حرف الأنظار عن «إبادة غزة» هجوم سيدني حرف للبوصله

حرف الأنظار عن «إبادة غزة» هجوم سيدني حرف للبوصله
بقلم:رئيس التحرير
شهد شاطئ بوندي في سيدني، الأحد، حادثة إطلاق نار خلال احتفال يهودي بعيد الحانوكا، أودت بحياة 15 شخصًا وأصابت 40 آخرين، بينهم ضابط شرطة، في أعنف هجوم جماعي بأستراليا منذ مذبحة بورت آرثر عام 1996. هذا الحادث أعاد فتح النقاش حول تشريعات الأسلحة والسيطرة على العنف المسلح، وسط تعهد الحكومة الأسترالية بتشديد القوانين وإنشاء سجل وطني للأسلحة النارية وتقييد تراخيص حملها.
برز في الحدث المواطن المسلم أحمد الأحمد، أب لطفلين، الذي تمكن بشجاعة من نزع سلاح أحد المهاجمين بيديه العاريتين، محققًا إنقاذ عشرات الأرواح. وأشاد به رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، كريس مينز، ووصف تدخله بأنه أحد “أكثر المشاهد استثنائية” التي شهدها، مؤكدًا أن شجاعته أنقذت العديد من المحتفلين اليهود. هذه البطولة الرمزية تؤكد أن التضامن الإنساني يمكن أن يتجاوز الاختلافات الدينية وتدحض الصور النمطية عن المسلمين.
في المقابل، أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي نسب البطولة لشخص يهودي، جدلًا واسعًا، بعد تأكيد وسائل الإعلام الأسترالية أن البطل الحقيقي هو أحمد الأحمد. يمثل هذا التناقض نموذجًا لمحاولات سياسية لتحويل الانتباه عن المسؤوليات المباشرة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصًا دور حملة الإبادة في غزة وتأثيرها في تصاعد أعمال العنف ضد اليهود حول العالم.
حاولت إسرائيل تحميل إيران مسؤولية الهجوم، بينما نفت طهران أي صلة لها بالحادث، مؤكدة إدانتها للإرهاب وقتل الأبرياء. وقد ردّت إسرائيل رسميًا عبر المتحدث باسم الخارجية، مدعية تورط إيران، رغم عدم وجود مؤشرات رسمية من السلطات الأسترالية على أي طرف خارجي.
أما عن التحقيقات الأمنية المحلية، فقد تم تحديد المشتبه بهما بأنه الأب ساجد أكرم (50 عامًا) وابنه نافيد أكرم (24 عامًا). وأكدت السلطات أن المشتبه به الأصغر لفت انتباهها سابقًا، لكن لم تُسجّل أي مؤشرات على تهديد مستمر. وتمت مداهمة العقارات المرتبطة بهما ومصادرة أسلحة نارية، فيما بدأت السلطات دراسة إصلاحات صارمة للحد من العنف المسلح.
على الصعيد الدولي، عززت دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الإجراءات الأمنية خلال الاحتفالات اليهودية، في ظل التهديدات المتصاعدة والارتباط المتكرر لأعمال العنف بالمواجهات الإقليمية.
تظهر هذه الحادثة الحاجة الماسة إلى الفصل بين الأحداث الفردية والروابط الجيوسياسية، والتركيز على الأسباب الجذرية للعنف، بما في ذلك سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بدل تحويل الأنظار نحو دول بعينها دون دليل مباشر. إنها دعوة لتعزيز التضامن الإنساني وفهم المخاطر الأمنية بشكل موضوعي بعيدًا عن الانحياز السياسي أو الطائفي.




