في ذكرى إعلان الاستقلال: فلسطين بين ثبات الحق وتحوّلات الصراع

في ذكرى إعلان الاستقلال: فلسطين بين ثبات الحق وتحوّلات الصراع
بقلم رئيس التحرير
في الذكرى السنوية لإعلان الاستقلال الفلسطيني، يستحضر شعبنا مسارًا تاريخيًا ممتدًا يتجاوز حدود البيان السياسي إلى عمق المشروع الوطني التحرري. فقد شكّل إعلان الاستقلال عام 1988 لحظة تأسيسية أعادت تعريف الصراع، ونقلت القضية الفلسطينية من إطارها الإقليمي إلى فضائها الدولي باعتبارها قضية تحرر وطني وحق تاريخي غير قابل للتصرف.
ورغم أن الاحتلال سعى، عبر سياسات الاستيطان والضم والتهجير القسري، إلى تقويض أسس الدولة الفلسطينية، إلا أن الواقع الاستراتيجي أثبت أن الفلسطيني يمتلك من عناصر البقاء والصمود ما يجعل مشروعه الوطني أكثر تماسكًا من أي وقت مضى. فالقضية اليوم تحظى بعمق قانوني وأخلاقي وسياسي يتجاوز كل محاولات التهميش، ويضع الاحتلال أمام مأزق تاريخي يتمثل في تعذّر شرعنة منظومة السيطرة الاستعمارية في القرن الحادي والعشرين.
إن ذكرى إعلان الاستقلال ليست مجرد استحضار لماضٍ مشرّف، بل هي مراجعة استراتيجية تفرض على الفلسطينيين تعزيز وحدتهم الوطنية، وإعادة بناء مؤسساتهم على أسس الشراكة والشفافية والقدرة على إدارة الصراع طويل الأمد. كما تفرض على المجتمع الدولي، الذي اعترف بغالبية دوله بدولة فلسطين، الانتقال من مربع التصريحات إلى مربع الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وحماية الشعب الفلسطيني من العدوان والإبادة والاستيطان.
وفي ضوء التحولات الإقليمية والدولية، يبرز إعلان الاستقلال بوصفه وثيقة مقاومة سياسية مستمرة، تؤكد أن الطريق إلى الدولة ليس مسارًا تفاوضيًا مجردًا، بل مشروع صمود استراتيجي يتلازم مع النضال الشعبي والدبلوماسية القانونية الدولية. فالاحتلال قادر على فرض وقائع عسكرية، لكنه عاجز عن إلغاء حق تاريخي تستند إليه أمة بأكملها.
إن تجديد الالتزام بإعلان الاستقلال هو تجديد للوصية الوطنية:
لا دولة دون القدس، لا سلام دون إنهاء الاحتلال، ولا مستقبل يمكن فيه لشعبٍ محتل أن يتخلى عن حقه الطبيعي في الحرية والسيادة والاستقلال.
في هذه المناسبة الوطنية، نحيّي صمود شعبنا في كل مواقع المواجهة، ونؤكد أن استقلال فلسطين ليس حدثًا سنويًا، بل مسار استراتيجي مستمر، وإرادة لا تنكسر مهما طال زمن الاحتلال.




