تمضي الرياح الهوج ويبقى الوطن بقلم: أ. علي الدوش

اندلعت الثورة وأنجزت ما أنجزت حُسب لها ما حُسب وحُسب عليها ما حُسب وتوالت تداعياتها مدا وجزرا في خضمٍ تعددت فيه المتاريس أمام تقدمها وبلوغ غاياتها التي من أجلها إنطلقت لبناء وطن رافد لمسيرة العطاء وإنسان متجانس في مابينه تحت قيم الحرية والسلام والعدالة كأعظم قيمة للإنسانية المعطاءة

وظلت على هذا الحال بين أمواج متلاطمة تعلو تارة وتنخفض تارة أخرى إلى أن تفاجأ الشعب في صبيحة 25 أكتوبر المشؤوم بما كان متوقعا بانقلاب وأد الثورة وأصابها في مقتل بتمزيق منهجها الذي ارتضته في احتفالية لم يشهد العالم مثلها في عصرنا الحديث

ظل الانقلاب يتباطأ في تنفيذ ماقدمه من وعود لحل الأزمة التي دعته للقيام بعمله الذي أورد البلاد موارد الهلاك من مسغبة في الحياة أفرزت خلاف بين مكوناته أفضى إلى اقتتال بين جنرالي الانقلاب للتسيد وفرض النفوذ لقيادة المشهد في ظل تفكك تام لحواضن المجتمع السياسية، عمدت اليه فئة هي الأكثر تضررا من نجاحات الثورة أرغدت وأرعدت وزمجرت وتوعدت

وما يعيشه الشعب اليوم هو نتاج وعيدها الذي توعدت به الشعب الذي إنتصر عليها وأزال ملكها الذي بنته بزيف الشعارات التي لم تحققها

لقد توعدت هذه الفئة الضالة بقطع الطريق أمام أي حكم لايكون لها فيه شأن كما توعدت بقطع الطريق أمام أي عملية سياسية تفضي إلى التوقيع على الاتفاق الإطاري بشتى السبل والتي من ضمنها مانعيشه اليوم من حرب عبثية هلكت الزرع والضرع ومن قبلهما الإنسان لمجرد استعادة كنزها المفقود

والآن تكاد مدن العاصمة فارغة تماما من سكانها إلا مارحم ربي من الذين آثروا البقاء لحماية ممتلكاتهم في ظل معركة يدور رحاها فوق رؤوسهم صباح مساء دون جدوى أو أفق يلوح بفجر لتوقفها

ومابين هذا وذاك استطاعت هذه الفئة الضالة إخراج منسوبيها من السجون ودمرت قواعد العملية السياسية ولم يتبقى لها إلا ما هو مستحيل مهما اشتد أوار الحرب وحصدت ما حصدت من الأرواح تحت شعارهم (فلترق كل الدماء ) فالشعب قد صمم على عدم عودتهم تحت شعار مقابل لتحركاتهم الحثيثة (الردة مستحيلة )

وسيتطور هذا الشعار إلى بناء جسم شعبي مناهض للحرب يستطيع أن يشل حركتها التي من أجلها اندلعت وكل ليل سيعقبه صباح وإن طال أمده.