الثوره بين تراكم الوعي والعقل الجمعي
بقلم/ أبو بكر ضياء الدين
صحيفة الهدف السودانية
نعم نحتاج لإعادة كتابة وقراءة تاريخنا الوطني (القديم والحديث)، ففيه ومن خلاله نفهم الحاضر، ومنه نحدد اتجاهات المستقبل، ولنتذكر، وعلى الدوام، لسنا أصحاب (التفكير المجرد) من الغاية، فالإنسان السوداني (الهدف من الارتقاء وفي ذات المنحى هو وسيلة السعي وهو وحدة من بيده قرار البلاد ).

انطلاقا من هذه المسلمة البديهية، وجب الإعداد لبرنامج النهوض الوطني المتكامل، هذا البرنامج، وبرغم وجود منهج التحليل العلمي الجدلي التأريخي، يجب أن لا يدفع باتجاه الإنابة عن الشعب في (وضعه) لأن السمات المرافقة له من سمات (الشعبية والجماهيرية ووو.. الخ) تجعل الانتباه ينصب نحو خطو المعرفة الأولى وهو: (لسنا إلا نتاج أمتنا)، وما دام – البعض – قد استطاع، وعيا وفعلا، إحداث التغيير في (ذاته وموضوعه)، فرفض هذا الحاضر/ المأزوم؛ فإن الشعب قادر، وبتعبيرات أوسع وأنجع، على رفض هذا الواقع الذي لا يلبي التطلع أو يستجيب لحاجاته.
بالتالي على (المناضل الثائر) الإمساك بمقعد المتتلمذ على يد الشعب، في الوقت الذي وجب أن يتقدمه تمثلا لإرادته، وتحقيقا لطموحاته، وإطلاقا لممكناته، وتوظيفا لقدراته، ودفاعا عن مصالحه ومستقبله.

ذلك لن يحدث أو يتحقق ب(التمثيل الديمقراطي) المجرد، بل عبر التفاعل الإيجابي الذي يراكم الوعى ويحدثه. (الديمقراطية) مطلب شعبي، لكنها ترتبط في نتائجها الكلية والنهائية بمستوى الوعي الشعبي، وهذه (المعضلة) مخرجها بالمزيد من ممارستها، والحارس هنا لجني قطوفها هو (تراكم الوعي الناتج من حاصل التفاعل فيها ومن خلالها).

لا نملك (عصا موسى عليه السلام) فنحقق ما نصبو إليه في الحين الذي نريد، وندرك أن البناء، الاقتصادي والعمراني، أسهل بكثير من التغيير في الإنسان والمجتمع، فسنوات التخلف والانقطاع عن ركب التقدم وغياب السلطة (الوطنية) قد راكم من السلبيات في ذات الفرد والمجتمع الكثير مما يحتاج للهدم وإعادة البناء.

المهم في الوقت الذي نعمل فيه على إحداث هذا التغيير عبر الإيمان والوعي وتحمل المسؤولية؛ نجد أن هذا التغيير يرتبط بعملية جدلية، هي خلاصة للتشابك والترابط، والتخطي والتجاوز والاستقلالية والتكامل لكل عوامل التداخل في مكونات (الوطن والوطنية)، وفي (مؤثرات العملية السياسية والثورية النهضوية)، والأهم، ولخلق النجاح في هذا المسعى، يتوجب علينا حفر (جمامة) الوعي الذي بثته الانتفاضات الشعبية في تأريخنا الحديث للحركة الوطنية .

على رغم التباين في مراحل تلك (الانتفاضات الشعبية) والاختلاف في دوافعها؛ لكنها تمت وفق (القاسم المشترك الأعظم) المتمثل في (شعبيتها)، وفي دوافعها واتجاه أهدافها ووسائلها وشعاراتها وحتى هتافاتها.
نستطيع أن نجذر سمتي (الشعبية والجماهيرية) مع السمة الملحة وهي (الثورية) فيتحقق (الجدل) ونجدد الوعي في المجتمع ونخلق فيه روح التطلع المتفائل المتفاعل بين أجزاء جغرافيته الواسعة وإنسانه صاحب المعاناة ورغبة الثورة والتغيير، فتحدث في جماهير الشعب وحدة النضال والمقاومة المؤمنة بتحقيق ما تريد متى ما كان ذلك يتخلق في داخلها حقا في الحياة الحرة الكريمة.

اذاً ثورة الشعب تنتظر، بإلحاح، (تكثيف الزمن النضالي) من خلال بث (الوعي المتراكم) مع خلق (العقل الجمعي) عبر التفاعل الإيجابي الخلاق، وبالتواجد وسط الجماهير في الوقت الذي تتقدمه عبر القيادة الناتجة من استعداد التضحية في خطو المسير إلى أهداف هي (المشترك الأعظم )، بالتالي الوعي يحدث الثورة، والثورة تراكم الوعي، والإثنين يحدثان وحدة النضال، الذي بدوره يحدث نضال الوحدة، فتترسخ (الثوابت الوطنية)، وينهض إنسان السودان بوطنه وينهض الوطن بإنسانه.
Post Views: 22
زر الذهاب إلى الأعلى
Thumbnails managed by ThumbPress
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب