مقالات
هل الثقافة الماسونية تشكل تهديدا للمستقبل العربي؟ بقلم الدكتور عزالدين حسن الدياب
بقلم الدكتور عزالدين حسن الدياب

هل الثقافة الماسونية تشكل تهديدا للمستقبل العربي؟
بقلم الدكتور عزالدين حسن الدياب
بين العقد الخامس والسادس من الألفية الثانية،كان القراء في الوطن العربي يتداولون كتابا عن الماسونية، من تأليف،وترجمة عباس محمود العقاد،وفيه إشارات وتوضيح،وذكر لمبادىء الماسونية العالمية،التي بقيت تسرح وتمرح،في عقول كثرة من المثقفين والمتنورين العرب،وكان لها مقرات وأنشطة في كثير من العواصم والبلدات العربية،يأتي اليها من يشاء،ويذهب عنها من يشاء.
وعودة إلى ذلك الكتاب،لاستيضاح ماذا كانت تريد الماسونية من وراء مبادئها وأطروحاتها،ومن كان المستهدف منها؟
كانت الماسونية،كما كان يريد لها من المؤسسين لها، أن تصبح على مر السنين ثقافة للمجتمعات بأسرها،عدا شعب الله المختار،كما يراها من وقف منها موقفاً نقدياً آنذاك.
ومن منظور أنثروبولوجي،يرى أنّ الثقافة الماسونية بالعادات والقيم والأخلاق والأعراف وفكر ودين وروحانية،وماتساعد في صنع الأدوات المادية المعدة للاستعمال من قبل الناس،تلك المفتوحة لتطورات وابتكارات ستصب في نهاية الامر في خدمة الثقافة الماسونية/الصهيونية.
إذًن، ماهي هذه الثقافة،وماهي وجهتها،وما هو جمهورها؟
يريد الجواب أن يكون مختصرا،ويتناول الأفكار الكبرى المؤسسة لهذه الثقافة؟
قلب القيم والأفكار الراهنة،واستبدال الأخلاق بما يعاكسها تماما،وتوفير الآليات ،بل قل الحضارة المادية التي تخدم هذه الثقافة الماسونية ،وقيمها الكبرى.
وبدأ مشوار الثقافة الماسونية،باخلاء الثقافة المسيحية الشرقية،من أسانيدها وقيمها الأخلاقية ،واستبدالها بقيم وأخلاق تغير سحنتها،بحيث يصبح المحلل حراما،والمحرم حلالاً،وما يتأتى عن ذلك من ابتعاد عن قيم المسيحية الشرقية،بما يخدم المسحية الصهيونية،وهناك أمثلة وشواهد على هذا الاستبدال،وخاصة في الميدان الفكري والسياسي،والشاهد على ذلك موقف العدوانية الغربية،والامريكية من القضايا العربية المصيرية،وخاصة القضية الفلسطينية،بوصفها القضية العربية المركزية.
ومن الأمثلة التي تخص القضايا الأخلاقية التبشيرية سندا لوحدة الأسرة والعائلة،والمجتمع بشكل رئيس،تفكيك الأسرة بالاباحية الجنسية،وتفكيك الروابط التي تربط الأبناء بالوالدين،والأقارب،تداول ثقافة عدم التفرقة الأخلاقية والنوعية بين الذكور والإناث.وإشاعة ثقافة الفساد بكل أنواعه ومستوياته ومضامينه،السياسي والأخلاقي والإداري،وصولا إلى العلاقات الاجتماعية اليومية ،وفي قمة هذا الفساد فساد الدولة،ومؤسساتها ومراكزها،وفساد النظم السياسية،ومالها من مؤسسات ونقابات وإدارات وأحزاب،وفساد المؤسسات المدنية ومن في حكمها.
ولايسع هذه المقاربة من ثقافة الماسونية،أن تاتي بأمثلة وشواهد،تغطي كل ماعليه هذه الثقافة من خروج على قيم المجتمع ومرتكزاته القيمية والأخلاقية والوجدانية،وحلاله وحرامه.وتحيل القارىء إلى البنى الاجتماعية في العالم لقراءة توغل الثقافة الماسونية الصهيونية في ثقافات الشعوب،وخاصة في مجتمعنا العربي الذي أصبح رهينة لهذه الثقافة الماسونية،وخاصة الفساد في نظمه السياسية.
فهل لنا بوثبة ثقافية نابعة من قيمنا وأصالتنا العربية،تضع حدا للثقافة الماسونية،وتحول دون بلوغها قيمنا الكبري، وهل لنا بجيل عربي جديد يعيد صياغة مواقفه وولاءاته وانتماءاته،بما يرتقي ويصل إلى مستوى التحديات التي تواجهها الأمة العربية،في معركة مستقبلها،قبل أن يفوت الأوان،مثلما فاتنا في أندلسنا،وأميتنا،وحتى تاريخنا الراهن والمعاصر،وفي فلسطيننا جوهرة عروبتنا.
* هذا الكتاب المنسوب آنذاك للعقاد،كان يتداوله شباب الأمة العربية،في أغلب الجامعات العربية،خلال عقد الخمسينات والستينات من الألفية الثانية.حيث كانت الحركة الوطنية والقومية تستقطب إلى صفوفها أغلبية أبناء الأمة،وكانت الأحداث العربية الشغل الشاغل لهم،وكانت الإرادة الشعبية تتجاوب في حدودها القصوى،مع أحرار الحركة العربية.
*أتمنى على مراكز الأبحاث في الوطن العربي،والتي تشير أدبياتها إلى اهتمامها بالجيوب الثقافية الماسونية في الوطن العربي،وتدرسها حقليا وميدانيا،فالأمة في معركة مستقبلها،بحاجة للمراكز التي تضع دراساتها وأبحاثها في خدمة معركة المستقبل العربي.والابتعاد عن التشاطر في احتساب دراساتها من أجل القضايا العربية،لأن القضايا في التحليل الأخير،هي قضايا المصير العربي.وهي أولوياته.
د- عزالدين حسن الدياب -15-9-2023