“رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتكم نحو إنهاء المشروع الصهيوني ودفع مسار التسوية العادلة”

“رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: صوِّبوا بوصلتكم نحو إنهاء المشروع الصهيوني ودفع مسار التسوية العادلة”
المحامي علي أبو حبلة
الفلسطينيون طلاب حق لا إرهابيون
رسالة إلى القادة المحتفلين باتفاق شرم الشيخ: من أجل سلامٍ عادلٍ يقوم على إنهاء الاحتلال وتطبيق قرارات الشرعية الدولية
بعد مرور سبعة وسبعين عاماً على النكبة الفلسطينية، ما زال الشعب الفلسطيني يعيش تحت وطأة الاحتلال والتشريد والحرمان من أبسط حقوقه المشروعة. واليوم، بينما يحتفل القادة في شرم الشيخ بتوقيع اتفاق وقف الحرب على غزة، تتجه أنظار الفلسطينيين نحو العالم برسالة صريحة وواضحة:
صوِّبوا بوصلتكم نحو إنهاء المشروع الصهيوني التوسعي، وادفعوا بمسار التسوية على قاعدة تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وليس على حساب الحقوق الفلسطينية.
فالحرب على غزة لم تكن سوى حلقة جديدة من سلسلة العدوان الصهيوني الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، مدعومة بغطاء أمريكي وغربي مكشوف، وبصمت عربي رسمي لا يليق بحجم المأساة.
إن وقف إطلاق النار لا يعني السلام، فالمجزرة لا تنتهي إلا بإنهاء الاحتلال، ولا يمكن لأي اتفاق أن يحقق الأمن والاستقرار ما لم يقم على العدل والاعتراف بالحق الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
غزة ليست النهاية… والضفة والقدس في عين العاصفة
في الوقت الذي تتوقف فيه أصوات القنابل في غزة، تتواصل الممارسات العدوانية في الضفة الغربية والقدس: اقتحامات، اعتقالات، مصادرة أراضٍ، واعتداءات المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال.
إن السلام الانتقائي الذي يُقاس بعدد الصواريخ وليس بعدد الضحايا ولا بكرامة الإنسان الفلسطيني، هو سلام ناقص ومؤقت.
فلا أمن ولا استقرار في المنطقة ما دامت القدس تُهوَّد، والضفة تُنهب، وغزة تُحاصر.
الشرعية الدولية أساس الحل لا المنابر الاحتفالية
لقد أكدت قرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 181 لعام 1947 والقرار 242 لعام 1967 والقرار 3236 لعام 1974، على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
هذه القرارات هي البوصلة القانونية والسياسية الوحيدة لأي تسوية حقيقية، وليست خطة “ترمب” التي تهدف إلى تصفية القضية تحت شعار “السلام الاقتصادي” ودمج الاحتلال في الإقليم.
القانون الدولي الإنساني – كما نصت عليه اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 – يؤكد أن الأراضي المحتلة لا تكتسب بالعدوان، وأن للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الحق في المقاومة والدفاع عن نفسها.
كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) أقرّ بحق الإنسان في مقاومة الاستبداد والطغيان إذا غابت العدالة وحماية القانون.
المطلوب من القادة العرب والدوليين
يا قادة الأمة، ويا من تجتمعون اليوم في شرم الشيخ تحت راية “وقف الحرب”، إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى بيانات تهدئة، بل إلى قرارات شجاعة تعيد الاعتبار لحقوقه وتضع حدّاً لمشروع الاحتلال الاستيطاني.
صوّبوا بوصلتكم نحو إنهاء المشروع الصهيوني التوسعي الذي يبتلع الأرض ويقتل الإنسان.
ادفعوا نحو مسار تسوية حقيقي يقوم على تطبيق قرارات الشرعية الدولية، لا على الرضوخ لإملاءات القوة.
طالبوا بوقف جميع الممارسات العدوانية في الضفة الغربية والقدس، لأن العدوان هناك لا يقل خطورة عن القصف في غزة.
اعملوا على إحياء خطة سياسية شاملة تنبثق من مبادئ العدالة الدولية، وتؤدي إلى قيام دولة فلسطين المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الفلسطينيون… عنوان الشرعية والمقاومة
الفلسطينيون ليسوا جزءاً من أي محور أو أجندة، بل هم طلاب حرية وكرامة وعدالة.
مقاومتهم نابعة من حقهم الطبيعي والإنساني في رفض الاحتلال، كما أقرت بذلك كل المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
وصفهم بالإرهاب هو تشويه للحقيقة وتبرير للعدوان، لأنهم يدافعون عن أرضهم ووجودهم في مواجهة أعتى قوة استعمارية في العصر الحديث.
ونختم بالقول إن وقف الحرب في غزة يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو إنهاء الاحتلال لا مجرد هدنة مؤقتة.
السلام لا يصنع في القصور ولا على موائد الاحتفال، بل يُبنى على إقرار الحق وإزالة الظلم.
ولذلك، فإن مسؤولية القادة اليوم هي أن يجعلوا من هذا الاتفاق مدخلاً لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وأن يدفعوا باتجاه إنهاء المشروع الصهيوني الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها.
فالأمن الحقيقي لن يتحقق إلا عندما تتحرر فلسطين، ويُقام العدل، ويعم السلام القائم على الحق لا على القوة.
المراجع القانونية والدولية
- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 (1947) – قرار التقسيم.
- قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967) وقرار الجمعية العامة 3236 (1974) حول حق تقرير المصير.
- اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، المواد (27–34) و(47–78).
- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المواد (47) و(😎.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10/12/1948).
- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2852 (20/12/1971) بشأن شرعية نضال الشعوب ضد الاحتلال.
- تقارير مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية حول جرائم الحرب في غزة والضفة (2023–