معارك في الخرطوم ودارفور رغم توقيع طرفي حرب السودان إعلان جدة

معارك في الخرطوم ودارفور رغم توقيع طرفي حرب السودان إعلان جدة
محمد الأقرع
الخرطوم ـ : على الرغم من توقيع إعلان جدة الملزم لطرفي القتال في السودان بحماية المدنيين، إلا أن المعارك ما زالت مستمرة في العاصمة الخرطوم ومدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور.
وقد شهدت الأحياء في منطقة «جبل أولياء» جنوبي الخرطوم، قصفا جويا عنيفا من الجيش على ارتكازات تتجمع فيها قوات «الدعم السريع» كذلك شهد حي جبرة اشتباكات متقطعة، فيما استمرت المعارك حول القصر الجمهوري والسوق العربي وسط الخرطوم، وفي أحياء شمال بحري.
وقال شهود عيان إن الطائرات العسكرية حلقت بكثافة فوق مناطق في مدينة بحري شمال وجنوبي الخرطوم. كما سمع دوي أصوات المدافع والاشتباكات بالأسلحة في أحياء شرق النيل، حسب الشهود.
ووقع طرفا النزاع القتال في السودان في مدينة جدة السعودية، على إعلان التزام بحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ونصت أبرز بنوده على الامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب بأضرار مدنية والالتزام بحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة وضمان وصول الأدوية وأدوية الأمراض المزمنة بأسرع وقت وحماية الاحتياجات والضروريات للمدنيين.
كذلك نص الإعلان على السماح لجميع المدنيين بمغادرة المناطق العدائية والمحاصرة وعدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك حرية المدنيين، فضلا عن الالتزام بعدم تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية والسماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق، أيضا الالتزام بفترات التوقف الإنسانية المنتظمة وأيام الهدوء حسب الحاجة.
وأكد الطرفان أن التوقيع على الإعلان لا يتضمن أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية، لكنهما التزاما خلال الإعلان بإعطاء الأولوية للمناقشات التي تهدف لوقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية، كما تعهدا بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.
وأعربت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، عن سرورهما لتوقيع الإعلان، وأوضحا أن الأخير «يقر الالتزام بالتزامات كلا الجانبين بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لتسهيل العمل الإنساني لتلبية الاحتياجات الطارئة للمدنيين».
وأشارا في بيان مشترك، الى أن الإعلان «سيوجه سلوك القوتين لتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، ودفن الموتى باحترام».
قصف جوي استهدف جنوب العاصمة… والأمم المتحدة تتحدث عن مواصلة التفاوض
وعقب التوقيع «ستركز محادثات جدة على التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فعال لإطلاق النار لمدة تصل إلى ما يقرب من عشرة أيام لتسهيل هذه الأنشطة، وستشمل الإجراءات الأمنية آلية لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة من الولايات المتحدة والسعودية ودولياً».
وألمح البيان إلى اتفاق الطرفين على النهج التدريجي في المحادثات التي ستتناول الترتيبات اللاحقة بشأن وقف دائم للأعمال العدائية بالتشاور مع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مشيرا إلى «تطلع الميسرين إلى إجراء مناقشات مع المدنيين السودانيين والشركاء الإقليميين والدوليين بشأن المشاركة في الجولات اللاحقة من المحادثات».
وقال فولكر بيرتس، ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان، إنه تحدث مع أحد الجانبين بعد التوصل للاتفاق، وتلقى تطمينات باستعدادهما لمواصلة التفاوض.
وأضاف لمؤتمر صحافي في جنيف عبر اتصال بالفيديو من بورتسودان «نتوقع استئناف تلك المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار اليوم (الجمعة) أو غدا (السبت). لا يفترض نظريا أن يستغرق الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار وقتا طويلا».
وبين أن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد بسبب شعور كل من الطرفين بقدرته على تحقيق النصر، لكنه أضاف أنه لاحظ تغيرا في موقفيهما.
وقال «أدرك الطرفان أنه حتى لو استطاعا تحقيق النصر فإنه لن يكون نصرا سريعا، وأن وقوع حرب طويلة وممتدة سيدمر البلاد بالكامل وحينها لن يتبقى ما يمكنهما الفوز به. يمكن أن تخسر البلاد حتى إذا فزت بالمعركة».
مقترحات
وفي سياق متصل، قالت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي» إن «الدعم السريع تقدم بعدد من المقترحات في المفاوضات لوقف الحرب تحفظ عليها الجيش، وجاء فيها إصلاح القطاع الأمني والعسكري وإبعاد الجيش عن السياسة وإبعاد عناصر النظام البائد فيه وكافة أشكال الوجود الحزبي، وصولا إلى بناء جيش قومي واحد».
كذلك «التوقيع على وقف دائم لإطلاق النار حتى الوصول إلى اتفاق سياسي شامل، وحظر الطيران العسكري والمسيّر مع فرض مراقبة دولية، إضافة إلى القبض على المتسببين في إشعال الحرب من عناصر النظام البائد، وإعادة معتادي الإجرام للسجون، وكذلك إشراك المدنيين السودانيين بما يضمن الوصول إلى تحول ديمقراطي وفقا لأهداف ثورة ديسمبر».
خطوة مهمة
ورحبت الآلية الثلاثية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة (الإيغاد) بتوقيع الإعلان، معتبرة إياه «خطوة أولى مهمة نحو التخفيف من المعاناة الإنسانية وحماية حياة وكرامة المدنيين في السودان».
وحث الآلية الثلاثية الأطراف على بذل كل جهد وعلى الفور لترجمة هذه الالتزامات إلى عمل ملموس على أرض الواقع، مبينة أنه «يجب على الأطراف إعطاء تعليمات واضحة لا لبس فيها إلى الرتب الدنيا للتقيد بإعلان الالتزام بحماية المدنيين وتسهيل المرور الآمن للمساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والدفن اللائق المحترم للموتى».
وأبدت استعدادها لدعم الأطراف والداعين للمحادثات من أجل التنفيذ الكامل لإعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان، مؤكدة في الوقت نفسه على أهمية الدعم المستمر والمنسق من قبل المجتمع الدولي بصورة أوسع نطاقاً خلال هذا الوقت الحرج. وجددت المطالبة بالمشاركة الهادفة الواسعة لأصحاب المصلحة من المدنيين، بما في ذلك النساء.
وفي السياق، رحبت مصر بالتوقيع على الإعلان، وعدته «خطوة هامة تسهم في توفير الحماية للمدنيين وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والحفاظ على المنشآت والمرافق العامة وتسهيل عمليات الإجلاء».
وأشادت «بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية في تشجيع الأطراف في المحادثات» وأكدت إلى «أهمية وجدوى تضافر جميع الجهود من أجل إنهاء الأزمة الراهنة في السودان في أسرع وقت».
… وقوى سياسية سودانية تشيد بالإعلان وتدعو للالتزام به
وجد التوقيع على إعلان جدة بين طرفي النزاع المسلح في السودان، صدى واسعا بين المدنيين والقوى السياسية، رغم استمرار المعارك، وسط مطالبة بالالتزام بما تم التوافق عليها، وتطويره وصولا إلى اتفاق شامل يوقف الحرب ويعيد البلاد إلى مسار الانتقال الديمقراطي.
وقال المتحدث باسم القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، خالد عمر يوسف: «توقيع إعلان جدة لحماية المدنيين بين القوات المسلحة والدعم السريع هو خطوة أولى مرحب بها في الاتجاه الصحيح. تحتاج هذه الخطوة لكي ترفع المعاناة الماثلة عن شعبنا، أن تتحول لوقف للقتال بآليات واضحة للتنفيذ والمراقبة، وهو ما سيحدث أثراً مباشراً على حياة الناس، ومن ثم تتبعها بقية الخطوات حتى يكتب لبلادنا مخرج سلمي من هذه الكارثة التي ألمت بها، فالخروج مما نتج عن كارثة حرب 15 أبريل/ نيسان ليس أمراً بسيطاً، ولكن متى ما توفرت الإرادة فلا مستحيل تحت الشمس».
