تقدير موقف | “خريطة طريق” السويداء: بين الاحتياجات الوطنية السورية والتدخلات الخارجية

تقدير موقف | “خريطة طريق” السويداء: بين الاحتياجات الوطنية السورية والتدخلات الخارجية
تناقش ورقة تقدير موقف صادرة عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” اتفاق “خريطة الطريق” لمعالجة أزمة السويداء. وتستعرض الورقة خلفيات الأزمة، ومواقف الأطراف، والتحديات التي تواجه تطبيق الاتفاق، وسط مخاوف من تقويض السيادة السورية وتحويل الجنوب إلى ساحة نفوذ خارج
جرى توقيع “خريطة طريق لحلّ أزمة السويداء” في سورية، وذلك في 17 أيلول/ سبتمبر 2025، استكمالًا لاجتماعات عمّان، في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس 2025، التي جرت بين الحكومة السورية والأردن والولايات المتحدة الأميركية. وقد أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا تضمّن تفاصيل الاتفاقية الجديدة، التي تسعى إلى تجاوز تداعيات الأزمة الدامية في المحافظة منذ تموز/ يوليو 2025، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وتهجير الآلاف من السكان المدنيين.
خلفيات أزمة السويداء
شهدت محافظة السويداء، التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن دمشق، جنوب سورية، وتقطنها غالبية من المواطنين السوريين الدروز أحداث عنف طائفي دامية، خلال الفترة 13-18 تموز/ يوليو 2025، ذهب ضحيتها عشرات من أبناء المحافظة من المدنيين، وقوات الأمن السورية، وأبناء العشائر من البدو، وعناصر فصائل وميليشيات محلية. واستغلت إسرائيل هذه الأزمة، التي اندلعت على خلفية حادث اعتداء على طريق دمشق السويداء، فقدمت نفسها باعتبارها حاميةً للمواطنين السوريين الدروز الذين تعرضوا لانتهاكات وجرائم قتل موثقة من جانب رجال الأمن، وشنت هجمات جوية ضد قوات الحكومة السورية، التي حاولت استعادة السيطرة على المدينة، وأجبرتها على الانسحاب، بموجب اتفاق مع بعض الوجهاء والأعيان. وقصفت إسرائيل مؤسسات سيادية في دمشق أيضًا. وفي إثر انسحاب القوات الحكومية، تعرض المدنيون البدو لانتهاكات انتقامية وعمليات تهجير ارتكبتها ميليشيات محلية درزية؛ ما فتح الباب واسعًا أمام احتمال اندلاع صراع أهلي كبير.
وفي 19 تموز/ يوليو، جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وإسرائيل بوساطة أميركية؛ ما هذا جعل إسرائيل (التي نسجت، كما يبدو، علاقات مع شخصيات دينية درزية قبل هذه الأزمة) طرفًا رئيسًا في أزمة يُفترض أن تكون داخلية سورية، وحلها وطني سوري. ومنذ ذلك الحين باتت السويداء خارج سلطة دمشق، وتزايدَ اتساع حجم الهوّة بين الطرفين[1].
مضامين “خريطة الطريق”
أكّدت خريطة الطريق أن الحلّ في السويداء يجب أن يكون على أساس وحدة الأراضي السورية، وأنّ معالجة الأوضاع في المحافظة لا يمكن أن تجري خارج الإطار الوطني السوري، مع التأكيد على دمجها في الدولة السورية. ويعني ذلك استبعاد واضح للمطالب الانفصالية، التي رفعتها بعض الأطراف في المحافظة. وتشمل بنود خريطة الطريق محاور رئيسة، هي:
1. انسحاب القوات الأمنية وإنشاء إدارة محلية مع ترتيبات أمنية وإدارية
نصّت خريطة الطريق على سحب جميع المقاتلين المدنيين من الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، ونشر قوات شرطية، مؤهلة ومدربة ومنضبطة على الحدود الإدارية للمحافظة؛ ما يعني سحب المقاتلين والسلاح الثقيل، مع احتفاظ الدولة بحضورها الرمزي من خلال وزارة الداخلية، بدلًا من الجيش. وتُنشر قوات عسكرية على طول الطريق الواصل بين دمشق والسويداء، لضمان الحركة الآمنة للمواطنين والتجارة، وتشكيل قوة شرطية محلية، تحت قيادة شخصية (من المحافظة) تعيّنها وزارة الداخلية، على أن تحدّد المفاوضات تركيبة هذه القوة وتكوينها. وقد عيّنت وزارة الداخلية، سليمان عبد الباقي، الذي كان قائدًا لـ “تجمع أحرار جبل العرب” مديرًا لمديرية أمن السويداء، في حين لم تعلن عن أسماء قادة قطاعَي قنوات وشهبا ضمن الهيكلية الجديدة للوزارة في المحافظة، مع التأكيد على وجود إمكانية للتفاوض حول التركيبة العسكرية الخاصة بالسويداء، من دون ذكر الجهة التي ستتفاوض مع وزارة الداخلية. ويعوّق هذا تنفيذ العديد من بنودها، ولا سيّما مع وجود تيار الشيخ حكمت الهجري الذي احتكر القرار داخل المحافظة على صعيد تمثيل قوى المحافظة المجتمعية والسياسية، عبر تحييد شيخي العقل حمود الحناوي ويوسف الجربوع عن المشهد، فضلًا عن التواصل مع الاحتلال الإسرائيلي وتلقي الدعم منه.
ونصت الاتفاقية على تشكيل مجلس محافظة يمثّل كل مكونات المجتمع المحلي، “يتعاون” مع الحكومة السورية؛ أي إقرار نموذج إداري لامركزي موسّع. ويرجح أن يحصل المجلس على صلاحيات خدمية ومدنية كاملة، في حين تبقى “الملفات السيادية” (الأمن، السياسة، القضاء) بيد حكومة دمشق. أما بخصوص الترتيبات الأمنية، فسوف تكون على شكل إجراءات قصيرة ومتوسطة الأمد، تُنفَّذ بالتعاون بين الدول الثلاث والمجتمعات المحلية في السويداء، وذلك في سياق فترة انتقالية تنتهي بإعادة الاندماج الكلّي للمحافظة في المؤسسات الحكومية السورية. ويُمثّل هذا النصّ نوعًا من التسوية بين مطالب السويداء والتزامات حكومة دمشق، من خلال التأكيد على أن السويداء جزء من سورية، مع ضرورة تفعيل كل المؤسسات الحكومية والخدمية فيها. ومن ثم، سيكون إطار أي مفاوضات هو الشكل الحوكمي الداخلي، سواء المدني أو الأمني، بعيدًا عن أي مطالبات انفصالية، أو توجهات نحو حكم ذاتي. وقد دفع ذلك تيارًا في المحافظة إلى الرد بإطلاق حملة لتوقيع عريضة تدعو إلى “حق تقرير المصير”، من أجل منح أبنائها الحق في تقرير شكل المحافظة إداريًا وعلاقتها بدمشق[2]، وقد نُظمت تظاهرات في المحافظة لهذا الغرض[3].
2. إدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المختطفين وضمان عودة النازحين
تؤمّن الحكومة السورية بالتعاون مع الأردن والولايات المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى السويداء، وإطلاق برنامج لإعادة إعمار القرى المتضررة. وستكون هذه العملية، غالبًا، مشروطة بإحداث تقدّم على الأرض في مجالَي الأمن والحوكمة، وذلك في محاولة لإقناع الأطراف المحلية بقبول الترتيبات الأمنية المقترحة. وتؤكد الاتفاقية على إطلاق سراح المحتجزين والمختطفين، وتسريع عملية التبادل، ودعم جهود الصليب الأحمر الدولي، وتمكين النازحين من العودة إلى قراهم، وذلك بعد ضبط الأوضاع الأمنية، وإعداد آلية متابعة من خلال إنشاء لجنة ثلاثية مكوّنة من الأطراف الموقِّعة لمراقبة التنفيذ. ومن المتوقّع تشكيل غرفة عمليات مشتركة تتولى التنسيق والإشراف على تنفيذ الاتفاق بين أطراف الأزمة. ورغم أن الاتفاقية نصّت على احترام السيادة السورية، فإن هذه الفقرة شرعنت بوضوح التدخّل الخارجي في معالجة أزمة داخلية سورية. ويرتبط بذلك تفويض الأردن دعوة وفود من المجتمعات المحلية (السنية، المسيحية، الدرزية) في السويداء إلى اجتماعات لتعزيز عملية المصالحة؛ ما يمنح الأردن دورًا أكبر في الجنوب السوري، في مسعاه نحو بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة.
3. وقف التدخل الخارجي بالتوازي مع إقرار تفاهمات أمنية إقليمية
تضمّنت الاتفاقية نصًّا واضحًا حول “تكريس سردية وطنية، تحتفي بالوحدة والتعددية والمساواة بين جميع السوريين وسيادة القانون، وإنهاء خطاب الكراهية”. وأن السويداء جزءٌ لا يتجزأ من سورية، ولا يجوز أن تكون ساحة نفوذ خارجي. والمقصود هنا التدخل الإسرائيلي. وتضمّنت إجراء مباحثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل للتوصّل إلى تفاهمات أمنية حول الجنوب السوري، تتعلق بالشواغل الأمنية لكل من سورية وإسرائيل “مع مشاورة الحكومة السورية”؛ أي إن الولايات المتحدة ستتولى تلك الترتيبات، وفي هذا انتقاص واضح من السيادة السورية.
4. التحقيق والمساءلة
دعت الاتفاقية لجنة التحقيق المستقلة الدولية بشأن الجمهورية العربية السورية إلى إجراء تحقيق حول الأحداث التي شهدتها محافظة السويداءح وهو مطلب رئيس للقوى الموجودة في السويداء، ويُعدّ أمرًا جديدًا، قد تكون الحكومة السورية قبلته بسبب الضغط، في ضوء الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها قوات حكومية وأخرى غير نظامية متعاونة معها في أثناء أزمة السويداء.
مواقف الأطراف الموقِّعة
وقّعت الحكومة السورية والأردن والولايات المتحدة خريطةَ الطريق. وكان لكل منها أهدافه؛ إذ تسعى الحكومة السورية لتثبيت سيادتها وشرعيتها في السويداء، وقطع الطريق أمام المطالب الانفصالية، أو دعوات التدخل الخارجي، وضبط الأوضاع الأمنية بغية إطلاق عملية إعادة الإعمار، والحد من الضغوط التي تتعرض لها بسبب هذا الملفّ. ويبدو أن حكومة أحمد الشرع تعطي إشارات إلى رغبتها في أن تكون هذه الاتفاقية نموذجًا لاتفاقيات محتملة في منطقة الجزيرة السورية، مثلًا، خصوصًا فيما يتعلق بنظام اللامركزية الإدارية الموسعة، ويدل على ذلك موافقة دمشق على دعوة لجنة التحقيق الدولية إلى التحقيق بالأحداث، وسحب الجيش، ونشر قوات شُرطية فقط، والقبول بتشكيل مجلس محافظة يمثّل المجتمع المحلي.
أما الأردن، فيخشى من تأثير أزمة السويداء في أوضاعه الأمنية، ولا سيّما في حال استمرارها؛ ما يؤدي إلى استغلال بعض القوى ذلك، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، للتمدّد في الجنوب السوري، فضلًا عن التمدّد الإسرائيلي على حدوده الشمالية. ويخشى الأردن زيادةَ نشاط تهريب المخدرات والكبتاغون من تلك المناطق، وتهديد أمنه الداخلي، فضلًا عن أن تفاقم الأزمة قد يولّد موجة هجرة جديدة إليه. ومن جانب آخر، يدرك الأردن أن تأديته دور الضامن والوسيط قد يزيد من نفوذه في الجنوب السوري، ويعزز شراكته مع واشنطن في ضبط الأمن الإقليمي.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، فهي تسعى لتثبيت التهدئة في الجنوب السوري لتحقيق عدة أهداف؛ أبرزها: تأكيد التزامها بأمن إسرائيل، عبر طمأنتها بأن الجنوب السوري لن يكون منصّة تهديد لها، إضافة إلى رغبتها في توطيد حكم الإدارة السورية الجديدة، ومنع خصومها مثل داعش وإيران من استغلال الأزمة لإعادة التموضع والانتشار. وبتوقيعها بوصفها شريكًا وضامنًا للاتفاق، تكون قد ورثت الدور الروسي السابق في الجنوب، إضافة إلى نفوذها في الشمال الشرقي، وهذا يعزز موقفها في سورية ويجعلها الفاعل الرئيس في شؤونها. ويقوم الموقف الأميركي على مبدأ تحقيق الاستقرار منخفض التكلفة، عبر ضبط منطقة الجنوب بما يضمن أمن حلفائها في إسرائيل والأردن، ويحول دون دخول هذه المنطقة في فوضى قد تزعزع الأمن الإقليمي.
الموقف الإسرائيلي
رغم أن إسرائيل ليست طرفًا في اتفاقية السويداء، فإنها كانت طرفًا رئيسًا في أزمتها. ففي 19 تموز/ يوليو، جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل في الجنوب السوري برعاية أميركية. بناءً على ذلك، جرت اتصالات سياسية مباشرة كانت أولى جولاتها في باريس، نهاية تموز/ يوليو 2025، تلتها جولة ثانية في آب/ أغسطس، ضمّت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر[4]، بإشراف المبعوث الأميركي توم برّاك. وهدفت هذه الاجتماعات إلى بحث ترتيبات أمنية في كامل الجنوب السوري، انطلاقًا من الوقائع الميدانية التي فرضتها إسرائيل في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد.
مع ذلك، شملت اتفاقية خريطة الطريق بنودًا مقلقة لإسرائيل؛ منها إعادة سلطة الحكومة السورية إلى حدود السويداء الإدارية، ما يتناقض مع استراتيجية إسرائيل القائمة على إبقاء الوضع الأمني في الجنوب هشًّا، من خلال رفضها العلني لأي وجود رسمي للقوات السورية. وشدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل لن تسمح بانتشار قوات تابعة للحكومة السورية جنوب دمشق، معتبرًا أن أي وجود عسكري دائم هناك يمثّل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل. ولم تقتصر على إبداء التحفظات، بل ارتبط موقفها أيضًا بمسار تفاوضي تقوده الولايات المتحدة ضمن مقاربة سياسية أوسع، مارست الأخيرة بموجبها ضغوطًا مباشرة على دمشق لتسريع المحادثات مع إسرائيل، بغية تحقيق تقدّم قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة[5]، بحيث تُقدَّم الاتفاقية بوصفها إنجازًا دبلوماسيًا لإدارة الرئيس دونالد ترمب[6].
بهذا، شكّلت التطورات الميدانية في السويداء أداة ضغط إضافية في مسار المفاوضات؛ فقد وظّفت إسرائيل أحداث العنف، وسعت إلى تعزيز خطاب يقوم على ضرورة توفير الحماية لأهالي المحافظة من الدروز. وعملت على إعادة تنظيم الفصائل المحلية في السويداء، من خلال التسليح والتمويل، في محاولة لترسيخ بنية أمنية بديلة تُبقي الجنوب مرتبطًا بالوصاية الإسرائيلية، وتحدّ من قدرة الدولة السورية على بسط سيادتها الكاملة على أراضيها. من هذا المنظور، تبدو خريطة طريق السويداء مزدوجة الأثر بالنسبة إلى إسرائيل، فهي تمنحها هدوءًا ميدانيًا مؤقتًا، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام عودة تدريجية للدور المركزي للحكومة السورية. ويتناقض هذا المسار مع المقاربة التي اتبعتها إسرائيل في فترة ما بعد سقوط نظام الأسد؛ إذ سعت من خلالها إلى إضعاف الدولة السورية ومنع إعادة تماسكها الوطني، ما يفسر استمرار تل أبيب في الجمع بين المشاركة في المفاوضات من جهة، والحفاظ على أدوات الضغط العسكري والسياسي من جهة أخرى.
التحديات التي تواجه تطبيق خريطة الطريق
يواجه تنفيذ خريطة الطريق هذه عدة تحديات؛ أبرزها:
أعلنت اللجنة القانونية العليا في السويداء رفض الاتفاقية، متهمةً الحكومة السورية بالتنصل من مسؤوليتها تجاه ما جرى، ومطالبةً باستقلال المحافظة أو إدارة شؤونها ذاتيًا.[7]
القدرة على إجراء تحقيق كامل وشفاف، والقدرة على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات من كل الأطراف، وهي مسألة قد لا ترضي كل الأطراف وتبقي جذوة الأزمة قائمة.
على الرغم من أن بعض البنود يمكن تطبيقها، فإن هناك بنودًا أخرى تشتمل على كثير من التعقيدات؛ إذ يجمع النصّ بين عبارات متناقضة وفضفاضة مثل “الإدماج الكامل في الدولة السورية”، وتشكيل مجلس محافظة يمثّل كل مكونات المجتمع المحلي و”يتعاون” مع الحكومة السورية؛ أي الإقرار بلامركزية إدارية موسعة في السويداء.
الموقف الإسرائيلي ومدى جدية الولايات المتحدة في ضبط السلوك الإسرائيلي في سورية.
موقف شبكات الحرب ومهربي المخدرات، الذين سيسعون لتخريب هذه الاتفاقية؛ لأن تطبيقها يؤدي إلى تضرر مصالحهم، وهم يستفيدون من الفوضى، وقد يسعون لتنفيذ عمليات اغتيال أو خطف.
قد يؤدي أي خلل في تطبيق أحد البنود إلى انهيار الاتفاقية، والعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع.
خاتمة
رغم التوصل إلى خريطة طريق لحل أزمة السويداء، فإن الوضع في المحافظة يبقى مفتوحًا على كل الاحتمالات من النجاح في إنشاء نموذج حكم محلي، إلى عودة المواجهات العسكرية بين مختلف القوى المحلية، وحتى التدخل العسكري الإسرائيلي المباشر. وترى بعض القوى القريبة من حكومة دمشق أن الخريطة ربما تضمّنت بعض النقاط التي تخلّ بالسيادة السورية وتنتقص منها، مثل دعوة لجنة التحقيق الدولية إلى التحقيق، بدلًا من لجنة محلية، والإشراف الأردني – الأميركي على تنفيذ العديد من بنودها، ولا سيما المشاركة في ترتيبات الأمن والإدارة، والإشراف على الوساطة بين الأطراف المحلية في السويداء. وتتزايد المخاوف من أن تمثل الخريطة جزءًا من ترتيبات أوسع في الجنوب السوري تتمثل في اتفاقيات أمنية تحدّ من سيادة الدولة وتصبّ في مصلحة إسرائيل؛ ما يجعل المشهد المستقبلي في السويداء مرتبطًا بتوافقات إقليمية ودولية أكثر من كونه خلاصة تفاهمات بين الحكومة وفئات مختلفة من الشعب السوري تخشى التهميش والتعامل معها بوصفها أقليات، ما يفتح المجال لتدخلات خارجية. ولا بدّ من التأكيد أن أي ترتيبات دولية أو إقليمية لا تغني عن سياسة سورية داخلية قوامها المساواة في الحقوق بين جميع أطياف الشعب السوري، بحيث ينعكس ذلك في مؤسسات الدولة كلها بما فيها الجيش والأمن.
[1] يُنظر: “أحداث السويداء والمسألة الطائفية في سورية”، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 19/7/2025، شوهد في 23/9/2025، في: https://acr.ps/1L9BPxX [2] “لليوم الثالث على التوالي، تستمر الحملة التي أطلقها ناشطون في السويداء تحت عنوان ’حق تقرير المصير‘”، فيسبوك، السويداء 24، 19/9/2025، شوهد في 23/9/2025، في: https://bit.ly/4nf5HZr [3] “مظاهرة في ساحة الكرامة وسط السويداء للمطالبة بحق تقرير المصير والإفراج عن جميع المخطوفين”، فيسبوك، السويداء 24، 20/9/2025، شوهد في 23/9/2025، في: https://acr.ps/1L9BP3p [4] “Syrian, Israeli Diplomats met in Paris to Discuss De-Escalation: Syrian State Media,” Arab News, 20/8/2025, accessed on 23/9/2025, at: https://arab.news/pghds [5] “Under US Pressure, Syria and Israel Inch Toward Security Deal,” Reuters, 16/9/2025, accessed on 23/9/2025, at: https://shorturl.at/clyLs [6] “مضامين مقترح الاتفاق الأمني بين سورية وإسرائيل وتداعياته”، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 21/9/2025، شوهد في 23/9/2025، في: https://acr.ps/1L9BPyE [7] “السويداء.. اللجنة القانونية ترفض خارطة طريق الحكومة”، سكاي نيوز عربية، 17/9/2025، شوهد في 23/9/2025، في: https://bit.ly/3Kau9fW