عقاب جماعي عقب عملية القدس: العدو يتحضّر لحملة على رام الله

عقاب جماعي عقب عملية القدس: العدو يتحضّر لحملة على رام الله
يفرض العدو حصاراً واقتحامات عقب عملية القدس، ويحضّر لتوسيع عدوانه على رام الله بذريعة ملاحقة المقاومة وتصعيد قمعه الجماعي للفلسطينيين.

رام الله | فعّلت إسرائيل منظومتها القمعية والعسكرية والاستخبارية، عقب عملية القدس التي أسفرت عن مقتل 7 مستوطنين، وإصابة آخرين، وتبنّتها «كتائب القسام» رسميّاً، أمس، ناعيةً منفّذَيها الشهيدَين، مثنى عمر، ومحمد طه. وكانت شكّلت عملية إطلاق النار التي وقعت عند مفترق طرق حيوي بالقرب من مستوطنة راموت، ومحطة حافلات، ضربةً مدوّية لأجهزة الاحتلال الأمنية والاستخبارية، ليس لفشلها في منْع الهجوم، ونجاح منفّذَيه في الوصول إلى المكان، بل لعدم وجود أيّ إنذارات استخبارية مُسبقة في شأن احتمال وقوع عمليات.
ووفقاً لمصادر عبرية، فإن هناك «فجوة عملياتية واستخبارية خطيرة في الضفة الغربية»، وإن المنفّذَين غير معروفَين لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية؛ علماً أن مصادر أخرى أشارت إلى أن أحدهما سبق أن جرى اعتقاله. وعلى رغم عدم وجود تحذيرات أمنية مُسبقة، فإن العملية ليست بعيدة من تقديرات جهاز «الشاباك»، التي أفادت بأن الضفة يمكن أن تشهد انفجاراً، في ظلّ ضعف السلطة الفلسطينية، التي تعاني أزمة مالية يسبّبها الاحتلال.
وعقب وقوع الهجوم، استنفر جيش الاحتلال قواته في وسط الضفة الغربية وجنوبها، وفي مدينة القدس، دافعاً بمئات العناصر إلى الشوارع ومفترقات الطرق، التي أُغلقت بالبوابات العسكرية والحواجز المنصوبة مُسبقاً، الأمر الذي تسبّب باحتجاز مئات آلاف الفلسطينيين في الطرق لساعات. وعلى جري عادتها عقب كل عملية، استقدمت إسرائيل آلتها العسكرية، فارضةً حصاراً مطبقاً على قريتَي قطنة والقبيبة اللتَين يتحدّر منهما المنفّذان، والقرى المجاورة لهما، مثل بدو وبيت عنان، فيما اقتحمت منزلَي الشهيدين، ونكّلت بعائلتَيهما واعتقلت عدداً من أفرادهما.
كما يُتوقّع، في خلال الساعات الـ24 المقبلة، أن يقوم جيش الاحتلال بهدم 5 منازل لمقاومين فلسطينيين في مختلف أنحاء الضفة الغربية. وبالفعل، قامت قواته بقياس منزلَي منفذَي العملية، الشهيدين مثنى ناجي عمرو (20 عاماً)، ومحمد بسام طه (21 عاماً)، في القبيبة وقطنة شمال غرب القدس، بينما أعلن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، فرض عقوبات على سكان المنطقة وأقارب الشهيدين، تشمل هدم مبانٍ من دون تراخيص وسحب تصاريح دخول وعمل في إسرائيل.
ثمّة خشية من شنّ جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة وطويلة في منطقة رام الله
ومع سيطرة العملية على تغطية الإعلام وتصريحات السياسيين والأمنيين، أُطلقت الدعوات إلى تحويل بلدتَي المنفّذَين إلى خانيونس ورفح، في وقت كشفت فيه إذاعة جيش الاحتلال عن مؤشرات إلى وجود تصعيد خطير في منطقة رام الله، يتعلّق بعمل المقاومة. وقالت الإذاعة إنه، خلال الأسبوعين الماضيَين، وقعت حادثتان أمنيتان غير اعتياديتَين في مدينة رام الله: الأولى، جرت خلالها مصادرة أسلحة (لم يُسمح بنشر نوع الأسلحة) ومتفجرات نوعية، يبدو أنها سُرقت من الجيش الإسرائيلي، من قِبل عناصر مسلحين؛ والثانية، تتعلّق بانفجار سيارة مفخّخة بالقرب من مركز تجاري رئيسي في المدينة، حيث يُعتقد أنها انفجرت خطأ، وأنه كان من المُفترض أن تنفجر في زمان ومكان مختلفَين.
وعقب العملية، ذهبت أصوات إسرائيلية إلى اتهام حكومة بنيامين نتنياهو واليمين، بتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية، وزعزعة الواقع المهتزّ؛ إذ أعاد الصحافي الإسرائيلي، آفي يسسخروف، التذكير بما قاله رئيس منطقة القدس والضفة الغربية المنتهية ولايته في جهاز «الشاباك»، الملقّب بـ»أفني»، قبل أكثر من شهرين، من أن «الصورة الخطيرة والمهدّدة في الضفة الغربية، جرس إنذار لصناع القرار في المستويَين السياسي والعسكري، والانفجار مسألة وقت لا أكثر»، مضيفاً أن العملية التي وقعت في القدس، أثبتت ما تحذّر منه الأجهزة الأمنية، من أن التصعيد في الضفة يقترب أكثر فأكثر.
في المقابل، لم تتأخّر ردود الفعل الإجرامية من وزراء حكومة نتنياهو، إذ سارع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى الدعوة إلى تحويل المناطق الفلسطينية في الضفة إلى نسخة مشابهة من رفح وخانيونس، في حين شنّ هجوماً على السلطة الفلسطينية التي قال إنها يجب أن تختفي. ومن جهته، انتقد وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ما سمّاه «الرد الموضعي على عملية القدس»، والذي اعتبره غير كافٍ، مطالباً بتنفيذ أمور أكثر من ذلك، قائلاً: «لديّ خطوات واضحة جدّاً، مثل احتلال قطاع غزة بالكامل والاستيطان والضمّ وتشجيع الهجرة والسيادة على الضفة».
في هذا الوقت، واصلت قوات الاحتلال، أمس، اقتحام بلدات شمال غرب القدس (محاصِرةً نحو 70 ألف فلسطيني بالإجراءات الأمنية المشدّدة وعمليات الاقتحام والهدم) ورام الله، وسط مخاوف من شنّها عملية عسكرية واسعة وطويلة في منطقة رام الله، خاصة عقب توجيهات رئيس الأركان، إيال زامير، بفرض طوق كامل على القرى التي خرج منها منفّذا العملية.
وذكرت صحيفة «معاريف»، أن التقديرات تشير إلى أنّ الجيش سيصعّد، خلال الساعات القريبة، عملياته في رام الله، عبر حملة على مستوى لواء، بمشاركة عدة كتائب، تشمل اقتحام المدينة ومناطق محيطة، بذريعة استهداف «التنظيمات العسكرية واللوجستية التابعة لحركتَي حماس والجهاد الإسلامي»، اللتين لفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى وجود تحذيرات أمنية من «تمدّد نفوذهما في محيط رام الله»
الاخبار اللبنانية