مقالات

حت السيطرة ! (كي لا تتكرر حادثة القرنة السوداء، ونتجنب حدود الدم) بقلم نبيل الزعبي-لبنان –

بقلم نبيل الزعبي-لبنان -صحيفة طليعة لبنان

تحت السيطرة ! (كي لا تتكرر حادثة القرنة السوداء، ونتجنب حدود الدم)

نبيل الزعبي

05-07-2023
لا شيئ يثير فضولك هذه الايام ويحرّك ما في دواخلك من مخاوف وقلق على الارض التي تعيش فيها والدولة التي تتدثر بها ، سوى عبارة ” تحت السيطرة ” التي اصبحت لازمةً دائمة في التقارير الامنية الصادرة عن الاجهزة العاملة في هذا البلد ، وما اكثرها ، ظناً منها انها تخفف من وطأة الاحداث اليومية التي يعيشها المواطن وتكدّر له عيشه وهو الذي تآخى مع الفلتان الامني والصخب السياسي مع كل ما يرافق ذلك من احتقان وتحريض وتخوين على هذا المقلب وذاك .
ومع كل ما تتضمنه هذه العبارة ” الامنية الفوقية” من معانٍ خلّبية لا تنطبق بالمطلق على الوقائع الميدانية التي يعيشها اللبنانيون وهم يطالعون عكسها في الصحف اليومية ومواقع التواصل التي تغزو العقول والافكار ، فإن ما ينقصها بالتالي العبارة القائلة ان ” ليس في كل مرّة تسلم الجرّة” ،
ولعمري ان في تلك الاخيرة من الموضوعية والحياد ما يدفع الى تجنُّب وقوع الكوارث قبل حصولها وما يستدعي الوقوف على جملةٍ من القضايا الداخلية العالقة في ادراج الإهمال الحكومي بحيث يرتقي السكوت عنها الى مثابة المس المباشر بالامن الوطني والتهديد المتقطع للسلم الاهلي الذي ما ان ينتهي من كارثة ليُواجَه بالمزيد من الاخطار والكوارث التي تملك في حيثياتها الخفية ، ما يدفع الى التسميم الدائم لليوميات اللبنانية وتقزِّم في القضايا المصيرية التي يواجهها اللبنانيون ، لتدنو بها الى قِعْر الصراعات الاهلية المستعرة على ملكية بضعة الامتار المربعة من هذه الارض على هذا الجانب ، اوبعض البِرَك من المياه على الجانب الآخر ، وهكذا دواليك فيتحول الطارئ الى عامل توتر دائم في حياة الناس فيحمى به وطيس النيران المتنقلة وليدفع الثمن مواطنون ابرياء فتشوا عن مياه الري في اعالي قمم الجبال وما دروا ان الحظائر المذهبية لا تقتصر على الساحل اوالداخل المعذَّب وانما تتشارك واللبنانيين في هوائهم ومياههم وزرقة سماء بلادهم الصافية .
لا يعني ما تقدم ان المقصود حصراً ما يتعلق بالحادث الاليم الذي شهدته منطقة القرنة السوداء في الجبل الشمالي اللبناني مؤخراً، واودى بحياة شابين ضحيتين من منطقة لبنانية عزيزة شأنها شأن كل المناطق الاخرى في لبنان الكبير ، وان كان ما حدث يشكل بحدّ ذاته مدخلاً اجبارياً للتطرق الى عمق الازمة التي لا تقتصر على حدود جغرافية معينة متنازع عليها بين بلدتي بشري وبقاع صفرين ، وانما تمتد في جذورها الى ما قبل الاستقلال اللبناني ، ربما، ولم تجد الى اللحظة الراهنة من هو على استعداد في هذا الكيان المركّب لمعالجتها والوقوف على اسباب تكرارها وتجوالها بين محافظة واخرى وهذه البلدة اللبنانية وتلك بحيث صُمّخت آذان اللبنانيين بالخلافات العقارية الحادة بين بلدات لاسا وافقا واليمونة والعاقورة في جرود بلاد جبيل مثلاً ، او عكار العتيقة وفنيدق في محافظة عكار ، او بين عكار والهرمل وغيرها وغيرها ، ليتبدد العجب ان مجموع الاراضي المختلف عليها عقارياً على مساحة كامل اراضي الجمهورية اللبنانية تبلغ ما يوازي ال ٣٩٠٠ كلم مربع من الاراضي غير الممسوحة حسب التعبير الجغرافي للكلمة والتي ، وإن شكلت بالكيلومترات المربعة ثلث اراضي الجمهورية اللبنانية ، فإنما تعني سياسياً ووطنياً انها القنابل الموقوتة الجاهزة للتفجير في اية لحظة على مستوى كل شبرٍ فيها وبمساحة مفردات الاحتقان السياسي الداخلي الذي ادخل اللبنانيين في آتون خلافات مركبة ومفتعلة لا ناقة لهم فيها ولا جمل سوى ما تدر على تجار الازمات من ارباحٍ صافية لم تعد تقتصر على الاستحواذ غير المشروع على جغرافية البلد وتغيير وضعه الديموغرافي ، وانما صار الدم هو الوسيلة الاقرب لانتزاع الحقوق المختلف عليها والتي وُجِد لها المزيد من الآباء المزيفين الطارئين عليها ، المتاجرين بها ، فيما الاب الشرعي الحقيقي المتمثل بالدولة بكامل مؤسساتها المالية الادارية العقارية والقضائية ، غائبُ كلياً عن الحدث وربما تكفيه عبارات بعض الابواق الاعلامية الملازمة له والتي تضع كل ما يحدث اليوم والامس وغداً في خانة العبارة : تحت السيطرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب