نتنياهو يفشل مساعي الوساطة في غزة والأعين تتجه لترامب لسحب ضوئه الأخضر في استمرار الحرب

نتنياهو يفشل مساعي الوساطة في غزة والأعين تتجه لترامب لسحب ضوئه الأخضر في استمرار الحرب
سليمان حاج إبراهيم
الدوحة ـ يصطدم الوسطاء في قطر ومصر بمناورات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المعرقل لجهود إنهاء حرب الإبادة في غزة، مع محاولات لدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التحرك للضغط على حليفه، وسحب الضوء الأخضر الذي منحته واشنطن لتل أبيب لاستكمال الجهود العسكرية. وتأتي التطورات بعد استكمال الوسيطين القطري والمصري لجهودهما للتوصل لاتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية، حتى الحصول على موافقة حركة حماس على الورقة المقترحة، لكن الجهود اصطدمت برفض إسرائيلي وتلاعب ومناورة من قبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي تفادى الرد علناً على الورقة، في ظل مخططات الاحتلال اجتياح القطاع. وخرجت الدوحة عن صمتها، وأكدت مباشرة أن الوسطاء عملوا ما عليهم، وتوصلوا لأرضية اتفاق وافقت عليه حماس، ويتضمن معظم مطالب تل أبيب، لكن ساستها يرفضون حتى الآن الإعلان عن موقفهم.
وكشفت قطر أن إسرائيل حتى الآن تماطل في الرد على مقترحات الوسطاء بشأن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، مع التأكيد أن الدوحة لم تتلق رداً إسرائيليا لا بالقبول ولا الرفض، مع التشديد أن ما يطرح على الطاولة يتوافق مع معظم ما تريده تل أبيب، ولكنها حتى الآن لم توضح موقفها الرسمي.
ومؤخراً أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن جهود بلديهما لن تتوقف حتى يتم الوصول لوقف فوري للنار في قطاع غزة رغم عدم تجاوب دولة الاحتلال الإسرائيلي مع مقترح الوسطاء. وتشدد الدوحة والقاهرة، على رفض البلدين للمحاولات الإسرائيلية تهجير الفلسطينيين، معتبرين ذلك «خطا أحمر» غير مقبول.
كما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» استمرار إسرائيل في حرب الإبادة على قطاع غزة منذ 700 يوم «وصمة عار على جبين الإنسانية»، وأكدت أن ما يجري هو إبادة جماعية وتطهير عرقي وتهجير قسري مكتمل الأركان.
وقالت حماس إن من وصفته بمجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– يصر على تعطيل وإفشال جهود الوسطاء، وذلك بعد أن وافقت الحركة قبل أسابيع على مقترح يضمن وقف الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى.
وترى حماس أن إعلان وزير حرب الاحتلال، كاتس، تصعيد عمليات جيشه ضد مدينة غزة، بعد أسابيع من بدء الهجوم الهمجي على المدينة، يمثِّل تحدياً غير مسبوق للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ويُعدّ اعترافًا علنيًا بالنوايا الإجرامية لتدمير مدينة مأهولة بالسكان وابتزازهم تحت التهديد والمجازر الوحشية، مع الشروع في ارتكاب جرائم إبادة بالمدينة، وتدمير أحيائها، والضغط لتهجير سكانها قسراً.
واعتبرت حماس التي وافقت على عرض الوسطاء القطريين والمصريين، والورقة المقدمة لوقف الحرب، أن «استهداف جيش الاحتلال الفاشي للأبراج السكنية المكتظة بالسكان والنازحين يأتي في سياق محاولاته الإجرامية لدفع أهالي المدينة إلى الهجرة قسرًا، وهو ما يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. أما ادعاءاته الكاذبة باستخدام هذه الأبنية من قِبَل المقاومة فليست سوى ذرائع مكشوفة لتمرير جريمته الوحشية وتضليل الرأي العام العالمي».
وخاطبت حماس الوسطاء في الدوحة والقاهرة، وجددت لهما التأكيد على استعدادها لإبرام «صفقة شاملة» تتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة مقابل عدد متفق عليه من المحتجزين الفلسطينيين ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في القطاع. وقالت حماس: «تجدد الحركة التأكيد على موافقتها لتشكيل إدارة وطنية مستقلة من التكنوقراط لإدارة شؤون قطاع غزة كافة وتحمل مسؤولياتها فوراً في كل المجالات».
استمرار جهود الوساطة
تواصل الدوحة مهمتها الرامية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وتتحرك في جميع الاتجاهات، إيماناً منها بضرورة تحقيق اختراق في المجال الدبلوماسي، وإنهاء معاناة سكان القطاع المحاصرين الذين يواجهون أصعب التحديات.
وكشفت مصادر دبلوماسية في العاصمة الدوحة، أن اللجان الفنية المعنية بموضوع الوساطة ما تزال تعمل، وفي صمت، حتى تحقيق الهدف المنشود.
وتستمر قطر بذل جهودها الدبلوماسية، من أجل إيجاد نهاية للحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، وتفعيل الاتصالات مع مختلف الدول من أجل وقفها، وعدم استفحال الوضع أكثر، في ظل مخططات الاحتلال اجتياح القطاع.
وتدرك قطر أن اللعبة السياسية التي يخوضها بنيامين نتنياهو سيأتي اليوم الذي تتوقف فيه، وتتغير الظروف والمعطيات التي تقوده مجددا للموافقة على العرض المطروح على الطاولة، والذي يستجيب أساساً لمعظم الشروط التي وضعها الجانب الإسرائيلي، ووافقت عليها حماس، من أجل وقف معاناة السكان الذين يواجهون أسوأ أزمة إنسانية يعرفها التاريخ المعاصر.
وبحث الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري في الدوحة، مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الوضع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وكشفت المصادر القطرية، أن الدوحة، أكدت ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وشدد الشيخ محمد بن عبد الرحمن على ضرورة أن تفضي هذه الجهود إلى ضمان حماية المدنيين، والإفراج عن المحتجزين والأسرى، وتدفق المساعدات الإنسانية لمعالجة الأوضاع الكارثية في غزة.
وكشفت قطر، أن إسرائيل لم ترد بعد على مقترح الاتفاق الذي سلمه الوسطاء الشهر الماضي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، ودعت المجتمع الدولي لموقف موحد لإيقاف إسرائيل، لا سيما مع تزايد التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بفرض السيطرة على الضفة الغربية المحتلة.
كما أكد متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، وجود اتصالات يجريها الوسطاء للوصول إلى «نموذج مختلف» بشأن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس» لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
اجتماع عربي يُحذر
وحذر وزراء الخارجية العرب في اجتماع الجامعة العربية في القاهرة، من تهديدات تل أبيب للمنطقة، وطالبوا بوقف فوري للحرب الإسرائيلية على غزة. وقال وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، في الاجتماع إن «العالم يواجه نظاماً إسرائيلياً لا حدَّ لوحشية حروبه التدميرية على غزة وعلى الضفة الغربية المحتلة وعلى استقرار سوريا ولبنان ومستقبليهما».
كما اعتبر مسؤولون عرب أن «إسرائيل تجعل غزة أرضاً غير قابلة للحياة، تنفيذاً لمخطط استعماري تهجيري، وتحاصر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقيادته؛ اقتصادياً ومعيشياً، لتدمر التمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني، وتمهيداً لمخططات تهجيرية أيضاً». وخرج وزراء الخارجية العرب بقناعة مفادها أن «مواجهة هذا الخطر المحدق تتطلب عملاً عربياً جماعياً، وفق استراتيجية شاملة، استراتيجية سياسية، اقتصادية، قانونية، دفاعية، توظف كل الأدوات المتاحة، لحماية مستقبل المنطقة ومصالحها، ولحماية حق المنطقة في العيش بسلام عادل ودائم». وتتعاظم في إسرائيل موجة المعارضة للحرب، والمطالبة بالعودة إلى مفاوضات الصفقة.
وتفاعل المجتمع الإسرائيلي مع الوضع الحالي في غزة، ويتحرك في جميع الاتجاهات لوقف مناورات بنيامين نتنياهو، مع تصاعد الأصوات التي تدعو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، التحرك، للجم خطط حليفه نتنياهو. وارتفعت أصوات في تل أبيب ترى أن دونالد ترامب لا يبذل أي جهد لإنهاء الحرب، وهو يركز على العلاقات العامة، ويصدر تصريحات تشجع رئيس وزرائهم على المضي قدما في حربه، بينما يدفع الجنود والمواطنون الثمن بحياتهم، في غياب مَن يوقف دولة إسرائيل التي تُتخذ فيها القرارات.
وتضغط عائلات الأسرى وتتحرك من أجل حشد أصوات ترفع للبيت الأبيض، تؤكد على ضرورة إيجاد حل للحرب التي يشنها الاحتلال، خصوصاً وأن الجميع في تل أبيب يعلم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو من يعرقل الصفقة. وكشفت مصادر عبرية، أن فعاليات سياسية في تل أبيب مدفوعة بضغوط عائلات الرهائن والمناوئين الإسرائيليين لاستمرار الحرب يؤكدون على ضرورة ممارسة واشنطن نفوذها ووضع خطة شاملة لوقفها. وترى عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، أن واشنطن تمثل طوق نجاة من الأزمة الحالية وتؤكد على ضرورة ممارسة البيت ضغوطا جدية على نتنياهو.
«القدس العربي»: