مجلس الأمن الدولي يعطي الضوء الأخضر لإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران

مجلس الأمن الدولي يعطي الضوء الأخضر لإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران
آدم جابر
تبقى آفاق استئناف المفاوضات مع واشنطن غير مؤكدة، بينما تستبعد طهران أي نقاش بشأن القيود على برنامجها الصاروخي، الذي تريده الولايات المتحدة.
بروكسل ـ في خطوة تضاعف من الضغوط الغربية على طهران، وتضعها في سباق مع عقارب الساعة؛ أعطى مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع الضور الأخضر لإعادة فرض العقوبات الأممية عليها، وذلك في ظل اتهامات الدول الغربية لها بالتخلي عن بعض الالتزامات المطلوبة منها بموجب الاتفاق النووي الدولي الذي وقعته القوى الكبرى قبل عشر سنوات، عن إيران؛ التي بات الآن أمامها أسبوع فقط لمحاولة التوصل إلى اتفاق جديد أو تمديد المهلة المحددة لها والتي تنتهي في منتصف ليل28 أيلول/سبتمبر الجاري.
فخلال جلسة تصويت يوم الجمعة، رفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الذي قدمته كوريا الجنوبية، التي تتولى رئاسة المجلس هذا الشهر، والذي ينص من الناحية الشكلية، وبموجب القرار 2231، على الإبقاء على رفع العقوبات عن إيران. إذ لم يحصد النّص سوى أربعة أصوات (من بينها روسيا والصين) من أصل تسعة أصوات لازمة لاعتماده. وصوّتت ضده تسع دول فيما امتنعت دولتان عن التصويت. وجدّدت موسكو وبكين معارضتهما لإعادة فرض العقوبات، معتبرتين أن العملية نفسها لا تستند إلى أي أساس قانوني.
برفض النص، بات الطريق ممهداً لتطبيق آلية «سناب باك»، التي تم تفعيلها في 28 آب/أغسطس الماضي، مع إشعار مسبق مدته ثلاثون يوماً، من قِبل القوى الغربية التي ما زالت طرفاً في المعاهدة (فرنسا وبريطانيا وألمانيا). تسمح هذه الآليه بإعادة فرض العقوبات على طهران، استناداً إلى الاتفاق النووي، المعروف أيضًا بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة»، التي توصلت إليها طهران عام 2015 مع كل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية (انسحبت هذه الأخيرة عام 2018 بعد انتخاب دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات أحادية الجانب على إيران)، والقاضي بتقييد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات عنها. وتم إقرار هذا الاتفاق بموجب القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي من المقرر ينتهي سريانه في منتصف تشرين الأول/اكتوبر من العام الجاري 2025.
فحتى لو كان تصويت يوم الجمعة، على الورق، غير قابل للتراجع، فإن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون أكد أن عرض دول الترويكا الأوروبية للتوصل إلى حل تفاوضي بحلول نهاية الأسبوع المقبل ما يزال مطروحاً على الطاولة! ما يعني أن القرار يمكن مبدئياً التراجع عنه في حال التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة بحلول نهاية الأسبوع المقبل. خلال الفترة ما بين تاريخيْ تفعيل الدول الأوروبية الثلاث آلية «سناب باك» وتصويت مجلس الأمن الدولي لصالحها، توصلت إيران يوم 9 أيلول/سبتمبر الجاري إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إطار جديد للتعاون. غير أن الأوروبيين يرون أن هذا الاتفاق غير كافٍ، إذ لم يؤدِّ إلى استئناف فوري لعمليات التفتيش التي علّقتها إيران بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية في حزيران/يونيو الماضي.
وكان تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، اطلعت عليه وكالة «فرانس برس»، قد كشف، في أوائل أيلول/سبتمبر الجاري، أن إيران كانت قد سرّعت، قبل حرب «الإثني عشر يوما» وتيرة إنتاج مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من عتبة الـ90 في المئة اللازمة لصنع سلاح نووي. والأسبوع الماضي، صرح وزير الخارجية الإيراني أن كامل المادة النووية المخصبة بقيت «تحت أنقاض» المنشآت التي تضررت جراء القصف خلال الحرب مع إسرائيل في حزيران/يونيو الماضي، وهو تصريح قد يرضي جزئياً على الأقل الأوروبيين الذين كانوا يرغبون في الحصول على إعلان بشأن وضع تلك المواد المخصّبة.
إلى جانب استئناف عمليات التفتيش الفورية للمواقع الإيرانية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحث برلين ولندن وباريس، أيضاً، طهران على استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، والتي تم إطلاقها بين البلدين في نيسان/أبريل الماضي بهدف تقييد البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، لكنّها توقفت فجأة بسبب الضربات الإسرائيلية والأمريكية داخل إيران.
وحتى الآن، تبقى آفاق استئناف هذه المفاوضات مع واشنطن غير مؤكدة، بينما تستبعد طهران أي نقاش بشأن القيود على برنامجها الصاروخي، الذي تريده الولايات المتحدة. في هذا الصدد، صرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، يوم الإثنين الماضي، من إسرائيل، أن واشنطن ستواصل سياسة «الضغط الأقصى» ضد طهران. من جهته، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم الأربعاء تصريحات ماركو روبيو بأنها «سخافات».
لتفادي عودة العقوبات عليها الأسبوع المقبل، قدمت الخارجية الإيرانية مقترحات جديدة للغرب، بما في ذلك تعزيز تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل تقديم معلومات حول مواقعها النووية التي تعرضت للقصف، وكذلك بشأن مخزونها من اليورانيوم المخصب، ولا سيما 410 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من المستوى العسكري، حسب ما أوردت وسائل إعلام إيرانية، مشيرةً أيضا إلى أن طهران اقترحت أيضًا تقديم ضمانات بشأن الطابع السلمي لبرنامجها النووي.
وجاء هذا العرض في ضوء المكالمة الهاتفية التي تمت يوم الأربعاء الماضي بين الإيراني عباس عراقجي ونظرائه الفرنسي والبريطاني والألماني، والذين لم يقنعهم العرض، وأبلغوا نظيرهم الإيراني أنهم ما زالوا ينتظرون من إيران «خطوات ملموسة» بشأن برنامجها النووي لتفادي إعادة فرض عقوباتهم، وذلك في إطار الإنذارات المتكررة لطهران، التي يتهمونها بالتخلي عن بعض الالتزامات المطلوبة منها بموجب الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي. واعتبرت الحكومة الألمانية أن «الكرة في ملعب إيران»، موضحة أن العرض لمناقشة تمديد المهلة قبل إعادة العقوبات ما زال مطروحاً، وأن الإجراءات التي اتخذتها إيران، حتى الآن «غير كافية».
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العرض الإيراني بأنه «معقول»، لكنه رفض في الوقت نفسه مبادرة طهران، معتبرا أن وزارة الخارجية لا تمثل جميع قوى السلطة في إيران. وأكد ماكرون، في تصريحات يوم الخميس، أن ما تعرف بـ«الترويكا الأوروبية» تعتزم إعادة تفعيل العقوبات على إيران عبر آلية «سناب باك» قُبيل نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري، بسبب «عدم جدية» طهران في مفاوضتها حول برنامجها النووي وصواريخها الباليستية «ودورها المزعزع» للاستقرار في المنطقة.
«القدس العربي»: