الصحافه

“خلق جيل لا هم له سوى حمل السلاح”.. هذا ما حققته إسرائيل من عمليتها في مخيم جنين

“خلق جيل لا هم له سوى حمل السلاح”.. هذا ما حققته إسرائيل من عمليتها في مخيم جنين

في القريب ستعلن إسرائيل وبصورة احتفالية عن انتهاء الحملة العسكرية في جنين التي بدأت ليل الإثنين. المتحدث بلسان الجيش ورئيس الحكومة ووزير الدفاع سيعلنون تحقيق العملية لأهدافها: أصيب مسلحون وتم اعتقال مطلوبين، وحتى إننا صادرنا سلاحاً. كل هذه الإنجازات، التي سجلت حتى الآن تقريباً بدون أي خسائر إسرائيلية باستثناء جندي أصيب بإصابة طفيفة، ستثير شعوراً بالرضى في إسرائيل.

بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، فإن عدد القتلى والمصابين الفلسطينيين والإضرار الكبير بالبنى التحتية، لا يمكن أن تغطي على الشعور بالانتصار. لكل عملية صفحة رسائل، وفي هذه المرة كل فلسطيني خطر محتمل على أمن إسرائيل، لذا فإنه هدف مشروع. لا يتم إجراء نقاش جدي حول ماهية النزاع وتداعياته.

عملت إسرائيل عدة أسابيع على شرعنة العملية. ظهرت عناوين رئيسية حول الحاجة إلى عملية واسعة ومكثفة، وتعريف جنين بأنها “عاصمة الإرهاب الفلسطيني” تم غرسه في الرأي العام. الاعتقالات المستمرة والتصفيات المركزة في نصف السنة الماضية لم ترض الذين طالبوا بعملية أوسع إزاء العمليات في الضفة، بما في ذلك العملية الأخيرة في “عيلي”. وإذا لم يكن هذا كافياً، فإن محاولة إطلاق صواريخ من الضفة نحو بلدات مرج بن عامر أعطت الدعم لكل قرار عملياتي، من يئير غولان وحتى يوسي دغان. كل ما بقي هو تحديد ساعة الصفر، التي جاءت فور انتهاء عيد الأضحى.

سيعود الإسرائيليون إلى روتين الحياة بعد بضعة أيام متوقعين أن يفعل الفلسطينيون ذلك أيضاً – لعق الجراح ودفن القتلى والمواصلة إلى الأمام. لا أحد سيهتم بالمستقبل أو سيفكر بخطة للاتفاق، لأن إسرائيل تريد تثبيت واقع يعتاد فيه الفلسطينيون على العيش تحت الاحتلال وسيطرة إسرائيل، شؤونهم المدنية تديرها سلطة فلسطينية متعثرة، وبين حين وآخر ينطلقون إلى عملية عسكرية محدودة تحصل على صمت صارخ من قبل المجتمع الدولي، لا سيما العم سام في واشنطن. قضية السيطرة على الفلسطينيين لا تعني متخذي القرارات. بالنسبة لهم، الشعب المختار يمكنه أن يسيطر إلى الأبد. والفلسطينيون لا يستحقون أن يكون لهم أفق، وعلى الشباب التسليم بالوضع.

قبل عقدين انطلقت إسرائيل إلى عملية أوسع بكثير ضد المسلحين في جنين، الذين حصلوا على الدعم من رئيس مثل ياسر عرفات. الآن، إسرائيل تحارب الذين كانوا أطفالاً في حينه، وربما لم يكونوا ولدوا بعد. الجيل الذي ولد بعد اتفاقات أوسلو تربى على الدمار من العام 2002 وعلى الاستفزاز والوقاحة الإسرائيلية، وعدم الاهتمام الدولي وتفكك الوحدة الوطنية الفلسطينية. جيل من الشباب غاضب ومحبط ولا أمل له. كل هدفه حمل السلاح وإطلاق النار. من ناحية الرأي العام في إسرائيل، ربما تم تحقيق صورة انتصار، لكن كل عملية كهذه تشرعن جولات قتال أخرى وسفك الدماء.

ربما ستنجح إسرائيل في التوصل إلى نوع من التهدئة المحددة، لكن ستكون الصور من جنين أرضاً خصبة أخرى لنمو جيل آخر لا يرى أمامه أي أفق. في هذه الأثناء تقوم إسرائيل بسحق السلطة الفلسطينية التي قد تكون مسؤولة عن “المناطق”. في الوضع الحالي، ليست هذه العملية سوى حلقة أخرى في سلسلة الدماء.

 جاكي خوري

هآرتس 4/7/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب