مقالات
“اجتياح غزة: هيمنة إسرائيلية عسكرية تخفي هشاشة سياسية”.. بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية –
بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية -

“اجتياح غزة: هيمنة إسرائيلية عسكرية تخفي هشاشة سياسية”..
بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية –
تسعى حكومة بنيامين نتنياهو وبشكل محموم للوصول إلى ذكرى مرور عامين على هجمات السابع من أكتوبر وقد فرضت واقعا حاسماً في قطاع غزة، والعملية العسكرية المكثفة التدميرية لما بقي من مدينة غزة تدخل ضمن هذا الإطار. النتيجة المباشرة لهذا التصعيد الحربي رفع وتيرة الابادة الجماعية لسكان القطاع. يأتي ذلك في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية، وسط انعدام الإمدادات الطبية والغذائية، ونزوح جماعي لمئات الآلاف يتركون بيوتهم نحو الجنوب، مما يضاعف الضغط على المخيمات المكتظة أصلًا، ويهدد بموجة تهجير واسعة، بما يعيد تحريك شبح التهجير الجماعي لسكان القطاع خارجه، ويزيد من الضغط تحديدا بما يتعلق بمصر التي تواجه معضلة بين رفض التهجير الجماعي نحو سيناء وبين حاجتها للحفاظ على دور الوسيط مع كل الأطراف. كما أن العملية قد تقوّي موقف الحكومة الليكودية مؤقتاً، لكنها تحمل مخاطر سياسية لنتنياهو في حال طال أمدها أو ارتفعت خسائر الجيش، مما قد يعمّق الأزمة الداخلية. هذا فيما تتصاعد الانتقادات من الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوقية، مع احتمال فرض عقوبات أو تجميد صفقات تسليح.
حتى الآن، كثافة العملية الإسرائيلية قد تدفع حماس إلى التصلب أكثر واعتبارها معركة وجودية، ما يعقّد أي مفاوضات مستقبلية. ولأجل هذا استبقت إسرائيل التصعيد باستهداف مفاوضي الحركة في قطر.
وهنا تأتي القمة العربية ـ الإسلامية الطارئة، التي انعقدت في الدوحة لاستنكار الردّ الإسرائيلي الذي استهدف قيادات حماس في العاصمة القطرية، ونتج عنه سقوط قتلى بينهم من القطريين، وسط استنكار عربي وإسلامي واسع. هذه القمة منعطف لتفعيل آلية دفاع مشترك في إطار مجلس التعاون الخليجي، ضمن خطوات لتعزيز الردع الجماعي، كما أنها دعت إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، واتخاذ «كافة الإجراءات القانونية والفعالة» للضغط عليها. رغم أن القمة لم تتوصل إلى إجراءات سياسية أو اقتصادية عملية مثل قطع العلاقات أو إغلاق المجال الجوي، بسبب الاختلاف في المقاربات والمواقع بين الدول.
بالتوازي تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى الدوحة وإبرازه التوجه لتفعيل التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وتشديده على الأهمية التفاوضية لقطر لتبرز أمرين: وهما أن أفعال حكومة نتنياهو تصبح أكثر فأكثر وطأة على السياسة الأمريكية في المنطقة، وأن فشل الهجوم الإسرائيلي على حماس في قطر ليس أمرا يمكن أن تتهرب حكومة الليكود من تداعياته. هذا الفشل الذي يأتي عشية ذكرى تفجيرات البايجرز في لبنان هو إخفاق ذريع. صحيح أن أي مكابرة على انعدام التوازن لصالح إسرائيل خطأ جسيم، وأن عدم الاعتراف بضعف وتصدع في قنوات التواصل بين بلدان المنطقة كي تتحرك ضد هذه العدوانية ما عاد ممكنا، إنما في الوقت نفسه ثمة تخبط إسرائيلي لا ينبغي إنكاره هو الآخر، إنما المشكلة أن فاتورة هذا التخبط تدفعه شعوب المنطقة حتى الآن بالدرجة الأولى.