ماذا وراء تعيين «رجل المارينز» سفيرا في الأردن؟ والنار اقتربت من ثوب الشيخ المصري

ماذا وراء تعيين «رجل المارينز» سفيرا في الأردن؟ والنار اقتربت من ثوب الشيخ المصري

بسام البدارين
«كوميديا سوداء» بامتياز تظهرها خمسة أيام من تفاعل الأردنيين الاستثنائي مع «نبأ غير سار»، محوره تعيين «رجل العمليات والمارينز» الأمريكي صاحب «أطول لحية لدبلوماسي» في الولايات المتحدة جيمس هولتسنايدر سفيرا لواشنطن في عمان.
التلفزيون الرسمي الحكومي تجنب أي إشارة لنبأ أشغل الشارع تماما.
لكن وقفة على الهواء مباشرة لم تستطع العبور بدون ضيف على الشاشة يُلمِح لضرورة فهم دلالات ترشيح الإدارة لهولتسنايدر حصريا على اعتبار وجود «رسالة ما».
غرق الأردنيون تماما في بحر من التهكم والسخرية المرة والتساؤلات الحائرة، حتى أن شاشة «الحقيقة الدولية» نشرت بتوسع تفاصيل بعض الملاحظات.
لحية السفير والمنسف
سجل أحد شباب مدينة الكرك سؤالا، يستحق جائزة «السعفة النحاسية»، وهو يطرح السؤال الأكثر إثارة للضحك: «لحية سفير الخواجات الجديد أطول من المدرج الروماني.. ترى من يدعوه الى منسف كيف سيتصرف مع اللبن والتشريب؟».
موجة عاتية من التعليقات بدأت تستفسر فنيا عن كيفية تعامل جندي المارينز السفير مع لحظة «تشريب اللبن الجميد»، عند تناوله المنسف الساحر، خصوصا وأن لحيته طويلة جدا ولا يمكن إطعامه بدون إغراق، ولو أجزاء منها بالسمن البلدي واللبن.
على جبهة موازية النخب السياسية غرقت في التأويلات وتلفزيون «وطن» الإلكتروني أعاد بث «لقطات» لصاحب اللحية الطويلة عندما عمل في العراق وأفغانستان والكويت ثم طرح السؤال: بعيدا عن «اللحية الغريبة جدا» بإقرار محطة «سي أن أن» وصحيفة «واشنطن بوست». على أي أساس تقرر واشنطن تعيين رجل عمليات وظل في خلفية أمنية وعسكرية فجأة سفيرا في عمان؟!
طبعا، لا يمكن الإجابة على السؤال، إلا بعد معرفة موقف هولتسنايدر – ما غيره – عندما يغرف في تفاصيل المنسف وأهله، حيث نفترض مسبقا أن السفير الملتحي سيتعرض لملاحقة ومطاردة ومتابعة لكل صغيرة وكبيرة ستصدر عنه وفي سياق جنوني، لا يقارن بما واجهته سفيرة سابقة كانت تقيم ولائمها وتقدم المنسف بلحم الهامبرغر، أو السفيرة التي أعقبتها وسحبها ترامب يائيل لمبرت قبل أشهر وكانت شغوفة بالشاورما.
«المارينز الكاوبوي»، صاحب اللحية الكثة الطويلة جدا، حتى قبل ان يطأ عمان تحت كل المجاهر وفي صيغة استثنائية. هل يغرق في حب النشامى والمنسف فيكون عونا للأردنيين، أم سيحضر بصفة «المندوب السامي»؟ سؤال طرحته في الواقع عشرات المداخلات.
مصر: تغيرت اللهجة
فضائية «الحدث» بدورها انتبهت لـ«التغيير في اللهجة» المصرية تجاه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بعدما لوح بابتزاز مصر، عبر وقف صفقة الغاز الأضخم في تاريخ الكيان، كما تصفها قناة 13 العبرية، التي حاولت بدورها استضافة معلقين يحاولون نصيحة نتنياهو بدوس الفرامل وتجنب صناعة أزمة مع «مصر» أيضا، بعدما أقلقت تصريحاته عن «إسرائيل الكبرى» الجار الأردني.
ما نقلته شاشة «الحدث» عن مسؤول مصري رفيع المستوى القول بالواقع الجغرافي، حيث «الحرب تغيرت والمسافات قصيرة وإسرائيل صغرى»، ومن اللائق لها أن تحافظ على مساحتها الحالية بدلا من تهديد 6 دول عربية مجاورة.
لسبب غامض بالنسبة لي كمشاهد كانت الزميلة، التي تقرأ التقارير في تلفزيون «الحدث» تبدو مسرورة، وهي تتوسع في تلاوة حيثيات خلافات حادة بين مصر وإسرائيل، فيما المشرف على الاستديو يتقصد بث بعض الموسيقى التصويرية.
الفكرة أن تل أبيب والقاهرة – أخيرا والحمدالله – في التلاسن، وحسب أحد معلقي القناة 13 فنتنياهو قال علنا للمصريين «نحن نراقب مدرعاتكم في سيناء، وأنتم تخالفون المعاهدة» فرد عليه مسؤول الاستطلاع في الجيش المصري قائلا: «المسافة بين العريش وتل أبيب 100 كيلومتر فقط».
النار والشيخ
يعني المشهد من زاويته التلفزيونية هنا على الأقل أن الخلاف يتجاوز التلاسن في اتجاه تبادل التهديدات، فيما يُسارع تلفزيون «المملكة» الأردني من جهته للتركيز على تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي، وهو يتحدث في القاهرة لأول مرة عن «نظام تل أبيب».
ما يشعر به أي مراقب أن الأمور – بين أهم بلدين في جوار فلسطين المحتلة من معسكر السلام وحكومة نتنياهو – تنزلق والسبب في رأي الدكتور مصطفى البرغوثي، بعد إطلالته الأخيرة على شاشة «العربية» أن العصابة الحاكمة في إسرائيل اليوم لا تحترم أحدا، ولا تحسب حساب أي طرف.
لا نصفق للحرب، لكن نرحب بأي ملامح يقظة في عمان والقاهرة، تعيد تحديد «من هو العدو الحقيقي الطامع المجرم»، ثم تجيب على سؤال صغير: ما هو الوزن الفعلي الآن، بعد الجريمة الحقيرة المستمرة في غزة لاتفاقيتي «وادي عربة» و»كامب ديفيد»؟
ضمنا، وعمليا، ما قاله الوزير الأردني في مصر هو ترديد مقولة تراثية محلية تحكي: «النار كلت «أي أكلت» ثوبك يا شيخ».
لاحقا، عندما تضع الحرب أوزارها ويستقر المتطرفون الأوغاد في مزبلة التاريخ، وبعد الايمان الحتمي بحقوق وانتصار الشعب الفلسطيني، لا بد من وقفة للشعبين حصرا، في الأردن ومصر، يقدمان فيها الامتنان الشديد لأطفال ونساء غزة على دورهم البطولي الاستثنائي في الكشف عن «زيف السلام والاتفاقيات».
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان