بين هيبة القصر وسقوط الحكومة… هل ينجو المخزن المغربي من غضب الشارع؟

بين هيبة القصر وسقوط الحكومة… هل ينجو المخزن المغربي من غضب الشارع؟
المظالم الجوهرية التي تقف خلف هذا الغليان الشعبي ليست وليدة اللحظة؛ فالمستشفيات في حالة انهيار مزمن، والمدارس تعاني ضعف التمويل وقلة الكوادر، والبطالة تضرب بنسب مرتفعة خصوصًا في صفوف الشباب…
على مدى ما يقارب الأسبوع، وجد المغرب نفسه أمام أوسع موجة احتجاجات يشهدها منذ حراك الريف عام 2016–2017، غير أن هذه المرة تختلف جذريًا في طبيعتها وبُنيتها؛ إذ إن الحراك الحالي لم ينطلق من أحزاب المعارضة التقليدية، أو من النقابات العمالية، أو من الكتل الأيديولوجية المعتادة التي اعتادت الدولة التعامل معها واحتوائها، بل جاء من خارج الإطار السياسي المألوف، عبر تجمّع شبابي غير هرمي ومجهول القيادة يُعرف باسم “جيل زد 212”.
هذا الجيل، الذي نشأ في الفضاء الرقمي أكثر منه في قاعات الأحزاب أو الجمعيات، لجأ إلى منصات مثل تيك توك وديسكورد وإنستغرام ليصوغ لغته وأدواته، ويحوّل الفضاء الافتراضي إلى منصة للتعبئة والتنظيم. سرعان ما اتسع الحراك، الذي بدأ بنداءات متناثرة تطالب بتحسين الخدمات العامة، ليتحوّل إلى تظاهرات وطنية اجتاحت المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير، ثم تسربت إلى المدن الصغرى وأطراف البلاد. ومع تزايد حجم الحشود واتساع رقعة المشاركة، لم يتأخر الاصطدام مع قوات الأمن، ليتحوّل المشهد إلى مواجهات عنيفة انتهت بشكل مأساوي بسقوط عدد من ضحايا الحراك في مدينة القليعة قرب أكادير، وهو ما أعطى للحركة زخمًا جديدًا وعمّق من شعور الغضب الشعبي.
المظالم الجوهرية التي تقف خلف هذا الغليان الشعبي ليست وليدة اللحظة؛ فالمستشفيات في حالة انهيار مزمن، والمدارس تعاني ضعف التمويل وقلة الكوادر، والبطالة تضرب بنسب مرتفعة خصوصًا في صفوف الشباب، فيما يُنظر إلى الفساد على أنه بنية متغلغلة أكثر من كونه انحرافًا عارضًا. الجديد ليس في قائمة المظالم، بل في الجيل الذي يرفعها ويحوّلها إلى قضية وطنية؛ فهم شباب رقميون، غير مرتبطين تنظيمياً بالمعارضة، ولا يثقون في المؤسسات التقليدية، ويرون أن أولويات الدولة في بناء الملاعب الفخمة واستضافة البطولات الرياضية الكبرى سخرية مؤلمة في ظل معاناة شعبية يومية مع غياب الخدمات الأساسية. فقد باتت أولويات الحكم في المغرب تعكس انفصالًا خطيرًا بين السلطة ومواطنيها، وتؤكد أن السياسات العامة تُدار لصالح الصورة الدولية أكثر من خدمة الداخل.
الملاعب مقابل المستشفيات
انبثقت الشرارة المباشرة لانتفاضة الشباب المغربي من المفارقة الصارخة بين إنفاق الحكومة السخي على مشاريع ذات طابع استعراضي عالمي، وإهمالها للخدمات العامة الأساسية. فبينما تستعد المملكة لاستضافة كأس أمم إفريقيا عام 2026 وجزء من كأس العالم لكرة القدم 2030، تُضخ مليارات الدراهم في ملاعب جديدة لامعة، ومرافق تدريب، ومشاريع تجميل حضري. ورغم أن هذه الاستثمارات تُقدَّم رسميًا على أنها مصدر فخر وطني وأداة لتعزيز الحضور الدولي، فإن ظهورها المفاجئ والصارخ فضح في المقابل انهيار منظومة الرعاية الاجتماعية المتداعية.
الشعارات التي رُفعت في شوارع الرباط والدار البيضاء وأكادير ومراكش، مثل: “ما بغيناش كأس العالم، الصحة أولًا”، و”الملاعب موجودة، لكن أين المستشفيات؟”، و”صحة، تعليم، كرامة للجميع”، لخّصت شعور الخيانة في عبارة واحدة قاطعة. ففي منتصف سبتمبر، فجّرت مأساة وفاة ثماني نساء أثناء عمليات قيصرية في مستشفى أكادير الإقليمي الغضب الكامن إلى احتجاج صريح.
لم تكن أزمة نقص الكوادر والمعدات وسوء النظافة في المستشفى استثناءً، بل رمزًا للإهمال الممنهج في بلد غالبًا ما تتحول فيه الرعاية الصحية العامة إلى تجربة من الإذلال واليأس. وبالنسبة لشباب مغاربة كثيرين، لم يكن التناقض أوضح من ذلك؛ إذ يرون أن الدولة قادرة على إبهار العالم بالبطولات الرياضية، لكنها عاجزة عن حماية أضعف مواطنيها.
هذه المفارقة تجاوزت حدود النقاش حول أولويات الإنفاق لتتحول إلى إدانة أخلاقية لطبيعة الحكم نفسه؛ إذ إن ضخ الأموال في الملاعب بينما يُجبَر المرضى على دفع الرشى للعلاج أو يموتون في غرف الولادة، هو بالنسبة للمتظاهرين دليل على أن الحكومة ليست فقط غير مسؤولة، بل غير مبالية بكرامة الناس الأساسية. وفي مجتمع مثقل بعدم المساواة والفساد وتراجع الفرص الاقتصادية، تحوّلت الملاعب إلى رموز لسوء الحكم: معالم لـ”سياسة الوجاهة” تُبنى على أنقاض الثقة العامة.
جيل على الهامش، اقتصاديًا واجتماعيًا
تكشف الإحصاءات الاقتصادية المغربية عمق الغضب الشعبي وتوضّح أسباب اندلاع احتجاجات جيل زد 212 بهذه الحدة؛ فمعدّل البطالة الرسمي البالغ 12.8% يُخفي واقعًا أكثر قسوة للشباب، إذ تتجاوز بطالتهم 35% على المستوى الوطني، وتقترب من 48% في المدن، حيث ترتفع تكاليف المعيشة وتتضاءل الفرص. وحتى من نجحوا في الحصول على شهادات جامعية، والتي كانت في السابق تذكرة للصعود الاجتماعي، يواجهون مستقبلًا قاتمًا، إذ إن ما يقارب خُمس الخريجين عاطلون عن العمل لسنوات.
هذه ليست قضية هامشية، بل خط صدع بنيوي؛ فحوالي 30% من سكان المغرب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عامًا، أي أن ثلث المواطنين يعيشون مرحلة الشباب في سياق يندر فيه العمل، وترتفع فيه أسعار السكن، وتضيق فيه قنوات التعبير السياسي. لذا، فإن جيل زد 212 لا يمثل هامشًا ناشطًا فقط، بل كتلة ديموغرافية بأكملها، يعكس تهميشها تهديدًا طويل الأمد للاستقرار. ثم إن اللغة التي تُستخدم عادةً في الخطاب التنموي عن “العائد الديموغرافي” تنقلب هنا؛ فبدلًا من نعمة، يواجه المغرب ما يسميه الخبراء “قنبلة ديموغرافية موقوتة”، حيث لا يرى ملايين الشباب طريقًا إلى الرخاء أو المشاركة الفاعلة في المجتمع.
