تحقيقات وتقارير

حضور واسع وإقصاء واضح: العرب مغيّبون عن قيادة الجهاز الصحي الإسرائيلي

حضور واسع وإقصاء واضح: العرب مغيّبون عن قيادة الجهاز الصحي الإسرائيلي

رغم اندماج الكوادر الطبية العربية بشكل واسع في الجهاز الصحي الإسرائيلي، لا يتجاوز تمثيل العرب في مواقع اتخاذ القرار 2 – 3% فقط، ما ينعكس سلبًا على ملاءمة السياسات الصحية لاحتياجات المجتمع العربي.

شهدت الأعوام الأخيرة اندماجًا ملحوظًا للكوادر الطبية العربية داخل جهاز الصحة الإسرائيلي، إذ يشكّل العرب قرابة 40% من العاملين في هذا الجهاز، وارتفعت نسبة الأطباء العرب حديثًا لتصل إلى نحو 26%.

وعلى الرغم من هذا الحضور الواسع، لا يزال تمثيل العرب في مواقع اتخاذ القرار ضعيفًا جدًا، إذ لا تتجاوز نسبتهم 2 – 3% فقط.

وتؤثر هذه الفجوة في التمثيل بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدَّمة للمجتمع العربي، إذ تُتَّخذ السياسات دون مراعاة لخصوصيات الثقافة والحياة الاجتماعية والاقتصادية لهذا المجتمع.

وتُعزى أسباب التمثيل شبه المعدوم للعرب في مواقع اتخاذ القرار إلى عدة عوامل، أبرزها التمييز المؤسسي في التعامل مع الكوادر الطبية وطلبة الطب العرب، حيث تتزايد العقبات أمام قبول الطلاب العرب في الجامعات المحلية، ما يدفع غالبيتهم إلى الالتحاق بجامعات في دول شرق أوروبا، الأمر الذي يؤدي لاحقًا إلى صعوبات في الاعتراف بشهاداتهم داخل البلاد.

د. عبير سليمان عواودة

وفي حديثها لـ”عرب 48“، قالت مديرة المنتدى الأكاديمي لتطوير الصحة في المجتمع العربي، د. عبير سليمان عواودة، إن “المجتمع العربي اندمج في الجهاز الصحي الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، إذ بلغت نسبة الأطباء العرب نحو 26%، فيما وصلت نسبة الأطباء الجدد الحاصلين على رخصة مزاولة المهنة خلال السنوات الخمس الأخيرة من العرب إلى نحو 47%”.

وأضافت: “تبلغ نسبة الممرضات العربيات حوالي 27%، وتصل حصة الصيادلة العرب إلى 47% من مجمل الصيادلة في البلاد. وبصورة إجمالية، يشكّل العرب قرابة 40% من العاملين في الجهاز الصحي الإسرائيلي”.

غياب التمثيل العربي في المناصب الإدارية

وبشأن نسبة العرب في مواقع اتخاذ القرار، قالت د. عبير عواودة، إنه “رغم الحضور الواسع، فإن نسبة العرب في مواقع اتخاذ القرار لا تتعدى 2 – 3% فقط، إذ يُنظر إلى العاملين العرب في المجال الصحي كمقدّمي خدمات، لا كشركاء في رسم السياسات أو صياغة القرارات الصحية على المستوى الوطني”.

وأوضحت أن “إدارات صناديق المرضى ووزارة الصحة تدّعيان أن الأطباء العرب لا يتقدّمون للمناقصات الإدارية، أو أنهم يفتقرون إلى الخبرة في الإدارة الطبية، لكن هذا الادعاء لم يُختبر بعد بشكل منهجي”.

وتابعت أنه “نعمل حاليًا مع لجنة الصحة في الكنيست، ووزارة الصحة، وصناديق المرضى على تطبيق تفاهمات عملية تضمن مشاركة العرب في مواقع صنع القرار الصحي، لا أن تبقى هذه الخطط حبرًا على ورق”.

تأثير ضعف التمثيل على صحة المجتمع العربي

وأكدت د. عواودة أن “غياب العرب عن مواقع اتخاذ القرار الصحي ينعكس مباشرة على جودة الخدمات الصحية المقدَّمة للمجتمع العربي، ونتيجة لذلك، لا يُشرك هذا المجتمع في بلورة السياسات الصحية، ما يؤدي إلى اعتماد قرارات لا تتلاءم مع خصوصياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية”.

كما أوضحت أن “الحلول الصحية لا يمكن أن تكون ناجعة إذا لم تأخذ بعين الاعتبار الفوارق بين الشمال والنقب، لاختلاف الثقافة ونمط الحياة. من يضع السياسات الصحية يجب أن يفهم نمط حياة الناس، وطريقة تفكيرهم، وحتى كيف تختار العائلات مشترياتها الغذائية من السوبرماركت”.

ولفتت إلى أن “أكثر من 50% من الأطباء العرب غير مختصين، وهذه إحدى الفجوات التي تؤثر سلبًا على الوضع الصحي العام”.

تحديات التعليم الطبي والعقبات أمام الطلاب العرب

وبيّنت د. عواودة أن “نحو 1000 – 1200 طبيب عربي يتخرجون سنويًا من جامعات في خارج البلاد، خاصة في دول شرق أوروبا مثل رومانيا، مولدوفا وأوكرانيا، بالإضافة إلى نسبة أقل من الجامعات الأردنية والفلسطينية مثل جامعة النجاح وجامعة أبو ديس، فيما تتراوح نسبة الأطباء العرب الذين يدرسون الطب داخل البلاد بين 10 – 12% فقط”.

وتطرقت إلى العقبات بالقول إن “هذه النسبة تعود إلى العقبات الكثيرة أمام القبول في كليات الطب المحلية، ما يدفع الغالبية إلى الدراسة في الخارج، وهو ما قد يؤدي إلى التحاق بعضهم بجامعات لا تستوفي شروط وزارة الصحة الإسرائيلية (باستثناء الجامعات الفلسطينية والأردنية)”.

المنتدى الأكاديمي لتطوير الصحة في المجتمع العربي

في ختام حديثها، عرّفت د. عواودة بالمنتدى الأكاديمي لتطوير الصحة في المجتمع العربي، الذي تأسس عام 2019 بمبادرة من مجموعة أكاديميين عرب في مجالات الصحة، بهدف بناء قيادة مهنية عربية في هذا المجال، وقالت إن “المنتدى، اليوم، جمعية مسجلة تضم نحو 400 شخص من مجالات الطب، التمريض، القانون، التربية، والاقتصاد، ونعمل على تقليص الفجوات في المعطيات الصحية بين المجتمعين العربي واليهودي، وتعزيز حضور العرب في الجهاز الصحي ومواقع اتخاذ القرار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب