ورشة دبلوماسية رسمية لمواجهة العدوان: لندن تعرض المساعدة في «معالجة ملفّ حزب الله»

ورشة دبلوماسية رسمية لمواجهة العدوان: لندن تعرض المساعدة في «معالجة ملفّ حزب الله»
قال مصدر وزاري بارز، إن نقاشاً يجري حالياً بين رئيس الحكومة نواف سلام وعدد من الوزراء حول الإجراءات الدبلوماسية والسياسية التي ينبغي للحكومة اتخاذها لمواجهة تلكّؤ العدو الإسرائيلي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 تشرين الثاني الماضي.
وأوضح المصدر أن النقاش انطلق من واقع أن الجهود السياسية لم تسفر بعد عن نتائج ملموسة، ومن أن هناك مشكلة تتعلق بكفاءة عمل وزارة الخارجية، خصوصاً أداء الوزير يوسف رجّي، وسط اعتقاد بأن الأخير ليس معنيّاً شخصياً، ولا بما يمثّله سياسياً، بالقيام بجهد خاص في هذا المجال.
وبحسب المصدر، يأخذ البحث طابعاً جدياً، خصوصاً مع وجود شخصيات في الحكومة قادرة على القيام باتصالات رفيعة المستوى على الصعيديْن الإقليمي والدولي.
وأوضح أن هناك حاجة إلى دفع هذه الاتصالات، ليس فقط استجابة لمطالب الأهالي من أبناء الجنوب أو القوى السياسية، بل أيضاً لمواجهة حالة الجمود الناتجة عن التعثّر الذي أصاب جهود الوساطة الأميركية، مشيراً إلى أن ما قام به المبعوث الأميركي توم برّاك وزميلته مورغان أورتاغوس لم يحقّق التقدّم المطلوب، لأن الولايات المتحدة لا تبدو مستعدّة لممارسة أي ضغط جدّي على إسرائيل.
وبحسب مصدر وزاري آخر، جاءت الفكرة التي طُرحت على رئيس الحكومة في إطار الاستجابة للضغوط الناجمة عن استمرار الخروقات الإسرائيلية للاتفاق، والاعتداءات اليومية التي تودي بحياة مدنيين في أكثر من منطقة لبنانية، إضافة إلى الغارات التي تستهدف مناطق عدة في لبنان.
وأوضح أنه يجب التواصل مع عواصم بارزة مثل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وكذلك مع جهات ومنظّمات دولية، عادة ما تلعب دوراً في معالجة النزاعات. ولفت المصدر إلى أن البحث الرسمي في الحكومة يجري بالتنسيق مع الرئيس جوزيف عون الذي عاد من نيويورك بانطباعات سلبية حيال ترك لبنان دون أيّ اهتمام.
تناقش الحكومة مع الأمم المتحدة إنفاق مبالغ مالية على معالجة آثار العدوان الإسرائيلي في مناطق جنوبية
ويتسلّح أصحاب الفكرة بالتقرير الذي قدّمه قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، إلى مجلس الوزراء أول من أمس، والذي أشار بوضوح إلى أن الاحتلال هو الطرف الوحيد الذي يعرقل إنجاز الجيش مهمته في منطقة جنوب نهر الليطاني، وأنه لا يوجد تعاون جدّي من الأطراف الدولية المعنيّة بإلزام العدو بوقف الاعتداءات، والسماح للجيش اللبناني بالتمركز عند القرى الحدودية.
كما نوّه التقرير بالنقص الحادّ في العتاد والموارد، مشدّداً على حاجة الجيش إلى دعم دولي حقيقي، نظراً إلى أن لبنان ليس في وضع مالي يمكّنه من تلبية هذه الاحتياجات.
وفي السياق نفسه، تحدّث مرجع حكومي إلى «الأخبار» عن مباحثات تُجرى مع مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، للبحث في سبل الاستفادة من مبالغ مالية كبيرة موجودة في حسابات المنظّمة ومخصّصة لدعم السكان في مواجهة الأزمات الكبرى. وأوضح المرجع أن النقاش بدأ يتجه نحو ترتيب ملفات تتعلق بآثار العدوان الإسرائيلي على الجنوب، وإعداد دراسة حول بعض الأضرار التي يمكن للمنظمات الدولية المساهمة في معالجتها، متوقّعاً ظهور نتائج إيجابية على هذا الصعيد قريباً.
تطوّع بريطاني
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن بريطانيا تسعى إلى تعزيز حضورها في لبنان من بوابة ملف الصراع مع إسرائيل. ووفق المعلومات، تحاول لندن ملء الفراغ الناتج من عدم ترحيب لبنان بأي دور فرنسي خاص، وتعطّل المساعي الأميركية. إلا أن المصادر تشير إلى أن العرض البريطاني يتركّز على محور واحد يخدم مصالح العدو، وهو «المساعدة في معالجة أزمة تُسمّى حزب الله».
وأكّد مسؤول بارز أن اقتراح لندن يقضي بتكليف أحد الخبراء البريطانيين بمحاورة حزب الله بهدف إقناعه بالتخلّي عن السلاح والاندماج الكامل في الدولة ومؤسساتها. وبحسب المعطيات، فإن المرشح لهذا الدور هو جوناثان باول الذي تولّى مسؤوليات رسمية عدة، قبل أن يقود مؤسّسة وساطة، عرضت أولى خدماتها في ليبيا، وقد سبق أن لعبت أدواراً ذات طابع استخباراتي، وللمرشح الريطاني تجربة في التعامل مع قوى تُصنّف عادة كـ«متمرّدة» أو «إرهابية».
وعلمت «الأخبار» أن باول أرسل رسائل عبر سفارة بلاده في بيروت إلى شخصيات على تواصل مع الحزب، في محاولة لاستطلاع موقفه من هذا الطرح الذي يندرج ضمن ما سمّاه «عملية اندماج الحزب كلياً في الدولة والتخلّي عن السلاح»، في ضوء نتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وقُدّم باول إلى المسؤولين اللبنانيين على أنه صاحب خبرة كبيرة في التفاوض الذي قاد سابقاً إلى تخلّي الجيش الجمهوري الإيرلندي السري عن أسلحته وانخراطه في الحياة العامة، وقد لعب دوراً محورياً في توفير الضمانات التي احتاجت إليها الجماعة لإتمام هذه العملية. وهو يحظى بثقة كبار المسؤولين في الدولة، وعلى درجة عالية جداً من التنسيق مع وكالات الاستخبارات البريطانية الداخلية والخارجية.
وقد سُرّبت سابقاً معلومات عن دوره قبل سنوات في بناء شبكة علاقات سرية مع «هيئة تحرير الشام» في إدلب، وعقد سلسلة لقاءات مع قائدها أبي محمد الجولاني قبل تحوّله إلى أحمد الشرع.
وذكرت وكالة «تاس» الروسية نقلاً عن «مصدر دبلوماسي في موسكو» أن ممثّلاً عن جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6) التقى أخيراً بزعيم «هيئة تحرير الشام» في سوريا. وأضافت أن المسؤول البريطاني هو جوناثان باول، الذي شغل سابقاً منصب المبعوث الخاص للمملكة المتحدة إلى ليبيا، وعيّنه رئيس الوزراء كير ستارمر مستشاراً للأمن القومي في بريطانيا خريف العام الماضي. وهو زار دمشق رسمياً في آب الماضي، والتقى الشرع.
ويُعدّ باول أحد أبرز رجالات رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بين عامَي 1997 و2007. وقد لعب دوراً مباشراً في المفاوضات مع المعارضين في إيرلندا الشمالية، وتدور حوله العديد من الروايات، آخرها أنه أدّى دوراً مؤثّراً في إقناع قائد حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان بالتخلّي عن السلاح.
كما حاول الانخراط في ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي، ودرس عروضاً لمشاريع قدّمها بلير في لقاءات سرية مع قادة من المقاومة الفلسطينية. إضافة إلى ذلك، نشرت مواقع بريطانية أنه ساهم في معالجة النزاع المسلّح في إقليم الباسك الإسباني، وساعد الرئيس الموزمبيقي فيليبي نيوسي على إنهاء الحرب الأهلية في بلاده.
الاخبار اللبنانية