الصحافه

لنتنياهو: ستكون واهماً إذا اختبرت “دول إبراهيم” بفرضية “العدو الإيراني المشترك”

لنتنياهو: ستكون واهماً إذا اختبرت “دول إبراهيم” بفرضية “العدو الإيراني المشترك”

آفي كالو

عشية إحياء خمس سنوات على اتفاقات إبراهيم، يقف إرث ترامب أمام ساعة اختبار دراماتيكية. كلما مرت الأيام، يتخذ الهجوم الإسرائيلي على مقر مسؤولي حماس في الدوحة صورة إنجاز استخباري وعملياتي معقول، لكن كمهزلة سياسية مدوية تنحفر سلباً في وعي دول الخليج الفارسي وتهدد بهز الأركان الإقليمية الأساسية التي بنيت بكد عظيم من خلف الكواليس على مدى العقدين الخيرين.

لقد ولدت اتفاقات إبراهيم من الخوف العميق من نظام آية الله والحاجة إلى بلورة ائتلاف إقليمي ضد إيران، في ظل اعتراف بأن الاهتمام الأمريكي في الشرق الأوسط آخذ في الخبو وأنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة عند الحاجة.

التجارب التي حزت على جلدة دول الخليج كانت ذات مغزى: فقد شهدت السعودية هجمة مُسيرات إيرانية مكثفة على منشآت الطاقة إلى جانب مواجهة عسكرية قوية ضد الوكيل الإيراني، أما الإمارات فكانت تخشى ولا تزال من دونية عسكرية قاسية حيال إيران؛ أما البحرين فتصدت لمحاولة انقلاب شيعية برعاية إيرانية في أراضيها.

في هذا الواقع، تعد إسرائيل جزيرة استقرار مزدوج بقوة عسكرية ودبلوماسية، ورئيسة محاور فتح الأبواب إلى واشنطن. وفي الوقت نفسه، كان واضحاً للجميع بأن وقود ازدهار الاتفاقات منوط ببلورة تفاهمات في المسألة الفلسطينية، الفكرة التي لم تخب فحسب، بل شهدت هزة عقب 7 أكتوبر.

وها هي اتفاقات إبراهيم تقف على حالها رغم الدمار الهائل والوضع الإنساني الصعب لقطاع غزة، فيما بقي خط فصل الاتفاقات يكمن في الأساس الذي أدى إلى توقيعها: منع ضم أراضي “يهودا والسامرة” من قبل إسرائيل.

إن خطوات دول الخليج الحازمة رداً على إعلانات الضم الهدامة من جانب مسؤولين كبار في الحكومة، والتصدر السعودي – الفرنسي لخطوات من طرف واحد في الأمم المتحدة ضد إسرائيل (ذروتها حالياً في قرار غير ملزم في الجمعية العمومية للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية) تعود وتشهد على آلية الهدم الذاتي التي طورتها حكومة نتنياهو السادسة في الموضوع الفلسطيني. وهكذا يتبين أن المسألة الفلسطينية تغدو عائقاً منيعاً أمام تطوير اتفاقات إبراهيم، بشكل مفعم بالمفارقة وبالذات بعد فظائع 7 أكتوبر.

العملية العسكرية على أرض قطر، بخلاف تام مع رأي معظم قادة أجهزة الأمن والاستخبارات، تلوح أكثر كعملية تستهدف إحباط المنحى الأمريكي الشامل لإنهاء الحرب ولإعادة عموم المخطوفين، أكثر مما هي اغتيال مسؤولي حماس. والأخطر، يخيل أن الهجوم يثير علامات استفهام متعاظمة كاختبار دراماتيكي لقدرة صمود اتفاقات إبراهيم، وحتى أكثر من غض النظر الخليجي عما يجري في القطاع، بخاصة في ضوء تصميم الدول العربية على جباية ثمن باهظ من نتنياهو الذي يتخذ أحياناً صورة الزعيم ذي التفكر العليل.

من الأفضل لإسرائيل التي تتخذ صورة “أزعر الحارة”، أن تصلح الضرر اللاحق وتمتنع عن دحر حلفائها في الخليج نحو أذرع الكتلة الشرقية المعادية لنا. فرضية نتنياهو، كما يفهم من قراره المتسرع للهجوم في الدوحة بأن الخوف من إيران سيبقي على اتفاقات إبراهيم وحده، فرضية ستظهر كمفهوم آخر محمل بالكارثة، يمس بأمل استراتيجي في تعزيز وتوسيع اتفاقات إبراهيم، التي هي مصلحة إسرائيلية قومية من الدرجة الأولى في ظل تحديات المستقبل المعقدة.

يديعوت أحرونوت 16/9/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب