تحقيقات وتقارير

عامان على “طوفان الأقصى”.. المذبحة في غزة مستمرة ومفاوضات جديدة في شرم الشيخ

عامان على “طوفان الأقصى”.. المذبحة في غزة مستمرة ومفاوضات جديدة في شرم الشيخ

الناصره / وديع عواودة

تزامنا مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية اليوم عامها الثالث دوت صافرات الإنذار في مستوطنات “غلاف غزة” صباح اليوم الثلاثاء بعد إطلاق قذيفة وحيدة حاملة رسالة لوعي الإسرائيليين والعالم مفادها أن الفلسطينيين ما زالوا في غزة رغم مخططات ومحاولات التهجير بعد التدمير شبه الكامل للقطاع، وإن كانت هناك جهات ستعتبرها ذريعة للاحتلال لمواصلة القصف.

بالتزامن أيضا يتواصل الانشغال الإسرائيلي الرسمي وغير الرسمي الواسع بـ”السابع من أكتوبر” خاصة باستعادة ملامح أيام الصدمة والذهول الأولى واستذكار الخوف والوجع والضحايا مما يدلل على أن “طوفان الأقصى” وتبعاتها شكلت هزة أرضية بالنسبة للإسرائيليين أيضا بعدما ألحقت بهم عملية “طوفان الأقصى” المباغتة أضرارا متنوعة منها مقتل 2000 إسرائيلي حتى اليوم نصفهم جنود وأصابت هيبة وقوة ردع إسرائيل وزعزعت ثقة سكانها بحكومتها وبمؤسستها الأمنية.

تلخيصات إسرائيلية

في هذه المناسبة قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في حديث مع بودكاست أمريكي “أعتقد أننا نقترب من نهاية الحرب في غزة”، وأشار إلى أن إسرائيل خرجت من السابع من أكتوبر/تشرين الأول الرهيب كأقوى قوة في الشرق الأوسط وأضاف متباهيا بلغته المتعجرفة “حطمنا حماس رغم أنها لم تهزم بعد لكننا سنصل إلى ذلك، وفعلنا ذلك أيضا مع حزب الله وسوريا وحطمنا البرنامج النووي الإيراني. ما بدأ في غزة سينتهي في غزة مع إطلاق سراح المحتجزين ونهاية حكم حماس”.

وفي سياق متصل قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقناة نيوز ماكس في الليلة الفائتة “أعتقد أننا قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق في غزة واعتقد أن هناك الكثير من حسن النية يتم إظهاره الآن بشأن اتفاق غزة وهذا أمر مدهش حقا”، وتابع “الأمور تسير على ما يرام واعتقد أن حماس وافقت على أمور مهمة للغاية”.

هناك تلخيصات مغايرة عن الرواية الإسرائيلية الرسمية فيقول مراقبون كثر في محاولات تلخيص مرحلية لنتائج هذا “الإخفاق العظيم” إن عامين قد انقضيا منذ الفشل الكبير ونتنياهو ما زال باقيا في مقعده والمخطوفون ما زالوا هناك في غزة

في الأوساط غير الرسمية هناك تلخيصات مغايرة عن الرواية الإسرائيلية الرسمية فيقول مراقبون كثر في محاولات تلخيص مرحلية لنتائج هذا “الإخفاق العظيم” منهم المحلل السياسي البارز في القناة 12 العبرية بن كاسبيت إن عامين قد انقضيا منذ الفشل الكبير ونتنياهو ما زال باقيا في مقعده والمخطوفون ما زالوا هناك في غزة. ويقول كاسبيت إن “السابع من أكتوبر” ما زال يمكن اعتباره الفشل القومي الأخطر وكلنا نعرف من المذنب ومع ذلك أظهر هذان العامان قدرة الإسرائيليين على إنقاذ دولتهم عندما فشلت وتعثرت”.

وفي معرض جرد الحسابات في المنظور الحالي يقول المحلل السياسي نداف أيال في صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن حماس تراجعت لكنها ما زالت هي العنوان بالنسبة للغزيين مشددا على أن حماس لن تختفي. ويضيف أيال: “إن تنازل حماس عن المحتجزين في البداية مكسب لإسرائيل لكن في المرحلة الثانية للوهلة الأولى لن تسيطر على غزة ولكن إسرائيل أيضا لا”.

في افتتاحيتها بعنوان “حكومة ناجية ودولة في حالة نزاع” تقول صحيفة “هآرتس” إنه منذ الكارثة الأمنية مر عامان وما زالت الحكومة موجودة وكذلك 48 مختطفا ما زالوا في غزة. وتتساءل “هآرتس” بالقول إن نتنياهو الوحيد الذي لم يتحمل مسؤولية، ماذا لو كانت الكارثة قد حصلت في فترة نفتالي بينيت؟ وتخلص للقول إن حكومة نتنياهو وبن غفير بليدة الإحساس لم تستقل بعد بينما الدولة تنزف، داعية الإسرائيليين لأن يستيقظوا: “حان الوقت لوقف الحرب واستبدال الحكومة الأسوأ في تاريخنا”.

وفي خضم ذلك تواصل عائلات المحتجزين التظاهر صباح اليوم أيضا مقابل منازل وزراء حكومات الاحتلال داعين لإنهاء الحرب وإتمام صفقة تبادل. وتقتصر فعاليات إحياء الذكرى الثانية لـ”السابع من أكتوبر” في إسرائيل على المستوى الشعبي فحسب لأن حكومة الاحتلال ذات التوجهات القومجية والدينية قررت إحياء الذكرى الرسمية وفق التقويم العبري المصادفة في 16 من أكتوبر الجاري.

تلخيصات أعمق وأبعد

ويتوقف بعض المراقبين في إسرائيل عند بعض النتائج الأبعد والأعمق للحرب بالإشارة إلى خطورة النزيف الدبلوماسي غير المسبوق الذي حولها لدولة “منبوذة مصابة بالجرب” ويعتبرون أن ذلك ينطوي على تهديد استراتيجي عليها بالمدى البعيد.

يتوقف بعض المراقبين في إسرائيل عند بعض النتائج الأبعد والأعمق للحرب بالإشارة إلى خطورة النزيف الدبلوماسي غير المسبوق الذي حولها لدولة “منبوذة مصابة بالجرب”

ويلاحظ هؤلاء الانزياح المدهش للشعوب لصالح فلسطين وقضيتها خاصة الفئات العمرية الشبابية التي تملأ شوارع المدن الكبرى بالمظاهرات بما في ذلك الشباب الأمريكيون الذين ينحاز معظمهم للجانب الفلسطيني للمرة الأولى وفق استطلاع صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام.

ويخشى هؤلاء أن المتظاهرين هم صناع القرار في المستقبل مما يعني أن إسرائيل بقيت منقسمة داخليا وبانقسام ربما أشد مع اقتصاد متين كما يبدو من قيمة عملتها “الشيكل” مقابل الدولار لكنها باتت معزولة، معها ترامب اليوم دون معرفة توجهات خليفته فيما تقف شعوب العالم مع الشعب الفلسطيني.

وهناك أسئلة تكاد تكون مفقودة في معظم التلخيصات الإسرائيلية المرحلية منها كيف سيؤثر هذا الحدث التاريخي على مستقبل الصراع مع الشعب الفلسطيني الباقي في وطنه بين البحر والنهر وليس على حماس فحسب؟ هل سيتغير وعي الإسرائيليين أم يبقى عالقا بشهوة الخوف والانتقام؟ أم سيستنتجون أن احترام حقوق الشعب الفلسطيني هو الطريق وأن العيش على حد السيف مجرد شعار فارغ وأن الرهان على القوة والمزيد منها لن يدفع ملايين الفلسطينيين بين البحر والنهر خارج وطنهم بل سيغرق البلاد في دوامة حمراء على الطريقة البلقانية؟

في المقابل لم تكتمل التلخيصات في الجانب الفلسطيني أيضا وتنعكس فيها الحسابات الفئوية في كثير من الأحيان غير أن ذلك استحقاق وطني ربما ينتظر نهاية الحرب ليبدأ تقييم عميق وحقيقي لكل ما هو موجود ومفقود في هذه التجربة ونتائجها.

الحرب المتوحشة مستمرة في ظل المفاوضات

رغم انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في مصر تستند إلى خطة ترامب تستمر حرب الإبادة بحجة “الخطوات الدفاعية” مما يرفع منسوب الدم في غزة إذ تفيد تلخيصات فلسطينية رسمية أن عدد الشهداء والمفقودين منذ بدء حرب الإبادة 76.639 شخصا بينما فاق عدد الجرحى الـ169 ألفا وذلك مقابل 2000 قتيل إسرائيلي نصفهم جنود ورجال أمن، و20 ألف جندي جريح وإصابة عشرات آلاف الجنود والمدنيين بـ”اضطراب ما بعد الصدمة”.

وبدأت في منتجع شرم الشيخ في مصر المحادثات غير المباشرة بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين لبحث ترتيبات ميدانية تتعلق بملف الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة وسط تقارير مختلفة تتساءل عما إذا كانت نقاط التداول تقنية فحسب أم جوهرية أيضا تطال مستقبل القطاع ومستقبل حماس وليس فقط مسائل المرحلة الأولى من تبادل وانسحاب أولي للاحتلال.

وفي هذه المرحلة تتضمن المداولات خلافا حول هوية الأسرى الفلسطينيين الذين من المفترض أن يُفرج عنهم مقابل الإفراج عن المحتجزين ووقف الحرب، فحكومة الاحتلال توافق على إطلاق سراح 250 من الأسرى المحكومين بالمؤبد، لكنها تتحفظ على رؤساء وقادة الفصائل، أمثال مروان البرغوثي وعبد الله البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهم فيما تطالب حماس باعتماد مفتاح واضح للتبادلية يقوم على أقدمية كل أسير وعمره.

كما تدور حول عمق الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في المرحلة الأولى علاوة على استمرار القصف الإسرائيلي رغم إعلان ترامب أنه أمر نتنياهو بوقف النار. في غضون ذلك تتواصل التساؤلات هل هناك ما يبرر فعلا الأجواء والتقارير المتفائلة حيال إبرام صفقة والأهم هل تنهي الصفقة حرب الإبادة وهل يكفل الوسطاء والدول العربية والإسلامية الثمانية عدم معاودة نتنياهو (الجريح في هيبته وشعبيته والمهدد بالسقوط من الحكم وربما من التاريخ) للحرب وخيانة التفاهمات كما فعل قبيل الانتقال للمرحلة الثانية من خطة بايدن المطروحة في مايو/أيار 2024؟ هل تتمكن الدول العربية والإسلامية الثمانية من منع نتنياهو من الغدر ومعاودة الحرب؟ سؤال مستحق خاصة أن هناك مراقبين إسرائيليين أيضا يشككون بنوايا نتنياهو، منهم المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هارئيل الذي يقول إنه ربما ينجح نتنياهو بتعطيل المساعي من جديد فيما قال المحلل السياسي في القناة 13 العبرية رافيف دروكر إن نتنياهو يريد استئناف الحرب مراهنا على أن ترامب “قد يفقد القدرة على الضغط على الأطراف، والأهم أنه سيفقد الاهتمام بالقضية برمتها”.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب