وزارة التعليم الإسرائيلية تموّل رحلات مدرسية في الضفة المحتلة ضمن مساعي التهويد والضم

وزارة التعليم الإسرائيلية تموّل رحلات مدرسية في الضفة المحتلة ضمن مساعي التهويد والضم
الناصرة- فيما تهدد حكومة الاحتلال بضمّ الضفة الغربية المحتلة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، يجري الضمّ فعليًا على الأرض من خلال المزيد من السلب والنهب والتهجير وتضييق الخناق على الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، أبلغت وزارة التعليم الإسرائيلية مديري ومديرات المدارس بأن الجولات التعليمية المتعلقة بـ«التراث والهوية اليهودية» والتي ستُقام حصراً في الضفة الغربية، ستموَّل بالكامل حتى إذا تجاوزت تكلفتها الميزانية المخصصة للمدرسة، وذلك وفق رسالة أُرسلت إلى مديري المدارس في منطقة حيفا.
مدير ثانوية: التغييرات الأخيرة تلزم مديري المدارس متوسطة الحجم بتخصيص نحو 30 ألف شيكل من ميزانية وزارة التعليم لبرامج الهوية اليهودية
وجاء في الرسالة: «يُتاح الدعم من الوزارة فقط للبرامج التي تركز على مناطق “يهودا والسامرة” (الضفة الغربية المحتلة)، ولا يُرجى تقديم طلبات دعم لمناطق أخرى». وتشرح الرسالة كيفية استخدام ميزانية الوزارة لتنفيذ برنامج «التوراة بالنسبة لي»، ضمن مشروع «إصلاح الهوية اليهودية» الذي يقوده وزير التعليم يوآف كيش.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، يُدرج البرنامج ضمن قائمة البرامج الخارجية المعتمدة والممولة من الوزارة، والتي يمكن للمديرين اختيار أنشطة منها لطلابهم. ويشمل البرنامج جولات في مناطق أخرى من البلاد، إلا أن الوزارة تغطي تكاليفها جزئيًا فقط، بزعم موازنة ارتفاع نفقات الأمن في الضفة الغربية ومنح هذه البرامج فرصًا متساوية.
غير أن بعض المديرين الذين تحدثت معهم صحيفة «هآرتس» – وفضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم – أعربوا عن شكوكهم حيال هذا التوجه. وقال أحدهم: «يتضح من طبيعة الإصلاح، الذي يقدم تفسيرًا محددًا للغاية لمفهوم “الهوية اليهودية”، ومن صياغة الرسالة، أن وزارة التعليم تشجّع المديرين على تنظيم جولات في الأراضي المحتلة تمهيدًا لضمّها». ووصف أحد المديرين الوضع بأنه «تلاعب واضح»، مضيفًا: «وزارة التعليم لا تموّل رحلات البرنامج إلى أماكن أخرى في البلاد، والرسالة لا تذكر هذه الإمكانية ولا تتطرق إلى تكاليف الأمن في أماكن أخرى. والأهم من ذلك، يبدو أن الهدف من البرنامج هو دفع المدارس، التي تواجه صعوبات مالية كبيرة باستمرار، إلى تبنّي برامج مجانية شرط أن تُقام في الأراضي المحتلة».
من جانبه، أقرّ مصدر في الوزارة بأن «الوزارة تشجّع تنظيم رحلات الطلاب في هذه المناطق الفلسطينية المحتلة»، وفق ما تؤكده الصحيفة. وأشارت «هآرتس» إلى أنه في هذا الشهر نُظّمت فعالية للمستوطنين في مغارة البطاركة، وتشمل خطة الوزارة أيضًا رحلة يومية تمر عبر «الخليل التوراتية»، بما في ذلك زيارة مغارة البطاركة.
وفي الرسالة الموجّهة إلى مديري المدارس الإسرائيلية، تم تفصيل بعض الخيارات للجولات التي ستموّلها الوزارة. وتشمل هذه الجولات:
– رحلة يومية تركز على «وعد الله لإبراهيم بأرض إسرائيل» وصولًا إلى إقامة أول «عاصمة لإسرائيل» في مستوطنة شيلو، تبدأ من وادي قلط وتستمر إلى «شيلو القديمة».
– رحلة يومية تمرّ بـ«الخليل التوراتية»، بما في ذلك زيارة مغارة البطاركة.
– جولات تمتد ليومين، مثل جولة «من الآباء إلى الملوك والأنبياء»، حيث يشمل اليوم الأول السير في حقول بيت لحم، وفي اليوم الثاني تُختتم الجولة في الخليل بهدف التركيز على صعود داوود كقائد وربطه بنبوءة عاموس.
وأشار دان سجيف، مدير ثانوية «تيلما يالين» في مدينة جفعاتايم، إلى أن «التغييرات الأخيرة تلزم مديري المدارس متوسطة الحجم بتخصيص نحو 30 ألف شيكل من ميزانية وزارة التعليم لبرامج الهوية اليهودية، مع الالتزام بالمزودين المعتمدين من الوزارة. ففي حين تتمتع الميزانيات في أغلب المجالات بمرونة، هنا لا توجد أي إمكانية لتكييفها بما يتناسب مع احتياجات المدرسة وهويتها العلمانية. وبناءً على هذه الشروط، لن أستخدم هذه الميزانية».
سجيف: اكتشفت أن التمويل يأتي من مؤسسات يمينية بتشجيع وزارة التعليم، وأن الأنشطة الزراعية تُقام في الأراضي المحتلة وتشمل دعم تطوير المستوطنات
وأوضح سجيف أنه قبل نحو ثلاث سنوات عُرض عليه تمويل حافلات مجانية لنشاط زراعي نظمته حركة «هاشومير هحداش» في منطقة القدس، ما كان يعني «توفير الكثير من المال». لكنه اكتشف لاحقًا أن التمويل يأتي من مؤسسات يمينية بتشجيع وزارة التعليم، وأن الأنشطة الزراعية تُقام في الأراضي المحتلة وتشمل دعم تطوير المستوطنات، فقرّر رفض المشاركة. وتابع: «في ذلك الوقت كانت هذه الأنشطة غامضة، أما اليوم فكل شيء أصبح واضحًا ومكشوفًا».
وردّت وزارة التعليم بأن برنامج «التوراة بالنسبة لي»، الذي يهدف إلى تعريف الطلاب الإسرائيليين بقصص التوراة وتراثهم، يُنفّذ في مناطق مختلفة من البلاد، بما فيها «يهودا والسامرة»، زاعمة أن الدعم الإضافي يُمنح لتغطية تكاليف الأمن العالية في تلك المناطق، بما في ذلك الحافلات المصفّحة، لضمان أن تختار المدارس مسارات الرحلات لأسباب تربوية بحتة وليس مالية.
يُشار إلى أن «القدس العربي» نشرت تحقيقًا موسعًا، هذا الأسبوع، حول استخدام السلطات الإسرائيلية المدارس لشيطنة الفلسطينيين ونزع صفتهم الإنسانية واحتلال وعي التلاميذ الإسرائيليين للدفع نحو التعامل العنيف مع «الآخر»، وسط محاولات مفضوحة لتزوير هوية البلاد. وأكدت فيه أستاذة الجامعة بروفيسور نوريت بيلد إلحنان أن منابع المذبحة في غزة موجودة في مناهج التعليم في إسرائيل منذ عقود.
“القدس العربي”: