مقالات

من توقف المفاوضات إلى خطة الاحتلال الكامل : كيف تستخدم إطالة الحرب لتغيير ملامح فلسطين والمنطقة بقلم مروان سلطان – فلسطين

بقلم مروان سلطان – فلسطين

من توقف المفاوضات إلى خطة الاحتلال الكامل : كيف تستخدم إطالة الحرب لتغيير ملامح فلسطين والمنطقة

بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

10.8.2025

——————————————

في الوقت الذي يراقب فيه العالم تطورات الحرب على غزة، يبدو أن إطالة أمدها ليست نتيجة الصدفة أو تعثر الميدان، بل جزء من خطة مدروسة تتجاوز حدود القطاع. من توقف المفاوضات المفاجئ ، وانسحاب المفاوضين الاسرائيلين والامريكان ، ومن ثم إلى الإعلان عن احتلال غزة بالكامل، تتكشف ملامح استراتيجية أوسع تستهدف إعادة تشكيل الواقع في فلسطين، وتهيئة الأرضية لمرحلة جديدة في الضفة وغزة ضمن معادلات “الشرق الأوسط الجديد”

لذا يبدو أن استمرار الحرب في غزة ينبئ عن تبني إسرائيل استراتيجية للتأسيس لمرحلة جديدة تتناسب مع الواقع المستجد في الشرق الأوسط الجديد وعليه فان عاملان رئيسيان يوضحان تبني هذا التوجه:

أولهما، أن المفاوضات التي كانت جارية بسلاسة ودون تعقيدات في قطر توقفت دون سابق إنذار، وأُعلن من الجانب الأمريكي والإسرائيلي عن تعثرها، الأمر الذي فاجأ الجانبَين المصري والقطري اللذين كانا منخرطين في وساطتهما.

وثانيهما، الإعلان مباشرة عن التوجه لاحتلال غزة كاملة، بعد أن كانت إسرائيل قد أنهت للتو عمليات “عربات جدعون” وأعلنت الانتهاء منها.

هذه السياسة في مواصلة الحرب على غزة كانت الشرارة التي فجرت مخططات إسرائيل للهجوم على العديد من دول المنطقة. وما زالت الحالة التي فرضتها إسرائيل، وبدعم لوجستي وسياسي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قائمة بين التوتر تارة والهدوء النسبي تارة أخرى.

في غزة، تسمح الإطالة بإحداث تغييرات بنيوية في المجتمع والبنية التحتية والسيطرة الأمنية، لتسهيل فرض واقع جديد بعد الحرب.

وفي الضفة الغربية، تُمنح إسرائيل وقتًا لتكثيف الاستيطان، وتفكيك أي بنية مقاومة، وربما إعادة رسم حدود أو صلاحيات السلطة. فقد بتنا نسمع صباح مساء عن التوجه لتفكيك السلطة الفلسطينية، على لسان وزراء في الحكومة الإسرائيلية.

احتلال مدينة غزة، في أي حال من الأحوال، لا يخدم قضية الرهائن الإسرائيليين للبقاء على قيد الحياة أو حتى الإفراج عنهم وهم أحياء. ومن جانب آخر، فإن الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين ستكون بلا شك مرتفعة، ما يعني ارتقاء الكثير من الشهداء والجرحى، الأمر الذي سيرفع من تكلفة الحرب على المدنيين. ويبقى السؤال: هل الضغط العسكري الجديد سيفرض على حركة حماس تقديم تنازلات مرضية لإسرائيل؟

الجيش الإسرائيلي رفع صوته محذرًا بأن الدخول إلى غزة له كلفة عالية، أولًا على حياة الرهائن الإسرائيليين، بالإضافة إلى الخسائر البشرية بين الفلسطينيين، رغم أن إسرائيل وجيشها لا يعيران اهتمامًا يذكر للخسائر في صفوف الفلسطينيين. وذكر الجيش أن التكلفة اليومية لخطة اجتياح غزة تبلغ مئة مليون دولار يوميًا، وأن تنفيذ خطة احتلال غزة يحتاج من ثلاثة إلى ستة أشهر، ما يعني تكلفة باهظة. وفي مبرراته الرافضة لاحتلال غزة، يلمّح الجيش للمستوى السياسي بعدم الرغبة في الدخول في هذا المستنقع.

وبالرغم من ذلك، فإن المستوى السياسي يريد تنفيذ هذه الخطة لاعتبارات سياسية كولونية تفضي إلى مرحلة جديدة على المستوى الفلسطيني، خاصة أن إسرائيل باتت ترفض العيش مع التهديدات المحيطة بها.

هذه المعطيات تعني أن الحرب على غزة ليست مجرد صراع عسكري محدود الزمن أو الهدف، بل هي جزء من خطة أوسع، حيث تُستغل إطالتها عمدًا لتهيئة الظروف السياسية والميدانية لإعادة تشكيل الواقع في فلسطين والمنطقة. وبالمختصر، فإن هذه الاستراتيجية تربط بين زمن الحرب والتحولات السياسية العميقة التي يجري الإعداد لها في المنطقة. فالحرب على غزة، وإطالة أمدها، باتت أداة ضمن مشروع إقليمي واسع قد يشمل إعادة التحالفات، وتطبيعًا أوسع، أو هندسة سياسية تخدم مصالح القوى الكبرى وإسرائيل.

في اعتقادي، أن كل ما يحدث يفترض أن قيادتنا تعي تلك التوجهات، وأن الموقف يتطلب من الجميع الوقوف جميعا امام تلك المرحلة الصعبة التي تواجه الشعب الفلسطيني وأن يكونوا على قدر المسؤولية لمواجهة هذه التحديات، عبر الوقوف في الصف الأول من المواجهة للدفاع عن الوجود الفلسطيني، ضمن خطط الدعم والصمود للشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب