
“15” أكتوبر والتوالي في الوعود الزائفة
كتب: علي الدوش
#الهدف_آراء_حرة
حينما شملت الأزمة في عهد الإنقاذ كافة مرافق الحياة كانت ردة فعل الشعب متمحورة في تجاوبه مع أُطروحات القوى السياسية لحل الأزمة عبر انتفاضة شعبية للتغيير وبدأت إرهاصات ثورة ديسمبر تطفو على السطح بتباشير الانعتاق والمضي قدماً نحو الأفضل فكانت الثورة كنتاج فعل ثوري تراكم منذ البيان الأول للإنقاذ في “29 يونيو 1988م”، وأحدثت الثورة ما أحدثته مما حُسِب لها وعليها حسب إنطلاقتها بشعاراتها التي تمثلت في “الحرية والسلام والعدالة” فكان شعار الحرية هو ترياق سياسة النظام الشمولي في القهر وتكميم الأفواه لتعم دوائر الجهل الداعم لسياسة التمكين التي كانت تتبعها الدولة كما جاء شعار السلام كترياق لحالة الاقتتال والتفسخ القبلي التي كانت تكتنف بعض الولايات الغربية داخل وطننا الحبيب كما رفعت الثورة شعار العدالة لمحاكمة المفسدين الذين عاسوا فسادهم تحت مظلة التمكين وهم آمنون من العقاب بفضل المحاصصة للمكون الذي يقود البلاد بخداعه المأفون الذي كشفته الثورة مما جلب لها العداء المحكم لها ولشعاراتها ولرموزها، وفي هذا الخضم وتلاطم أمواجه المرتفعة طلع علينا البرهان بانقلابه على الفترة الانتقالية التي أقسم قسمه المغلظ أمام العالم في احتفالية توقيع الوثيقة الدستورية بحمايتهما معا حانثاً بقسمه الذي أقسمه على نفسه أمام المجتمع العالمي دون حياء معتمداً على دعمه من قبل اللجنة الأمنية ومشايعيها علاوةً على أعداء الثورة في محيطها الإقليمي والدولي، وقد تجلى ذلك في مباركة رأس الكيان الغاصب في الساعات الأولى من صبيحة الانقلاب والذي سبق وأن طبع معه ومنحه فرصة التجول داخل ردهات التصنيع العسكري كأول بادرة يشهدها العالم في إباحة أسرار دولة تندرج ضمن الخطط الاستراتيجية، وما انفك قائد الانقلاب يقدم الوعود الزائفة التي ملها المواطن وفقد الثقة من خلالها في إدارة الدولة
فقد كان وعده الأول في تلاوة بيانه الذي أتى بعد “9” ساعات من ساعة صفره التي نفذه فيها وكان حينها أن الشعب قد أطلق حكمه على الانقلاب بالرفض التام بشعار “الجوع ولا الكيزان”، حيث وعد بتصحيح المسار وتعيين رئيس وزراء خلال ثلاثة أيام وتشكيل مجلس التشريع خلال ثلاثة أشهر وعجز عجزه المبين بفضل الضربات التي تلقاها من حراك الشارع الذي أسقط الانقلاب بصورة أسرع من لمحة البرق، ثم دار حراك الثورة وأنتج مشروع لجنة المحاميين كعمل مستقبلي لحكم البلاد تحت مظلة التداول السلمي الديمقراطي للسلطة والذي لم يرُق للمكون العسكري بشقيه الدعم السريع والقوات المسلحة حينما كانوا متفقين في السلطة وهدفهم قمع الثورة والثوار وشايعهم في عدم القبول الفلول والسدنة من أصحاب الردة، ما جعلهم يظهرون الرضا عنه وتناولوه وعدلوا فيه بما يخلصهم من المساءلة القانونية في ما اقترفوه بحق الثورة والثوار ومن قبلهم الشعب طيلة الثلاثة عقود العجاف وألقوا به في حوش الحرية والتغيير كمقدوف إنشطاري أنتج المعركة التي نعيش فصولها وبكل مراراتها من مضاعفات.
وتوالت الوعود الزائفة لتخدير المواطن بحسم التمرد خلال ثلاث ساعات ثم إلى ثلاثة أيام ثم خمسة عشر يوماً ثم خلال فرحة عيد الاضحي، ثم بعد أن تبين لهم عجزهم بطول الأمد وعدوا بأن يوم “15” أكتوبر “الموافق اليوم الأحد” هو يوم العودة المفوجة عبر البصات السياحية المجانية كحقنة للتخدير الكامل في الانتظار عل الله يحدث أمرا، استشهد من استشهد وهو يحدوه الأمل في عودته لدياره وبقي من بقي ليعيش زيف الوعود في يومها الموعود وها قد بلغ من كتب له الله الحياة يوم “15” أكتوبر ولا جديد تحت الشمس، فالمسغبة دوائرها مكتملة والشتات في أعظم أوجهه من نزوح ولجوء، وقد سئم الشعب الحياة تحت مظلة اقتتال طال أمده ولا طائل منه حسب ما هو معاش وسيخرج هذا الشعب معبراً عن طموحاته في الأمن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة سيما أنه اختزن كما هائل من أدوات تحطيم حواجز الخوف ولابُد أن يكون النصر حليف لإرادة الشعوب كما أثبتت التجارب فالثورة مستمرة ويجب أن تستمر لإيقاف هذا العبث بحياة الشعب وممتلكاته..
______