تتضاعف هذه الأزمة مع التفاوت الصارخ في التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية واليومية، وهي قطاعات تعاني نقصًا مزمنًا في التمويل رغم مركزيتها في التنمية البشرية. فالمدارس العمومية مكتظة وضعيفة الإمكانات، ما يخلق فجوة بين من يستطيع تحمّل كلفة التعليم الخاص ومن لا يستطيع. أما المستشفيات، فهي تعاني من نقص في المعدات وطول فترات الانتظار، وفي بعض الأحيان من الفساد المباشر، إذ تكرّرت قصص المرضى الذين يُجبَرون على دفع الرشى مقابل أبسط أشكال العلاج. ومأساة وفاة النساء الثماني في أكادير لم تكن سوى تذكير مؤلم بأن النظام الصحي لا يفشل فقط، بل قد يكون قاتلًا.
وتكشف هذه الأزمات عن مشكلة أعمق في الحوكمة؛ إذ تحرف شبكات الفساد والمحسوبية الموارد لصالح النخب والجهات المرتبطة سياسيًا، بينما تبدو أولويات الإنفاق الحكومي متباعدة عن احتياجات المواطنين اليومية.
لقد حصد المغرب اعترافًا دوليًا باستثماراته في مشاريع بنى تحتية ضخمة، كالقطارات السريعة، والمطارات الحديثة، والمنتجعات الفاخرة، والآن الملاعب الرياضية، لكنها، رغم تعزيز صورة المغرب في الخارج وخدمة الدبلوماسية الملكية، لم تقدّم شيئًا يُذكر للمواطنين الذين يكافحون من أجل وظيفة أو علاج أو سكن كريم. والنتيجة شعور عميق بالتخلّي والخيانة، على اعتبار أن الدولة تبدو أكثر استجابةً للمستثمرين والسياح والشركاء الدوليين من استجابتها لشبابها الذين يشكّلون عماد مستقبلها.
كل هذه العوامل شكّلت المادة القابلة للاشتعال وراء انتفاضة جيل زد 212. فهي ليست مجرد نوبات من نفاد صبر الشباب المغربي، بل نتاج تراكم طويل من الإحباطات داخل طبقة اجتماعية تم استبعادها بنيويًا من كل من سوق العمل وصنع القرار السياسي. وهذه الأرقام، في جوهرها، ليست مجرد إحصاءات، بل خلفية لصرخة جيل بأكمله يطالب بالاعتراف والاندماج والكرامة.
الأبعاد السياسية بين عجز الحكومة وسلطة الملكية
على المستوى السياسي، تكشف الانتفاضة الشبابية في المغرب عن التناقض الجوهري بين الشكل الدستوري للنظام والواقع الفعلي للسلطة؛ فالمغرب يُقدَّم رسميًا كملكية دستورية تُوزَّع فيها السلطات بين الملك والحكومة المنتخبة، لكن الواقع يثبت أن الملك محمد السادس يحتفظ بالنفوذ الأوسع في كل ما يتصل بالقرار السياسي والاقتصادي والاستراتيجي. وضعت هذه الثنائية بين النص الدستوري والسلطة الفعلية الحكومة في قلب عاصفة الغضب الشعبي، وجعلت رئيس الوزراء الملياردير عزيز أخنوش الوجه المباشر للأزمة؛ فقد بدا صمته المدوّي في الأيام الأولى للاحتجاجات تعبيرًا عن عجز أو تجاهل، بينما جاء ظهوره المتأخر بوعود فضفاضة عن الحوار ليكرّس الانطباع بأن القيادة التنفيذية معزولة عن واقع الشارع.
لكن المفارقة الأبرز تكمن في أن المتظاهرين تجنّبوا حتى الآن استهداف المؤسسة الملكية نفسها؛ فبيانات حركة “جيل زد 212” شدّدت على الولاء للملك، وركّزت على فشل الحكومة وحدها. هذا الموقف يعكس مزيجًا من الاحترام التاريخي والثقافي للملكية باعتبارها ضامنًا للاستقرار الوطني، إلى جانب نزعة براغماتية واضحة: المطالبة بالإصلاح ضمن النظام القائم بدلًا من المخاطرة بمواجهة أسسه. ويشير ذلك أيضًا إلى إدراك الشباب أن تجاوز الخط الأحمر للملكية قد يُعرّضهم لعواقب قمعية فورية، وهو ما يجعلهم يختارون استراتيجيًا توجيه اللوم إلى الحكومة التنفيذية.
ومع ذلك، فإن استمرار صمت القصر رغم خطاب الملك أمس الجمعة، وعدم تدخّله المباشر في تهدئة الأزمة قد يتحوّل، بمرور الوقت، إلى نقطة انكسار؛ فكلّما طال غياب موقف واضح من الملك، ازداد شعور المحتجّين بأن المؤسسة الملكية متواطئة مع جمود الحكومة، أو على الأقل غير مبالية بالمظالم الاجتماعية العميقة. في هذه الحالة، قد يتبدّل المزاج العام تدريجيًا من الفصل بين الملك والحكومة إلى تحميل النظام بأكمله مسؤولية الأزمة، وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة سياسية غير مسبوقة في علاقة الشباب بالملكية.
الحرية والقبضة الأمنية
تأرجح ردّ فعل الدولة إزاء الانتفاضة بين لغة التهدئة وممارسات القبضة الحديدية. ففي البيانات الرسمية، حرصت وزارة الداخلية على التأكيد أن للمواطنين الحق في الاحتجاج ضمن القانون، بينما وصف بعض الوزراء التظاهرات بأنها علامة على حيوية الديمقراطية المغربية. غير أن الواقع الميداني كشف وجهًا مختلفًا تمامًا؛ فالشرطة واجهت الحشود بالرصاص الحي، ما أدّى إلى مقتل ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين، وجرح ما لا يقل عن 450، واعتقال أكثر من 400 شخص، بينهم عشرات القاصرين. كما سُجّلت مئات الإصابات، فيما أُحرقت عشرات مراكز الشرطة والسيارات والمؤسسات العامة، في مشهد يعكس احتدام المواجهة واتساع دائرة الغضب الشعبي.
هذا التناقض بين خطاب الانفتاح وصور القمع ليس جديدًا على التجربة المغربية، بل يُمثّل جوهر نموذج الحكم السائد: انفتاح مضبوط يُسوَّق خارجيًا على أنه إصلاح سياسي، لكنه ينهار فورًا تحت ضغط الشارع؛ فالسلطات تراهن غالبًا على مزيج من “القمع المحدود” المقرون بإصلاحات شكلية أو وعود غير ملزمة، بهدف امتصاص الغضب وتفكيك الحراك قبل أن يتحوّل إلى تهديد للنظام ككل. لكن ما يميّز الحراك الحالي هو روح جيل زد؛ وهو جيل شبابي وُلد في عصر الإعلام الرقمي، يرفض العودة السريعة إلى الصمت، ويملك أدوات جديدة لتعبئة الرأي العام وتوثيق الانتهاكات ومقارعة الرواية الرسمية.
يتجاوز حراك جيل زد البعد الاقتصادي ليشكّل مطالبة أعمق بالكرامة والصوت والاعتراف؛ إذ لم يعد الشباب المغاربة يقبلون أن يُختزلوا في أرقام البطالة أو يُوصموا بأنهم “طفيليون” أو “مشاغبون”، بل يُصرّون على إعادة تعريف المواطنة والمشاركة في تحديد أولويات الدولة. لقد وفّرت لهم المنصات الرقمية، من تيك توك إلى ديسكورد، فضاءً جديدًا للتنظيم خارج الأحزاب والمجتمع المدني المُراقَب.
بالمقارنة مع حركة 20 فبراير عام 2011، التي رفعت شعارات إصلاح الدستور والفصل بين السلطات وتعزيز البرلمان، فإن انتفاضة اليوم تركز على قضايا ملموسة: المستشفيات، والمدارس، والعمل، والكرامة اليومية. وقد وصفها بعض المحللين بأنها “رومانسية براغماتية”: أقل أيديولوجية في شكلها، لكنها لا تقلّ سياسية في جوهرها. ففي بلد تُعد فيه المطالبة بالتعليم والصحة الجيدة مواجهة ضمنية مع الفساد والمحسوبية، تصبح هذه المطالب أفعالًا سياسية بامتياز.
تتضح هذه اليقظة أكثر حين تُقاس على ضوء مؤشر بيت الحرية (Freedom House Index)، الذي صنّف المغرب في عام 2024 بلدًا “حرًّا جزئيًا” بدرجة 37 من 100. حصلت المملكة على 5 من 40 نقطة في الحقوق السياسية، و32 من 60 نقطة في الحريات المدنية، ما يعكس تعددية محدودة وقيودًا على حرية التجمع، وصحافة محاصرة، في ظل نظام يحتفظ فيه الملك بالقوة الفعلية رغم وجود برلمان وانتخابات. في هذا الإطار الضيق، تمثل مطالب “جيل زد 212” تحديًا مباشرًا للعجز الديمقراطي القائم، وتجبر الدولة على مواجهة التناقض بين خطاب الإصلاح الرسمي والواقع المعيشي القاسي.
منظور عالمي مقارن
لا تأتي انتفاضة المغرب بمعزل عن العالم؛ ولا يمكن الجزم بأنها امتداد فعلي للربيع العربي وموجات المظاهرات وتغيير الأنظمة.
ففي الأشهر الأخيرة، اندلعت احتجاجات شبابية كبرى في نيبال ومدغشقر وإندونيسيا والفلبين، رفعت بدورها شعارات ضد الفساد، وسوء الخدمات، والإقصاء السياسي. في نيبال، أطاحت هذه الاحتجاجات برئيس الوزراء؛ وفي مدغشقر، دفعت الرئيس لحلّ حكومته.
يتقاطع “جيل زد 212” مع هذه الحركات في سماتها: تنسيق رقمي، غياب القيادة التقليدية، لا أيديولوجية صارمة، وتصاعد في المسيرات السلمية إلى المواجهات حين يُقابَل الغضب بالقمع.
إنها جزء من نمط عالمي، حيث يواجه الشباب دولًا مترهّلة تُفضّل المشاريع الاستعراضية أو الطموحات الجيوسياسية على حساب رفاه مواطنيها.
السيناريوهات المحتملة
يقف المغرب اليوم عند مفترق طرق؛ فهناك أولًا خيار الحوار وتقديم التنازلات، بحيث تستجيب الحكومة بزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وتوفير الوظائف. وإذا تحققت هذه الإصلاحات بجدية، فقد يهدأ الغضب، لكن التاريخ يوحي بأن الإصلاحات غالبًا ما تكون سطحية أو تجميلية.
السيناريو الثاني هو التصعيد والقمع؛ فإذا تصاعدت الاحتجاجات وانتشرت أعمال العنف، قد تلجأ الدولة إلى أساليب قمعية تذكّر بحراك الريف، من اعتقالات ومحاكمات وإسكات للأصوات، ما سيعمّق عزلة الشباب ويزيد من راديكالية موقفهم.
وهناك سيناريو ثالث هو التضحية السياسية؛ فقد يُقال رئيس الوزراء عزيز أخنوش ككبش فداء لامتصاص الغضب، في خطوة مألوفة في دول تلجأ إلى تغيير الوجوه دون تغيير المنظومة.
أما السيناريو الرابع، والأبعد مدى، فهو التحوّل البنيوي: إذا استمر “جيل زد 212” في التوسع والضغط، فقد يُطلق يقظة جيلية أوسع تعيد صياغة العقد الاجتماعي في المغرب، وتفرض على الحكومة والملكية التعامل بجدية مع مطالب الكرامة والعدالة والإدماج.
عندها، لن تكون الأزمة مجرد أزمة عابرة، بل منعطفًا تاريخيًا قد يعيد رسم ملامح الحكم في المملكة لسنوات قادمة.
عرب 48