وثمن جهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ودعا قيادة القوات المسلحة والدعم السريع للتحلي بالإرادة اللازمة لمواصلة هذا المسار ووقف القتال بأعجل ما تيسر والالتزام بما تواثقا عليه خلال هذه المباحثات.
وأوضح أن الطريق للحل الدائم والنهائي لن يكون نزهة، بل سيكون طريقا صعبا ومفخخا بألغام عديدة، وتوقع ان تعمل ما أسماها قوى الظلام ما في وسعها لقطع الطريق أمام الحل السلمي. وأكد على أن قوة الشعب السوداني وإرادته كفيلتان بانتشال البلاد من هذا الجب ووضعها في المسار الصحيح.
كذلك اعتبرت قوى «الحرية والتغيير» التوقيع على الإعلان «خطوة أولى مهمة صوب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 إبريل/ نيسان الماضي». وحثت الطرفين على «الالتزام الصارم والجاد بما اتفق عليه، والمضي قدماً للأمام وصولاً لوقف دائم ونهائي لإطلاق النار وإنهاء الخلافات بالحوار بعيداً عن استخدام العنف والقوة المسلحة».
وشكرت «أصدقاء الشعب السوداني من المجتمع الإقليمي والدولي والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص لدورهم وجهودهم في رعاية المفاوضات بين الطرفين والتوصل لإعلان المبادئ الذي وقع عليه الطرفان، ونتطلّع لاستكمال هذا الجهد لحين الوصول لوقف شامل ودائم ونهائي وتحقيق تطلُّعات الشعب السوداني في الانتقال المدني الديمقراطي والإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود لجيش مهني وقومي واحد ملتزم بواجباته الدستورية وخاضع لأجهزة الحكم المدنية ولا علاقة له بالسياسة».
كما شكرت «أبناء الشعب السوداني في كل أنحاء البلاد وخارجها على صمودهم في وجه هذه المحنة، ونؤكد لهم أن وقفتهم القوية من أجل إنهاء هذه الحرب، وإعادة السلام لبلادنا ستؤتي ثمارها لا محالة قريباً، وننقذ سوداننا الحبيب من هذه المأساة، ونستعيد طريق بنائه ورخائه كتفاً بكتف عاجلاً لا آجلاً».
أما حزب «الأمة القومي» فقد أشاد أيضا بتوقيع الإعلان، داعياً الطرفين لـ «الالتزام بما ورد في وثيقة الإعلان، والتي يرجى أن تمهد الطريق نحو المرحلة المقبلة بالاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار ومعالجة بقية القضايا».
وحثّ الحزب الطرفين على «ضرورة الوفاء الصارم بتعهداتهما باتجاه الوضع الانساني، والعمل على تعزيز الثقة بينهما من أجل إنجاح المرحلة المقبلة من التفاوض».
وشكر «المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا على ما بذلوه من مجهودات باستضافة المحادثات ودعم الجهود الإنسانية».
كما شكر «الولايات المتحدة الأمريكية والآلية الثلاثية والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي على الجهود المبذولة من أجل وقف الحرب ومعالجة الوضع المأسوي في السودان».
وأكد أنه سيواصل «جهوده بالتنسيق مع القوى المدنية والشركاء الدوليين على تجسير الهوة بين الطرفين من أجل الوصول لاتفاق نهائي ينهي هذه الحرب، ويحقق مطالب الشعب السوداني المشروعة».
إلى ذلك، رحب حـزب المـؤتمر السـوداني بـ«الخطوة المهمة التي تهدف الى الحد من معاناة شعبنا جراء تداعيات حرب الخامس عشر من إبريل/ نيسان الكارثية».
ورأى أن الإعلان «خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي أن نبني عليها وصولاً إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، وهي تحتاج بذل مزيدٍ من الجهود لحث قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع على المضي قدماً في الحل السلمي التفاوضي الذي يفضي الى عملية سياسية متكاملة تستعيد مسار التحول المدني الديمقراطي. كما نثني على مساعي كل الدول الشقيقة والصديقة خاصة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية».
«القدس العربي»