لـ “نتنياهو وعصابته”: عِملتكم باتت قديمة.. وترامب لن يترك مشروعه في منتصف الطريق

لـ “نتنياهو وعصابته”: عِملتكم باتت قديمة.. وترامب لن يترك مشروعه في منتصف الطريق
أول أمس كان يوماً لا ينسى في تاريخ دولة إسرائيل. الشاشة منقسمة: خطاب رسمي في الكنيست لرئيس الولايات المتحدة، وعناق أم وابنها الذي عاد من الأسر. ليس صعباً التخمين أي صورة انتصرت. لكن في السطر الأخير، من ناحية واشنطن، أي ترامب، الحرب انتهت، في صيغتها القديمة. قد تعلن إسرائيل ما تريد، لكن هذا لا يغير الواقع والأمر الذي فرض عليهم.
اليمين يهدئ نفسه بأمل أن ترامب “سيفقد الاهتمام” ويسمح “بإصلاح” نتائج الاتفاقات الأخيرة. هذا خيال مواسٍ لكنه ليس خطة عمل.
لقد استثمر ترامب مالاً سياسياً طائلاً في القمة في شرم الشيخ؛ فقد جمع حوله زعماء وقعوا على الورقة وليس في الصورة فقط، وخلق التزاماً إقليمياً نادراً. مشروع كهذا لا يترك في منتصفه.
الرجل، الذي تراه أمريكا تراكتور بدون رخصة، يأتي إلى الشرق الأوسط مع كف جرافة ووقت استئجار محدود لثلاث سنوات. ولن يبذر هذا الوقت الغالي على إشارات ضوئية مضيئة في القدس.
يجدر بنا أن ننتبه إلى ما حصل من خلف الكواليس. دعوة نتنياهو للانضمام إلى شرم الشيخ لم تولد من تلقاء ذاتها. فحسب مصادر مصداقة، ترامب نفسه طلب من الرئيس السيسي إرسال دعوة إلى نتنياهو، ولكن حل محل الاستجابة (بعد تأخير قصير) كلمة “لا” إسرائيلية بتعليل قدسية العيد. ليس واضحاً إذا كان هذا من ناحية رئيس الوزراء أم من ناحية شركائه الحريديم، ولكن… من تهمه أطياف صغيرة لذريعة كبيرة.
تدقيقات المكتب؟ ربما. عملياً، إن غياب رئيس الوزراء حرم القمة من فرصة تتحول من حدث توافقات رمزي إلى طاولة عمل حية، وبالأساس أضعف الرافعة الإسرائيلية على الشكل الذي سيبدو عليه “اليوم التالي”. عندما يكون مخططك وكرسيك فارغين، فسيصوغ آخرون بنود الحوكمة والأمن والإعمار بدلاً منك.
من جهة أخرى، ربما يكون اعتبار نتنياهو، الذي فضل أن يقول بكياسة “شكراً، لكن لا”، نبع من أن المشاركة في مثل هذا الحدث، بارتجال تام وبلا إعداد مناسب، قد تتحول عنده من فرصة إلى فخ.
ليس سهلاً الاعتراض، جبهوياً، على أفكار ترفضها بشدة، بل وفي جلسة مواجهة دعيت إليها عبر حماية الرئيس الأمريكي وبخاصة حين يكون الرئيس في مزاج “سلام هنا والآن”. فهل أخطأ نتنياهو أم أصاب؟ سنعرف في المستقبل البعيد.
نعود إلى الشاشة المنقسمة. في قاعة الكنيست حصلنا على عرض محلي، منصة، مدرج، تصفيق. رئيس الكنيست وجه الحدث كمدير احتفال يستهدف زيادة المشاهدة – الكثير من الضجيج، القليل من المضمون. من لم يدعَ صنع عنواناً رئيساً لا يقل عمن دعي. الرسمية بدت عملة يقل التعامل بها هذه الأيام. هذا جزء من الحالة الحزبية التي تحاول جعل الاحتفال عملة – وعملة للواقع. باستثناء أن السوق الخارجي – الولايات المتحدة، ومصر، السعودية، الاتحاد الأوروبي، لم تعد تشتري هذا.
وعندها جاء مقطع “طلب العفو” من هرتسوغ عن نتنياهو. ينبغي الافتراض بأنه ولد عفوياً. هو، يبدو، يسمع ويدار مثل فاكس وصل مسبقاً. ترامب سره أن يلعب الدور. الذي بدا أقل سروراً هو رئيس الدولة، الذي حشر بين الاحتفال والكاميرات والوحل السياسي. إذا كان أحد ما لا يزال يعتقد أن الحديث يدور عن بادرة ودية، فإن الوتيرة التي فهم بها الجميع العنوان روت القصة. هذه سياسة، وليست مصالحة.
آنا برسكي
معاريف 15/10/2025