تحقيقات وتقارير

السودان: فيضان النيل يهدد الضفاف الشمالية والمنظمة الدولية للهجرة تعلن تشريد عشرات الأسر جنوب الخرطوم

السودان: فيضان النيل يهدد الضفاف الشمالية والمنظمة الدولية للهجرة تعلن تشريد عشرات الأسر جنوب الخرطوم

ميعاد مبارك

أطلقت وحدة الإنذار المبكر بوزارة الزراعة والري إنذارًا أحمر على امتداد الشريط النيلي، محذرة من أن الارتفاع المستمر في وارد المياه من النيلين الأزرق والأبيض يشكّل تهديدًا مباشرًا للمناطق السكنية.

الخرطوم ـ : أطلقت السلطات السودانية تحذيرات عاجلة من ارتفاع خطير في مناسيب نهر النيل وروافده، تزامنًا مع موجة أمطار غزيرة ضربت عدة ولايات خلال الأيام الماضية.

وحذرت وزارة الزراعة والري السودانية، المواطنين القاطنين على ضفاف نهر النيل شمالي البلاد، داعية إلى أخذ الحيطة والحذر بسبب ارتفاع مناسيب المياه، تزامناً مع توقعات بهطول أمطار غزيرة في عدد من الولايات.

اتهامات لإثيوبيا

وقالت وزارة الزراعة والري أن الفيضانات الحالية جاءت نتيجة لتصريف مياه بحيرة سد النهضة في إثيوبيا، إلى جانب تأثيرات التغيرات المناخية وتأخر هطول الأمطار الموسمية. ودعت الوزارة المواطنين القاطنين على ضفاف النيل، خاصة شمالي البلاد، إلى أخذ الحيطة والحذر، واتخاذ ما يلزم لحماية الأرواح والممتلكات.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحذيرات أطلقتها وزارة الموارد المائية والري المصرية من خطورة ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة» للسد الإثيوبي على مجرى النيل الأزرق، متهمة إثيوبيا بالقيام بتصرفات احادية تسببت في إحداث «فيضان صناعي مفتعل» أواخر ايلول/سبتمبر الماضي، أدى إلى غمر مساحات من الأراضي الزراعية وعدد من القرى في السودان.
وقالت الوزارة المصرية، إن مشغلي السد الإثيوبي القائم على النيل الأزرق قاموا بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان، ثم عمدوا إلى تصريف مفاجئ لكميات ضخمة عقب افتتاح السد في 9 أيلول/سبتمبر، حيث بلغت التصريفات 485 مليون متر مكعب في يوم واحد، وارتفعت لاحقاً إلى 780 مليون متر مكعب قبل أن تنخفض مجددًا إلى 380 مليون متر مكعب بنهاية الشهر. ووصفت هذه التصرفات بأنها «عشوائية» و«تمثل خطرًا دائمًا ومستمرًا على دولتي المصب». وقالت أن ما اعتبرته ملئا «متعجلا» وما تبعه من «تصريف غير منظم» غيّر توقيت ذروة الفيضان المعتادة إلى وقت متأخر من العام، ما أدى إلى تدفق كميات كبيرة من المياه تزامنت مع تغيرات في الأمطار بالسودان وارتفاع إيراد النيل الأبيض، الأمر الذي تسبب في أضرار مباشرة على الأراضي الزراعية والقرى السودانية.
واتهمت الجانب الإثيوبي باستغلال السد لأغراض «الاستعراض الإعلامي والسياسي» على حساب الأمن المائي والإقليمي، محذرة من أن استمرار هذه السياسات في غياب اتفاق قانوني ملزم يشكل خطرًا دائمًا على شعوب دولتي المصب.

تداعيات الفيضانات

وكانت غرفة الطوارئ في محلية جبل أولياء، أكدت أن المياه اجتاحت الحواجز الترابية في عدة مناطق على ضفاف النيل الأبيض، مثل العسال، طيبة الحسناب، الشقيلاب، والكلاكلات، وبدأت تتدفق نحو الأحياء السكنية، محذرة من انهيار المباني وغرق المنازل. وأشارت الغرفة إلى أن العمل يجري بإمكانات متواضعة للحد من اتساع الكارثة، لكن استمرار ارتفاع المناسيب يجعل العديد من المناطق مهددة بالغرق الكامل.
يأتي ذلك في وقت أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 100 أسرة، وتدمير وغمر نحو 100 منزل في قريتي الشقيلاب وطيبة جنوبي العاصمة الخرطوم، بسبب فيضان النيل الأبيض.

إنذارات جوية وتحذيرات من السيول

وفي سياق متصل، أصدرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية إنذارًا برتقاليًا يشير إلى خطورة عالية في مناطق شرق القضارف، غرب جنوب كردفان، وشرق وأواسط غرب كردفان.
وتوقعت الهيئة هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية قد تؤدي إلى سيول وفيضانات في الأودية والمناطق المنخفضة.
كما حذّرت الهيئة المواطنين من عبور مجاري المياه سريعة الجريان سواء سيرًا على الأقدام أو بالمركبات، وشجعت على فتح المصارف والخيران، مع ضرورة البقاء في حالة تأهب قصوى.
وأشارت وزارة الزراعة والري، في بيانها الصادر الجمعة، إلى أن هناك انحسارًا سريعًا في منسوب النيل في القطاع الممتد من الروصيرص بإقليم النيل الأزرق إلى الخرطوم، مقابل ارتفاع ملحوظ في المناسيب بين الخرطوم ومنطقة كجبار بالولاية الشمالية.
وأكدت الوزارة أن محطات الرصد في الخرطوم وشندي سجلت بالفعل مرحلة الفيضان، في حين بلغت ولايات نهر النيل، النيل الأبيض، والخرطوم المستويات الفياضية، مما يضاعف خطر الفيضانات على التجمعات السكنية والزراعية.
وأطلقت وحدة الإنذار المبكر بوزارة الزراعة والري إنذارًا أحمر على امتداد الشريط النيلي، محذرة من أن الارتفاع المستمر في وارد المياه من النيلين الأزرق والأبيض يشكّل تهديدًا مباشرًا للمناطق السكنية، وأراضي الزراعة، والمواشي، ومخزون الأعلاف، داعية إلى نقلها وتخزينها في مناطق مرتفعة وآمنة.

مناسيب خطيرة

ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد سجلت مناسيب النيل في عدد من المحطات مستوى الفيضان، والذي يتراوح بين 15.22 متر و17.30 متر بحسب الموقع الجغرافي. وتشمل المناطق الأكثر تأثرًا ولايات النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل، والنيل الأبيض.
وكانت وزارة الري والموارد المائية قد أصدرت، في وقت سابق من الأسبوع، تحذيرات مشابهة، داعية سكان المناطق القريبة من ضفاف النهر إلى اتخاذ تدابير الحماية اللازمة، في ظل توقعات باستمرار ارتفاع المناسيب خلال الأسبوع الجاري.
وتُعاني معظم المدن السودانية من هشاشة في البنية التحتية، وضعف في شبكات التصريف والحماية من الكوارث الطبيعية، ما يجعل المناطق القريبة من الأنهار عرضة لفيضانات متكررة كل موسم خريف.
ويُذكر أن السودان يشهد سنويًا خلال موسم الأمطار موجات فيضانات تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، خاصة في ظل استمرار تحديات تغير المناخ، وغياب خطط فعالة للتعامل مع الكوارث.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب