مقالات
ما يتعدى مذكرة معاشيي القوة ذات الشوكة.. كتب: عبد الله رزق أبو سيمازة
كتب: عبد الله رزق أبو سيمازة

ما يتعدى مذكرة معاشيي القوة ذات الشوكة..
كتب: عبد الله رزق أبو سيمازة
#الهدف_آراء_حرة
مع أن مداخلات العسكريين في الشأن العام عبر المذكرات، منذ مذكرة الملازم على عبداللطيف، قبل مائة عام، حتى مذكرة الجيش الشهيرة في الديموقراطية الثانية، يمكن اعتبارها أمراً عادياً، إلا أن المخيلة الشعبية ظلّت تُحاصر دور العسكريين “بالخدمة أو بالمعاش” خلال الازمات، ضمن توقعات محدودة، ومغايرة.
تكمن أهمية مذكرة معاشيي الجيش، في صدورها من شريحة تنتمي للقوة ذات الشوكة، وتستند في تعاطيها مع أزمة “15 أبريل” للمعرفة العسكرية، وللخبرة المكتسبة عبر سنين طويلة من العمل داخل القوات المسلحة، وعلى أعلى مستوياتها، بما يُكَرِّس هذه الشريحة مرجعاً مهنياً، في مجال الاختصاص، ويُعطي رأيها أرجحية وثقلاً نوعياً..
وقد تزامن صدور المذكرة، التي تم تسليمها للجنرال عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة وللجنرال محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، مع اقتراب إكمال الحرب شهرها السادس دون حسم، وبدا أنه لم يُعد لاستمراريتها لشهر أو ستة أَشهُر أُخرى، من معنى غير تأكيد عبثيتها التي يدفع ثمنها المواطنين قتلاً وتشريداً، مثلما ترافق مع انكشاف علاقة الإسلاميين بالحرب وبتوريط الجيش فيها.
وتعتبر هذه المذكرة الأولى من نوعها خلال السنوات الخمس الماضية “على الأقل” إذ تتميز بكونها تُجسِّد نهجاً مغايراً لنمط التفكير والسلوك الانقلابي للعسكر التقليديين، وتنحو للعصف الذهني والمقاربة الموضوعية للأزمة.
لذلك كانت المذكرة وليدة نقاشات واسعة استمرت لأكثر من شهر “وفق شهادة بعض المشاركين” حتى تبلورت في نهاية سبتمبر الماضي، شارك فيها العشرات من الضباط المعاشيين من مختلف الرتب، الذين لا يُمكن التقليل أو القدح في نزاهة دوافعهم ووطنيتهم وانتمائهم الصميمي للمؤسسة العسكرية، والذين يشكلون بالتالي إضافة نوعية لقوى الجبهة العريضة المناهضة للحرب.
قد لا تقتصر المذكرة على التعبير عن موقف الضباط المعاشيين المشاركين في إعدادها، وهذا أحد جوانب أهميتها، فقد تتخطاهم إلى آخرين في المعاش او الخدمة، حين تنتحي باتجاه تشكيل رأي عام وسط القوة ذات الشوكة بشأن الموقف من الحرب.
تدعم المذكرة المطالبة الواسعة بوقف الحرب، من منطلق فني، بعد أن ظلت تصدر من مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمدنية مستندة لحيثيات سياسية واقتصادية وإنسانية …إلخ.
وتأسيساً على قناعة بلورتها المناقشات وسط الضباط المعاشيين مفادها “وفق أحد المشاركين” أن “الصراع لا يُمكن حسمه عسكرياً وفق معطيات الميدان، ولا سبيل لإنهائها إلا عبر وقف دائم لإطلاق النار ومن ثَمَّ بدء حوار عسكري – عسكري، وعسكري – سياسي، وسياسي – سياسي، بين كل مكونات وكيانات الشعب السوداني لمخاطبة الجذور والأسباب الكامنة وراء متلازمة الحرب التي ترهق كاهل البلاد منذ الاستقلال”..
لذلك فان المذكرة تُسهِم في فضح دعاة الحرب وتكشف عزلتهم وتهافت منطقهم، وتعزز من ثم جهود وقف الحرب.
تؤسس المذكرة لدور تكميلي يمكن أن يقوم به الضباط المعاشيون في التوسط بين طرفي الحرب للوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، وفي الإعداد والتهيئة للحوار العسكري – العسكري، خاصةً الذي تقترحه المذكرة، ضمن الحوار متعدد الأطراف من أجل إيجاد تسوية للنزاع.
_______
#لا_للحرب
#لازم_تقيف