مقالات
ملاحظات حول معنى الحدود السياسية في الوطن العربي. بفلم د-عزالدين حسن الدياب
بفلم د-عزالدين حسن الدياب

ملاحظات حول معنى الحدود السياسية في الوطن العربي.
بفلم د-عزالدين حسن الدياب
تبدأ هذه الملاحظات من أطروحة تقول: “إنّ حدود القطر العربي الواحد،هي حدود الوطن العربي كله*”،وهذه الأطروحة،تاتي بمثابة مقدمات،لم ستقول بعد حين حيث ،ترى صحتها،لتشهر أنً المقدمات الصحيحة تاتي بنتائج صحيحة.
وأولى المقدمات اعتماد الرأي الذي يرى أن مسألة الحدود لابد أن تكون مبنية،على ملاحظة مباشرة،قام بها الباحث خلال بحثه وتنقيبه في المحددات الثقافية”1″ التي تحدد معنى الحدود”2″في وعي الإنسان العربي،وردود فعلها داخل شخصيات الأفراد،
حسب انتماءاتهم المحلية/الجهوية،في أكثر من قطر عربي،
وخاصة الحدود السياسية السورية اللبنانية،والحدود السياسية السورية الأردنية ،والسورية العراقية،والسورية المصرية،وفي أكثر من مطار من مطارات الأقطار العربية.
إنّ الثقافة العربية مكَوَّنة، ومشكلة من ثقافات الأقطار العربية،ونجد في هذه الثقافة الوحدة والاختلاف والتنوع،
وفيها أيضاً مستويات من الخصوصية الوطنية،التي تشكل
لحظة من لحظات القومية والعروبة والاسلام الثقافي.
ونفترض،بناء على المشاهدة،أنّ هذه الخصوصية الثقافية
تشكل حدوداً ثقافية آنية :فرد/فرد-جماعة/جماعة، تزول عندما
يبدأ الحوار بين فرد/فرد،وتزول معها ردود الفعل،لأنّ المتشابهات
بين الثقافات المحلية والوطنية والقومية لها دورها في تصعيد معنى الأخوة العربية،بفعل ماهو ثقافي وتاريخي،ومعاني عربية واحدة لمفهوم الوحدة العربية.ودور اللغة العربية،في فهم المعنى المشترك للوحدة،المسكون بوعي فطري للعروبة،ومالها من تجليات في الشخصية العربية
الاجتماعية/الثقافية
توجد حدود سياسية بين الأقطار العربية،ولاتوجد حدود طبيعية،والحدود السيياسية،تشكل خلفية للولاءات القطرية،التي تقوي ولاءاتها الأنظمة العربية،والعدوانية الغربية الصهيونية،التي تقوي بدورها الثقافة القطرية،التي تتحرك من خلفية ثقافية انقسامية/إنفصالية.
ومن المعروف أنّ من خصائص الثقافة امتلاكها،إلى جوانب ثوابتها،من أعراف وتقاليد وقيم،وعناصر مادية وفكرية متغيرة، بفعل التطور والتقدم،وما للاتصال الثقافي، الذي بات محكوماً للسياسات الثقافية العالمية من كونه متغيرا رئيساً في الثقافة،وما أضافت له ثورة المعلومات،ومواقع التواصل الاجتماعي من قدرات في تغيير بنية الثقافة.
وتدلنا الدراسات الثقافية،التي قام بها علماء الأنثروبولوجيا الثقافية في أنحاء كثيرة من العالم،بحثا عن الكيفية التي يتدخل بها علماء الثقافة لإدخال متغيرات ثقافية في ثقافة يريدون تغيير جبلتها،وخصوصاً معالمها الرئيسة،التي تقول بالثقافة العربية،أو الألمانية،والروسية..إلخ.
وترشدنا الدرسات الأنثروبولوجية الحقلية لثقافات العالم التي تقوم بها مراكز البحث الأنثروبولوجي الثقافي انّ ثمة سياسات ثقافية أمريكية تقود مراكز البحث متعددة المهام التي تحددها وتوجهها تلك السياسات المهتمة بالوطن العربي، من أجل تكوين ثقافة/ثقافة-قطر/أمة،بمعنى أن تصبح ثقافة قطر/ثقافة أمة،بحيث تصبح الثقافة اللبنانية،على سبيل المثال،ثقافة/قطر-ثقافة أمة،وقل ذلك في باقي الأقطار العربية
وهذا معناه أن تتحول الحدود السياسية بين الأقطار العربية،
إلى حدود ثقافية،الأمة السورية،الأمة المصرية،الأمة التونسية
الأمة السودانية،الامة العراقية،والأمة الكويتية..إلخ.
وأبانت الدراسات الأمريكية،التي نشطت في أعقاب الانفصال،انها كانت معنية بتوابع هذا الانفصال،على القيم القومية،وعلى المشاعر الوحدوية،من أجل أن تتمكن سياساتها الثقافية من تعزيز ثقافة/ثقافة-ثقافة/قطر/ثقافة أمة،كما لاحظنا نشاط السياسة الثقافية الأمريكية في الكويت في أعقاب ماسمي آنذاك ب”تحرير الكويت ” تمهيداً لتكون مقدمات لبناء ثقافة/قطر -ثقافة/أمة-ثقافة الكويت/الكويتية،وما يجري الآن في العراق في أعقاب العدوان الأطلسي على العراق،بقيادة الإمبريالية الامريكية،وبتوجيه من السياسة الثقافية الصهيونية،على طريق تأسيس ثقافة-شيعية/ثقافة عراقية/ثقافة أمة .
* يرجى الرجوع إلى الفصل السابع من كتابي:” في فكر ميشيل عفلق-الأزمنة-عمان -ط1-2009-معنى الحدود في فكر البعث-قراءة انثروبولوجية لمسألة الحدود في الوطن العربي-ص171-207
1- هناك تعريفات متنوعة ومتعدد ة للثقافة من وجهة نظر علماء الانثروبولوجيا الثقافية،وفي مجملها تدور حول مكونات الثقافة من عناصر مادية وروحية وأعراف ،وتقاليد،وقيم، وفن
وفكر وتراث…إلخ.
2- من هموم الأنثروبولوجيا الثقافية وضع المعاني الصحيحة
والسليمة للظواهر الاجتماعية/الثقافية،على النحو الذي يتداوله الناس حول ظاهرة من الظواهر البنائية،ويهتم التحليل الأنثروبولوجي الثقافي،وهو يحلل الظواهر الثقافية،وضع المعنى الصحيح للظاهرة المدروسة،حتى يستوعب التحليل كل مكونات هذه الظاهر،لأنّ إغفال جزء من هذه المكونات،يقود إلى نتائج خاطئة .
د-عزالدين حسن الدياب