
سياسة الحَرَد تعبير عن العجز..!
د. عبد الرحيم جاموس
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير عام1965 م فقد رافقتها مواقف التشكيك والتخذيل من قبل قوى وفصائل مختلفة قومية ويسارية وإسلامية ، ولكل واحدة منها مبرراتها الحزبية والفصائلية، وارتباطاتها الفوق وطنية وربما العابرة للدول والقارات أحيانا ، وبعد ان ثبت لها خطأ وخطيئة مواقفها التشكيكية والتخذيلية من الانطلاقة اضطرت لا حقا هذه القوى والتيارات ان تلحق بركب الثورة والحركة الوطنية وان تدخل الى ساحة الصراع والمواجهة العملية ، بتشكيلها فصائل مقاومة مسلحة وغيرها ، تحت المظلة التي اتاحتها و وفرتها لها حركة فتح، التي اثبتت انطلاقتها صحة التوجه والانتقال بالحركة الوطنية من مرحلة التنظير الى مرحلة الفعل الثوري على الارض ، وبدأت معها مسيرة استعادة الهوية الوطنية الفلسطينية باعتبارها قضية وطنية قومية إنسانية عادلة تستحق الدعم والمساندة عربيا ودوليا ، في مواجهة المشروع الصهيوني الكولنيالي العنصري في فلسطين ، مراكمة الإنجاز تلوَ الإنجاز على طريق تحقيق اهدافها الوطنية والقومية التي انطلقت من أجلها مستخدمة كافة اشكال التعبئة الوطنية وكافة اشكال النضال المشروعة دون استثناء، لكن هذه القوى رغم مشاركتها الهامة في مسيرة الثورة والمقاومة ، آثرت و بقيت اسيرة الى شبكة ارتباطاتها وتحالفاتها الفوق وطنية والتي تمثل مرجعياتها الفكرية والايديولوجية ، وبقيت اسيرة لعقدة البحث عن صفة التميز عن حركة فتح في ساحة العمل الوطني ، رغم اختفاء بعضها وضعف البعض الآخر منها ،أستمرأ بعضها ممارسة سياسة الرفض او سياسة الحَرد لمنحِ نفسها صفة التميز عن الموقف الوطني الواقعي العام الذي تمثله حركة فتح، متهمة الآخرين بالتفريط تارة والمغامرة والمقامرة تارة، دون ان تحقق هي أي إنجاز ذا اهمية يذكر او ينسب إليها عبر مسيرة زادت عن نصف قرن من الكفاح ، سوى انها استمرت في التمترس في مواقع المعارضة ، تبرر و تغطي هذه المواقف السلبية عبر مسيرة النضال الوطني ( بالطهر الثوري وبالمواقف الأكثر تشددا وتصلبا والأكثر طوباوية ونقاء ) ، وكأن دورها يقتصر على تسجيل المواقف فقط ، بغض النظر عن عدم واقعيتها وعدم جدواها ، بل دون حساب للنتائج التي كانت في كثير من المحطات تدميرية للوحدة الوطنية ولبعض الإنجازات و قد أدت الى فقد بعض الساحات النضالية المهمة في بعض الأحيان ، وهنا اذكر لقاء ضمني مع مجموعة من الاخوة المناضلين من فتح وتلك التنظيمات في مدينة رام الله قبل عشر سنوات ومنهم قيادات من الصفوف الأولى ممن عاصروا المسيرة النضالية منذ بداياتها دون ذكر الأسماء مع حفظ الألقاب و وافر الاحترام للجميع ، حيث وصل احد القادة من الرفاق الى خلاصة لخص فيها المشهد الفلسطيني بالتالي(استطاعت حركة فتح عبر المسيرة وبهدي مبادئها واهدافها البسيطة والواضحة ،التي انطلقت من اجلها ان تصنع برامج كفاحية وسياسات تستجيب لنبض الشعب الفلسطيني وبالتالي استحقت قيادته من خلال الإطار الجبهوي الناظم م. ت.ف على عكس بقية الفصائل التي كان لها ارتباطات مع بعض النظم او القوى الحزبية الفوق وطنية ، وعلى عكس القوى التي تبنت النظرية الماركسية كنظرية ثورية لها لتميزها عن حركة فتح ،مما ادى الى توهانها في سراديب الأيديولوجيا واستنزاف الجهد في تعلمها ومواجهة تناقضها مع الموروث الثقافي والديني للشعب الفلسطيني ، كل ذلك حال دون قدرتها على تقديم البرامج والسياسات الواقعية والعملية التي تحاكي نبض الشعب الفلسطيني واحتياجاته المرحلية والإستراتيجية ضمن منظور واقعي وعملي، مما حدى بها أن تستمر في التمترس في خندق المعارضة وللأسف المعارضة السلبية في أحيان كثيرة ، انتهى قول الرفيق) اعتقد ان هذا التوصيف والتلخيص الدقيق لازال قائما وصالحا لتفسير المشهد الفلسطيني القائم اليوم ، بالتالي نخلص الى أن سياسة الحَرد تارة والتشكيك بالمواقف والسياسات المعتمدة تارة اخرى ، و الاكتفاء بتسجيل المواقف دون ادنى اعتبار لما يمكن ان يتمخض عنها من سلبيات على مجمل الإنجازات الوطنية ومسيرة النضال الوطني ، مثل هكذا مواقف عدمية لا شك في ضررها البالغ على الكل الوطني لعدم واقعيتها و عدم موضوعيتها ، إن المستفيد من ذلك فقط هي تلك القوى التي تزعجها الوحدة الوطنية الفلسطينية ، فهل يدرك الاخوة في مختلف الفصائل داخل وخارج م. ت .ف ، خطورة مثل هذه المواقف السلبية على مجمل النضال الوطني الفلسطيني وعلى مستقبل القضية ، في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع مع المشروع الصهيوني ومُلاكِه ، وابسط العارفين بالشأن الفلسطيني يدرك أننا ذاهبون الى الاشتباك لا محالة مع العدو بكل ما تحمل هذة الكلمة من معنى وعلى مستوى كل الصعد ، ألم يَحِن الوقت ليكفوا عن مواقف وسياسات الحَرد والمعارضة السلبية..؟!
د. عبدالرحيم جاموس