى أن «سبب لون ورائحة الماء الحالي يعود إلى استخدام الحكومة المركزية الخزين المائي الراكد، وكذلك الإطلاقات التركية للمياه المصاحبة للطحالب الخيطية»، داعياً إلى «توفير تخصيصات مالية لشراء مادة الكلور، مع تقديم دراسة متخصصة بالتعاون مع الجامعات الرصينة حول موضوع الأمطار الاصطناعية».
وفي أقصى جنوب البلاد، وحيث محافظة البصرة الغنية بالنفط، تحدثت مصادر صحافية عن إن المدينة لا تزال تشكو أزمة التلوث والملوحة وجفاف الأنهر، مبينة أن نسبة الملوحة في مياه شط العرب ارتفعت إلى أكثر من 80 في المئة.
وطبقاً للمصادر ذاتها فإن أكثر من 80 ألف مواطن أصيبوا بالتسمم نتيجة أزمة التلوث والملوحة، فيما نفقت العديد من المواشي وخرجت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية عن الخدمة.
وأوضحت أن الحكومة المحلية بالبصرة اتخذت إجراءات عدة للحؤول دون تفاقم الأزمة، فيما حذرت دائرة البيئة من كارثة بيئية محتملة بسبب تدهور جودة المياه.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد أكدت، في تموز/يوليو الماضي، أن قلة الإطلاقات من دول المنبع وتأثير التغير المناخي، أدى إلى انخفاض الخزين المائي بشكل كبير، مشيرة إلى أن العام 2025 هو من أكثر السنوات جفافاً منذ العام 1933
«القدس العربي»: