" أسطول الصمود العالمي " لكسر الحصار ووقف جرائم إسرائيل: حضور عالمي وغياب عربي!

" أسطول الصمود العالمي " لكسر الحصار ووقف جرائم إسرائيل: حضور عالمي وغياب عربي!
د. كاظم ناصر
في لحظة تاريخية تقف فيها دول العالم والدول العربية، خاصة دول التطبيع، عاجزة عن لجم دولة الاحتلال وإرغامها على وقف المجازر
التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وبعد عدد من المحاولات لكسر الحصار عن قطاع غزة، انطلقت من ميناء
برشلونة الإسباني الأحد الماضي نحو عشرين سفينة للمشاركة في " أسطول الصمود العالمي "، تبعتها قافلة أخرى فجر الإثنين من ميناء
جنوا شمال إيطاليا من المقرر أن تلتقي هذه السفن بأخرى مغاربية ستطلق من تونس في العاشر من هذا الشهر، وتضم مجتمعة من 40
إلى 50 سفينة محملة بمواد إغاثية لقطاع غزة، وعلى متنها مئات النشطاء من 44 دولة من ضمنهم مغنين وممثلين وأدباء وسياسيين
واعلاميين وأطباء مشهورين مقارنة بحضور هامشي معيب للمثقفين العرب، وغياب كامل لرجال الدين والسياسة العرب والمسلمين.
وأكد المشاركون " في أسطول الصمود العالمي " أن تحركهم ليس مجرد عملية رمزية، بل خطوة أخلاقية إنسانية تهدف إلى كسر حصار
دولة الاحتلال المفروض على غزة بفتح ممر بحري لإيصال المساعدات إليها، ووقف سياسة القتل والتجويع وحرب الإبادة التي تشنها
ضد الفلسطينيين.
وتماشيا مع هذا الدعم العالمي، لا بد من قول الحقيقة المؤلمة وهي إنه في الوقت الذي قامت فيه الشرطة البريطانية يوم السبت 6/9/
2025 باعتقال أكثر من 425 شخصا من المشاركين في مظاهرة خرجت في لندن للتعبير عن دعم الشعب البريطاني للفلسطينيين، وفي
الوقت الذي تنتفض فيه عواصم دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من دول العالم، وتغص شوارعها بالمتظاهرين المطالبين بوقف حرب
الإبادة التي تشنها إسرائيل، فإن الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية والإسلامية مستكينة، مستسلمة، لا مبالية لا تحرك ساكنا، وباتت
عمان والقاهرة ودمشق وبغداد تخلو حتى من المظاهرات الشعبية المحدودة الداعمة للمقاومة وغزة التي انطلقت بعد السابع من أكتوبر
بسبب إجراءات السلطات التي منعت المواطنين من التظاهر، ومن رفع الأعلام الفلسطينية، ومن اطلاق الهتافات الداعمة للمقاومة إرضاء
لإسرائيل وأمريكا، وخوفا من أن تتحول المظاهرات إلى عصيان شعبي يهدد استمرار الأنظمة وأمن إسرائيل.
هذا ما تفعله شعوب العالم الحرة المحبة للسلام المدافعة عن الحق والعدل لنصرة الحق الفلسطيني وكسر حصار غزة؛ فما الذي فعلته
الشعوب العربية؟ وما الذي فعلة المثقفون والاعلاميون المرتزقة المتحالفين مع حكام الطغيان، والمدافعين عن أنظمة الاستسلام والخيانة
العربية؟ وما الذي فعله رجال الدين العرب المنافقين الذين لا يترددون، ولا يضيعون أي فرصة لإصدار الفتاوي المضللة الداعمة "
لأولياء الأمر" عملاء أمريكا وأصدقاء إسرائيل؟
من الواضح أن المثقفين والإعلاميين وقادة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الدين العرب قد فشلوا فشلا ذريعا في مناصرة
ودعم أهلنا في غزة، وفي تعبئة واستنهاض المواطنين العرب وقيادتهم للتخلص من الخونة جلاديهم الطغاة اللصوص " أولياء الأمر "
الذين أوصلوهم إلى هذا الوضع المأساوي؛ وإذا استمر المواطنون العرب، في كل قطر عربي، في خنوعهم لحكامهم وأنظمتهم
ومخابراتهم وأكاذيبهم، ولم يستيقظوا ويتصدوا لهم ولأنظمتهم، فإن المآسي القادمة ستكون أعظم بكثير من تلك التي حلت بنا حتى الآن!