رواية قصيرة تربوية وتحفيزية تحت عنوان المسؤولية أمانة — حافظ عليها فإنها عنوان الأحرار

رواية قصيرة تربوية وتحفيزية تحت عنوان
المسؤولية أمانة — حافظ عليها فإنها عنوان الأحرار
المحامي علي ابوحبله
الفصل الأول: ثقل العهد
في صباح هادئ من أيام الخريف، وقف يوسف على شرفة مكتبه الجديد، يتأمل المدينة من حوله. للتو تسلّم منصبًا حساسًا، منصبًا يمنحه النفوذ والقدرة على اتخاذ القرارات، لكنه شعر بثقل غير معتاد على قلبه.
“الأمانة ليست مجرد منصب يُتسلَّم، بل عهد يُحاسب عليه الإنسان أمام خالقه وشعبه”، ترددت الكلمات في ذهنه.
لم يكن يوسف يسعى للمال أو الجاه، بل للعدل. علم أن كل شعرة من شؤون الناس وُكِّلت إليه أمانة عظيمة. فكر في المسؤولين الذين سبقوه، وكم من منهم رفع يده عن العدل لأجل مصالح شخصية. شعر أن هذا المنصب امتحان، أكثر من كونه شرفًا.
الفصل الثاني: امتحان الضمير
جلس يوسف على مكتبه، يراجع الملفات والقضايا. أمامه قرارات قد تسرّ أحدًا وتظلم آخر، وكلها تتطلب حكمة ووعيًا أخلاقيًا.
تذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، وشعر بثقل المسؤولية. فهم أن الخيانة والغش ليست جرائم فردية فقط، بل تدمّر ثقة المجتمع وتترك آثارًا لا تُمحى.
في ذلك اليوم، قدم إليه موظف طلبًا يحتوي على تجاوزات في توزيع المساعدات. يوسف كان يعلم أن من يتغاضى عن ظلم صغير، سيجد نفسه يومًا أمام ظلم أكبر. قرر أن يتخذ القرار الصائب، مهما كان ثمنه الشخصي.
الفصل الثالث: دروس من السلف
تذكر يوسف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان يراجع نفسه حتى في الممات: هل ظلمت أحدًا؟ هل تركت محتاجًا بلا قضاء؟.
وفي موقف واقعي من العصر الحديث، قرأ عن قصة رئيس وزراء سابق في بلاده رفض الاستفادة من أموال عامة رغم ضغوط حزبه. كانت حياته مثالًا للعدل والأمانة، وترك بصمة في النفوس.
أدرك يوسف أن المنصب ليس وسامًا، بل اختبارًا يوميًا. المال والجاه فانون، لكن أثر العمل الصالح يبقى في ذاكرة الناس.
الفصل الرابع: العهد بين الله والناس
كتب يوسف في دفتره الصغير أربع قواعد ذهبية يتذكرها كل يوم:
- الأمانة عهد بينه وبين الله ثم بينه وبين الناس.
- تطبيق العدل والمساواة ليس خيارًا بل فريضة.
- الدنيا زائلة ومن يقبض بالظلم يفقد كل شيء.
- الرعية مسؤولة أيضًا — بالنصح والصدق والمحاسبة بالقول والعمل.
كل قرار أصبح اختبارًا للإيمان والأمانة. وكل كلمة توقّع عليها كانت شهادة أمام الله والناس
الفصل الخامس: مصابيح العدالة
في إحدى القرى، وقف يوسف أمام مجموعة من القضاة المحليين، مستمعًا لمشاكلهم وطلبات التوظيف والتعليم. رأى بوضوح كيف أن مسؤولًا فاسدًا سابقًا أهدر موارد القرية، وتذكر قول النبي: “ألا لا دين لمن لا أمانة له”.
قرر يوسف أن يكون منصبه مصباحًا يُضيء عدلاً وحقًا، لا صنمًا يلمع ثم يخبو. كل فعل، كل كلمة، أصبح اختبارًا للضمير قبل القانون.
الفصل السادس: مواقف تاريخية
تأمل يوسف في قصص المسؤولين الذين خدموا شعوبهم بصدق:
عمر بن عبد العزيز: الذي خاف الله في منصبه ورفع الظلم عن الرعية.
مهاتما غاندي: الذي رفض الفساد وتضامن مع الفقراء، رغم أنه كان زعيمًا سياسيًا كبيرًا.
أحد الوزراء المعاصرين: الذي رفض تخصيص قطعة أرض لعائلته رغم ضغوط سياسية قوية.
كل هذه المواقف علمته أن الأمانة ليست مجرد منصب، بل اختبار للضمير والإيمان.
الفصل السابع: دروس في المحاسبة
علم يوسف أن المسؤولية ليست على عاتق المسؤول وحده، بل على الشعب أيضًا. الرعية مسؤولة بالنصح والصدق والمحاسبة بالقول والعمل.
في أحد الاجتماعات، اعترض أحد المواطنين على سوء توزيع خدمات البلدية. يوسف استمع له، وقرر إعادة النظر في الإجراءات، ليكون الحكم بالعدل وليس بالمحاباة.
الفصل الثامن: نهاية الطريق وبداية الأثر
بعد سنوات من الخدمة، جلس يوسف في مكتبه يتأمل ما أنجزه. لم يكد المال أو الجاه يلمع في حياته، لكنه رأى البصمات التي تركها في نفوس الناس.
ابتسم وقال لنفسه: “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.
كانت حياته دليلًا حيًا على أن الأمانة عهد مقدس، ومن أدرك ثواب الله في أداء الأمانة فقد ربح الدنيا والآخرة.
المقصود من الرواية
الحكمة الأخلاقية والدينية.
مواقف واقعية لمسؤولين معروفين.
سرد قصصي جذاب يشد القارئ.
دروس عملية في العدالة والأمانة والمحاسبة.